دليلا على حدثها واحتج به على قومه فقال الله D وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه يعني في حدث الكواكب والأجسام تعالى الله عن قول المشبهة علوا كبيرا فإن قيل فهل يجوز أن يقال جاء ربك بمعنى جاء كتابه أو جاء رسوله أو ما جرى مجرى ذلك قيل له هذا مجاز والمجاز لا يستعمل إلا في موضع يقوم الدليل عليه وقد قال تعالى واسأل القرية التي كنا فيها وهو يريد أهل القرية وقال إن الذين يؤذون الله ورسوله وهو يعني أولياء الله والمجاز إنما يستعمل في الموضع الذي يقوم الدليل على ا ستعماله فيه أو فيما لا يشتبه معناه على السامع وقوله D وإلى الله ترجع الأمور6 فيه وجهان أحدهما أنه لما كانت الأمور كلها قبل أن يملك العباد شيئا منها له خاصة ثم ملكهم كثيرا من الأمور ثم تكون الأمور كلها في الآخرة إليه دون خلقه جاز أن يقول ترجع إليه الأمور والمعنى الآخر أن يكون بمعنى قوله ألا إلى الله تصير الأمور يعني أنه لا يملكها غيره لا على أنها لم تكن إليه ثم صارت إليه لكن على أنه لا يملكها أحد سواه كما قال لبيد ... وما المرء إلا كالشهاب وضوئه ... يحور رمادا بعد إذ هو ساطع ... .
وإنما عنى على أنه يصير رمادا لا على أنه كان رمادا مرة ثم رجع إلى ما كان قوله تعالى كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين الآية قيل فيه أنهم كانوا أمة واحدة على الكفر وإن كانوا مختلفين في مذاهبهم وجائز أن يكون فيهم مسلمون إلا أنهم قليلون في نفسهم وجائز إذا كان كذلك إطلاق اسم الأمة على الجماعة لانصرافه إلى الأعم الأكثر وقال قتادة والضحاك كانوا أمة واحدة على الحق فاختلفوا وقوله فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه فإن عبدالله بن طاوس يروي عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله ص - نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أن كل أمة أوتوا الكتاب قبلنا وأوتيناه من بعدهم فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه فهدانا الله له ولليهود غد وللنصارى بعد غد وروى الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي ص - نحوه إلا أنه قال هدانا الله له يوم الجمعة لنا وغدا لليهود وبعد غد للنصارى ففي هذا الحديث أن المراد بقوله فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه هو يوم الجمعة وعموم اللفظ يقتضي سائر الحق الذي هدي له المؤمنون ويكون يوم الجمعة أحدها والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب