أخذ شيء منها بقوله تعالى فلا تأخذوا منه شيئا وقوله تعالى ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن وإذا كان النشوز من قبلها أو خافا لسوء خلقها أو بعض كل واحد منهما لصاحبه أن لا يقيما جاز له أن يأخذ ما أعطاها لا يزداد وكذلك ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وقد قيل فيه إلا أن تنشز فيجوز له عند ذلك أخذ ما أعطاها .
وأما قوله تعالى فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا فهذا في غير حال الخلع بل في حال الرضا بترك المهر بطيبة من نفسها به وقول من قال إنه لما أجاز أخذ مالها بغير خلع فهو جائز والخلع خطأ لأن الله تعالى قد نص على الموضعين في أحدهما بالحظر وهو قوله تعالى وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وقوله تعالى ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا إلا يقيما حدود الله وفي الآخر بالإباحة وهو قوله تعالى فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا فقول القائل لما جاز أن يأخذ مالها بطيبة نفسها من غير الخلع جاز في الخلع قول مخالف لنص الكتاب وقد روي عن النبي ص - في الملع ما حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبدالرحمن بن سعد بن زرارة عن حبيبة بنت سهل الأنصارية أنها كانت تحت ثابت بن قيس بن الشماس أن رسول الله ص - خرج إلى الصبح فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغلس فقال رسول الله ص - من هذه قالت أنا حبيبة بنت سهل قال ما شأنك قالت لا أنا ولا ثابت بن قيس لزوجها فلما جاءه ثابت بن قيس قال له هذه حبيبة بنت سهل فذكرت ما شاء الله أن تذكر فقالت حبيبة كل ما أعطاني عندي فقال رسول الله ص - لثابت خذ منها فأخذ منها وجلست في أهلها وروي فيه ألفاظ مختلفة في بعضها خلي سبيلها وفي بعضها فارقها وإنما قالوا إنه لا يسعه أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها لما حدثنا عبدالباقي بن قانع قال حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل قال حدثنا محمد بن يحيى بن أبي سمينة قال حدثنا الوليد بن مسلم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أن رجلا خاصم امرأته إلى النبي ص - فقال النبي ص - تردين إليه ما أخذت منه قالت نعم وزيادة فقال النبي ص - أما الزيادة فلا وقال أصحابنا لا يأخذ منه الزيادة لهذا الخبر وخصوا به ظاهر الآية وإنما جاز تخصيص هذا الظاهر