لأن الحج قد فات ففات فعل الصوم بفواته وأيضا فإن ظاهره يقتضي سقوطه بوجوده قبل المسيس ولولا قيام الدلالة من غير الآية على جوازه لما أجزناه ومن الناس من لا يوجب كفارة الظهار بعد المسيس وأظنه مذهب طاوس ولكنه قد ثبت عن النبي ص - نهي المظاهر عن الجماع بعد المسيس حتى يكفر والله أعلم .
باب ذكر اختلاف الفقهاء فيمن دخل في صوم المتعة ثم وجد الهدي .
قال أصحابنا إذا وجد الهدي بعد دخوله في الصوم أو بعد ما صام قبل أن يحل فعليه الهدي ولا يجزيه غيره وهو قول إبراهيم النخعي وقال مالك والشافعي إذا دخل في الصوم ثم وجد الهدي أجزأه الصوم وليس عليه هدي وروي مثله عن الحسن والشعبي وقال عطاء إذا صام يوما ثم أيسر فعليه الهدي وإن صام ثلاثة أيام ثم أيسر فليس عليه هدي وليصم السبعة والدليل على صحة القول الأول قوله تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج ففرض الهدي قائم عليه ما لم يحل أو يمضي أيام النحر التي هي مسنونة للحلق فمتى وجده فعليه أن يهدي وبطل صومه ومعلوم أن الهدي مشروط للإحلال لأنه لا يجوز أن يحل قبل ذبح الهدي لقوله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمتى لم يحل حتى وجد الهدي فعليه الهدي لأن الله تعالى لم يفرق في إيجابه الهدي بين حاله قبل دخوله في الصوم وبعده ويدل على أن الهدي مشروط للإحلال قوله تعالى فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم فأمرهم بقضاء التفث بعد ذبح الهدي فإذا كان كذلك وجب أن يراعى وقوع الإحلال فإن صام رجل ثم وجد الهدي لم ينتقض صومه ولم يلزمه الهدي لوجود المعنى الذي من أجله شرط الهدي ثم نقل عند عدمه إلى البدل وهو بمنزلة المتيمم إذا وجد الماء بعد فراغه من الصلاة والعاري إذا وجد ثوبا والمظاهر إذا فرغ من الصوم ثم وجد الرقبة لأن الفرض قد سقط عنه فلا ينتقض حكم المفعول منه وأما قبل الفراغ من هذه الأشياء التي ذكرنا فإن حكم البدل مراعى فإن تم وفرغ منه فقد وقع موقع البدل وأجزى عن أصل الفرض وإن وجد الأصل قبل الفراغ مما شرط له انتقض حكمه وعاد إلى أصل فرضه ألا ترى أن دخوله في الصلاة مراعى ومنتظر بها آخرها لأن ما يفسد آخرها يفسد أولها فوجب أن يكون حكم التيمم بعد دخوله في الصلاة