جيفة فكففنا وكف الناس حتى أتى النبي ص - فأخبرناه فقال استقوا فإن الماء لا ينجسه شيء فاستقينا وارتوينا وبما روي عن ابن عباس أن النبي ص - قال الماء طهور لا ينجسه شيء والجواب عن ذلك أنه قد حكي عن الواقدي أن بئر بضاعة كانت طريقا للماء إلى البساتين فهذا يدل على أنه كان جاريا حاملا لما يقع فيه من الأنجاس وينفله وجائز أن يكون سئل عنها بعد ما نظفت من الأخباث فأخبر بطهارتها بعد ا لنزح وأما قصة الغدير فجائز أن تكون الجيفة كانت في جانب منه فأباح ص - الوضوء من الجانب الآخر وهذا يدل على صحة قول أصحابنا في اعتبار الغدير وأما حديث ابن عباس فإن أصله ما رواه سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال اغتسل بعض أزواج النبي ص - في جفنة فجاء النبي ص - ليتوضأ منها أو يغتسل فقالت له إني كنت جنبا فقال رسول الله ص - إن الماء لا يجنب والمراد أن إدخال الجنب يده فيه لا ينجسه فجائز أن يكون الراوي سمع ذلك فنقل المعنى عنده اللفظ ويدل على أن معناه ما وصفنا أن من مذهب ابن عباس الحكم بتنجيس الماء بوقوع النجاسة فيه وإن لم تغيره وقد روى عطاء وابن سيرين أن زنجيا مات في بئر زمزم فأمر ابن عباس بنزحها وروى حماد عن إبراهيم عن ابن عباس قال إنما ينجس الحوض أن تقع فيه فتغتسل وأنت جنب فأما إذا أخذت بيدك تغتسل فلا بأس ولو صح أيضا هذا اللفظ احتمل أن يكون في قصة بئر بضاعة فحذف ذكر السبب ونقل لفظ النبي ص - وأيضا فإن قوله الماء طهور لا ينجسه شيء لا دلالة فيه على جواز استعماله وإنما كلامنا في جواز استعماله بعد حلول النجاسة فيه فليس يجوز الاعتراض به على موضع الخلاف لأنا نقول إن الماء طهور لا ينجسه شيء ومع ذلك لا يجوز استعماله إذا حلته نجاسة ولم يقل النبي ص - إن الماء إذا وقعت فيه نجاسة فاستعملوه حتى تحتج به لقولك فإن قيل هذا الذي ذكرت يؤدي إلى إبطال فائدته قيل له قد سقط استدلالك بالظاهر إذا وصرت إلى أن تستدل بغيره وهو أن حمله على غير مذهبك تخلية من الفائدة ونحن نبين أن فيه ضروبا من الفوائد غير ما ادعيت من جواز استعماله بعد حلول النجاسة فيه فنقول إنه أفاد الماء لا ينجس بمجاورته للنجاسة ولا يصير في حكم أعيان النجاسات واستفدنا به أن الثوب والبدن إذا أصابتهما نجاسة فأزيلت بموالاة صب الماء عليها أن الباقي من الماء الذي في الثوب ليس هو في حكم الماء الذي جاوره عين النجاسة فيلحقه حكمها لأنه إنما جاور ما ليس