إذا في هذا الحجر احتراز من إتلاف المال وأما اشتراط الشافعي في إيناس الرشد واستحقاق دفع المال جواز الشهادة فإنه قول لم يسبقه إليه أحد ويجب على هذا أن لا يجيز إقرارات الفساق عند الحكام على أنفسهم وأن لا يجيز بيوعهم ولا أشريتهم وينبغي للشهود أن لا يشهدوا على بيع من لم تثبت عدالته وأن لا يقبل القاضي من مدع دعواه حتى تثبت عدالته ولا يقبل عليه دعوى المدعى عليه حتى يصح عنده جواز شهادته إذ لا يجوز عنده إقرار من ليس على صفة العدالة وجواز الشهادة ولا عقوده وهو محجور عليه وهذا خلاف الإجماع ولم يزل الناس منذ عصر النبي ص - إلى يومنا هذا يتخاصمون في الحقوق فلم يقل النبي ص - ولا أحد من السلف لا أقبل دعاويكم ولا أسأل أحدا عن دعوى غيره إلا بعد ثبوت عدالته وقد قال الحضرمي الذي خاصم إلى النبي ص - أنه رجل فاجر بحضرته ولم يبطل النبي ص - خصومته ولا سأل عن حاله وهو ما حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا هناد قال حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن علقمة بن وائل الحضرمي عن أبيه قال جاء رجل من حضرموت ورجل من كندة إلى النبي ص - فقال الحضرمي يا رسول الله إن هذا غلبني على أرض كانت لأبي فقال الكندي هي أرضي في يدي أزرعها ليس له فيها حق فقال النبي ص - للحضرمي ألك بينة قال لا قال فلك يمينه فقال يا رسول الله إنه فاجر ليس يبالي ما حالف ليس يتورع من شيء فقال ليس لك منه إلا ذلك فلو كان الفجور يوجب الحجر لسأل ص - عن حاله أو لأبطل خصومته لإقرار الخصم بأنه محجور عليه غير جائز الخصومة ولا خلاف بين الفقهاء أن المسلمين والكفار سواء في جواز التصرف في الأملاك ونفاذ العقود والإقرارات والكفر أعظم الفسوق وهو غير موجب للحجر فكيف يوجبه الفسق الذي هو دونه وهذا ما لا خلاف فيه بين الفقهاء أن المسلمين والكفار سواء في جواز التصرف والأملاك ونفاذ العقود .
باب الشهود .
قوله D واستشهدوا شهيدين من رجالكم قال أبو بكر لما كان ابتداء الخطاب للمؤمنين في قوله يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل ثم عطف عليه قوله تعالى واستشهدوا شهيدين من رجالكم دل ذلك على معنيين أحدهما أن يكون من صفة الشهود لأن الخطاب توجه إليهم بصفة الإيمان ولما قال في نسق الخطاب من رجالكم