تعالى ويدل على صحة التأويل الأول أنه قال وعزني في الخطاب فدل ذلك على أن الكلام إنما كان بينهما في الخطبة ولم يكن قد تقدم تزويج الآخر وقوله تعالى فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط يدل على أن للخصم أن يخاطب الحاكم بمثله وقوله تعالى لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه من غير أن يسئل الخصم عن ذلك يدل على أنه أخرج الكلام مخرج الحكاية والمثل على ما بينا وأن داود قد كان عرف ذلك من فحوى كلامه لولا ذلك لما حكم بظلمه قبل أن يسئله فيقر عنده أو تقوم عليه البينة به وقوله تعالى وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم علىبعض وهو يعني الشركاء يدل على أن العادة في أكثر الشركاء الظلم والبغي ويدل عليه أيضا قوله إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم قوله تعالى وظن داود أنما فتناه يدل على أنه عليه السلام لم يقصد المعصية بديا وإن كلام الملكين أوقع له الظن بأنه قد أتى معصية وإن الله تعالى قد شدد عليه المحنة بها لأن الفتنة في هذا الموضع تشديد التعبد والمحنة فحيئنذ علم أن ما أتاه كان معصية واستغفر منها وقوله تعالى وخر راكعا وأناب روى أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال رأيت رسول الله ص - سجد في ص وليست من العزائم وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي ص - قال في سجدة ص سجدها داود توبة ونحن نسجدها شكرا وروى الزهري عن السائب بن يزيد أنه رأى عمر سجد في ص وروى عثمان وابن عمر مثله وقال مجاهد قلت لابن عباس من أين أخذت سجدة ص قال فتلا علي أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتد ه فكان داود سجد فيها فلذلك سجد فيها النبي ص - وروى مسروق عن ابن مسعود أنه كان لا يسجد فيها ويقول هي توبة نبي وقول ابن عباس في رواية سعيد بن جبير أن النبي ص - فعلها اقتداء بداود لقوله فبهداهم اقتده يدل على أنه رأى فعلها واجبا لأن الأمر على الوجوب وهو خلاف رواية عكرمة عنه أنها ليست من عزائم السجود ولما سجد النبي ص - فيها كما سجد في غيرها من مواضع السجود دل على أنه لا فرق بينها وبين سائر مواضع السجود وأما قول عبدالله أنها ليس بسجدة لأنها توبة نبي فإن كثيرا من مواضع السجود إنما هو حكايات عن قوم مدحوا بالسجود نحو قوله تعالى إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون وهو موضع السجود للناس بالاتفاق وقوله تعالى إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى