لكم من أبيكم إلى قوله فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي يقال إن الذي اقتضى طلبه للأخ من أبيهم مفاوضته لهم بالسؤال عن أخبارهم فلما ذكروا إيثار أبيهم له عليهم بمحبته إياه مع حكمته أظهر أنه يحب أن يراه وأن نفسه متطلعة إلى علم السبب في ذلك وكان غرضه في ذلك التوصل إلى حصوله عنده وكان قد خاف أن يكتموا أباه أمره إن ظهر لهم أنه يوسف وأن يتوصلوا إلى أن يحولوا بينه وبين الاجتماع معه ومع أخيه فأجرى تدبيره على تدريج لئلا يهجم عليهم ما يشتد اضطرابهم معه قوله تعالى يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة قال ابن عباس والحسن وقتادة والضحاك والسدي كانوا ذوي صورة وجمال فخاف عليهم العين وقال غيرهم خاف عليهم حسد الناس لهم وأن يبلغ الملك قوتهم وبطشهم فيقتلهم خوفا على ملكه وما قالته الجماعة يدل على أن العين حق وقد روي عن النبي ص - أنه قال العين حق قوله تعالى جعل السقاية في رحل أخيه ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون قيل أمر يوسف بعض أصحابه بأن يجعل الصاع في رحل أخيه ثم قال قائل من الموكلين بالصيعان وقد فقدوه ولم يدروا من أخذه أيتها العير إنكم لسارقون على ظن منهم أنهم كذلك ولم يأمرهم يوسف بذلك فلم يكن قول هذا القائل كذبا إذ كان مرجعه إلى غالب ظنه وما هو عنده وفيما توصل يوسف عليه السلام به إلى أخذ أخيه دلالة على أنه جائز للإنسان التوصل إلى أخذ حقه من غيره بما يمكنه الوصول إليه بغير رضا من عليه الحق قوله تعالى ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم روي عن يحيى بن يمان عن يزيد بن زريع عن عطاء الخراساني وأنا به زعيم قال كفيل قال أبو بكر ظن بعض الناس أن ذلك كفالة عن إنسان وليس كذلك لأن قائل ذلك جعل حمل بعير أجرة لمن جاء بالصاع وأكده بقوله أنا به زعيم يعني ضامن قال الشاعر ... وإني زعيم إن رجعت مسلما ... بسير يرى منه الفرانق أزورا ... .
أي ضامن لذلك فهذا القائل لم يضمن عن إنسان شيئا وإنما ألزم نفسه ضمان الأجرة لرد الصاع وهذا أصل في جواز قول القائل من حمل هذا المتاع إلى موضع كذا فله درهم وأن هذه إجارة جائزة وإن لم يكن يشارط على ذلك رجلا بعينه وكذلك قال محمد بن الحسن في السير الكبير إذا قال أمير الجيش من ساق هذه الدواب إلى موضع كذا أو قال من حمل هذا المتاع إلى موضع كذا فله كذا إن هذا جائز ومن حمله استحق الأجر