وأما ما وجد في القرآن مما صورته صورة الموزون فالجواب عنه أن ذلك لا يسمى شعرا لأن شرط الشعر القصد ولو كان شعرا لكان كل من اتفق له في كلامه شيء موزون شاعرا فكان الناس كلهم شعراء لأنه قل أن يخلو كلام أحد عن ذلك وقد ورد ذلك على ألسنة الفصحاء فلو اعتقدوه شعرا لبادروا إلى معارضته والطعن عليه لأنهم كانوا أحرص شيء على ذلك وإنما يقع ذلك لبلوغ الكلام الغاية القصوى في الإنسجام .
وقيل البيت الواحد وما كان على وزنه لا يسمى شعرا وأقل الشعر بيتان فصاعدا وقيل الرجز لا يسمى شعرا أصلا وقيل أقل ما يكون من الرجز شعرا أربعة أبيات وليس ذلك في القرآن بحال .
الخامس .
5316 - قال بعضهم التحدي إنما وقع للإنس دون الجن لأنهم ليسوا من أهل اللسان العربي الذي جاء القرآن على أساليبه وإنما ذكروا في قوله قل لئن اجتمعت الإنس والجن تعظيما لإعجازه لأن للهيئة الإجتماعية من القوة ما ليس للأفراد فإذا فرض إجتماع الثقلين فيه وظاهر بعضهم بعضا وعجزوا عن المعارضة كان الفريق الواحد أعجز .
وقال غيره بل وقع للجن أيضا والملائكة منويون في الآية لأنهم لا يقدرون أيضا على الإتيان بمثل القرآن .
قال الكرماني في غرائب التفسير إنما إقتصر في الآية على ذكر الإنس والجن لأنه كان مبعوثا إلى الثقلين دون الملائكة .
السادس .
5317 - سئل الغزالي عن معنى قوله تعالى ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا .
فأجاب الإختلاف لفظ مشترك بين معان وليس المراد نفي إختلاف الناس فيه بل نفى الإختلاف عن ذات القرآن يقال هذا كلام مختلف أي لا يشبه أوله آخره في الفصاحة أو هو مختلف الدعوى أي بعضه يدعو إلى الدين وبعضه يدعو إلى الدنيا وهو مختلف النظم فبعضه على وزن الشعر وبعضه منزحف وبعضه