جعل لكل نبي من الأنبياء شرعة ومنهاجا وليس فيه دليل على ما قالوا لأن ما كان شريعة لموسى عليه السلام فلم ينسخ إلى ان بعث النبي ص - فقد صارت شريعة للنبي ص - وكان فيما سلف شريعة لغيره فلا دلالة في الآية على اختلاف أحكام الشرائع وأيضا فلا يختلف أحد في تجويز أن يتعبد الله رسوله بشريعة موافقة لشرائع من كان قبله من الأنبياء فلم ينف قوله لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا أن تكون شريعة النبي ص - ص - موافقة لكثير من شرائع الأنبياء المتقدمين وإذا كان كذلك فالمراد فيما نسخ من شرائع المتقدمين من الأنبياء وتعبد النبي ص - بغيرها فكان لكل منكم شرعة غير شرعة الآخر قوله D ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة قال الحسن لجعلكم على الحق وهذه مشيئة القدرة على إجبارهم على القول بالحق ولكنه لو فعل لم يستحقوا ثوابا وهو كقوله ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها وقال قائلون معناه ولو شاء الله لجمعهم على شريعة واحدة في دعوة جميع الأنبياء قوله تعالى فاستبقوا الخيرات معناه الأمر بالمبادرة بالخيرات التي تعبدنا بها قبل الفوات بالموت وهذا يدل على أن تقديم الواجبات أفضل من تأخيرها نحو قضاء رمضان والحج والزكاة وسائر الواجبات لأنها من الخيرات فإن قيل فهو يدل على أن فعل الصلاة في أول الوقت أفضل من تأخيرها لأنها من الواجبات في أول الوقت قيل له ليست من الواجبات في أول الوقت والآية مقتضية للوجوب فهي فيما قد وجب وألزم وفي ذلك دليل على أن الصوم في السفر أفضل من الإفطار لأنه من الخيرات وقد أمر الله بالمبادرة بالخيرات وقوله تعالى في هذا الموضع وأن احكم بينهم بما أنزل الله ليس بتكرار لما تقدم من مثله لأنهما نزلا في شيئين مختلفين أحدهما في شأن الرجم والآخر في التسوية بين الديات حين تحاكموا إليه في الأمرين قوله تعالى واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك قال ابن عباس أراد أنهم يفتنونه بإضلالهم إياه عما أنزل الله إلى ما يهوون من الأحكام أطماعا منهم له في الدخول في الإسلام وقال غيره إضلالهم بالكذب على التوراة بما ليس فيها فقد بين الله تعالى حكمه قوله تعالى فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم ذكر البعض والمراد الجميع كما يذكر لفظ العموم والمراد الخصوص وكما قال يا أيها النبي والمراد جميع المسلمين بقوله إذا طلقتم النساء وفيه أن المراد الإخبار