رضاع الكبير دون سائر أزواج النبي ص - وقد ثبت عندنا وعند الشافعي نسخ رضاع الكبير فسقط حكم التحديد المذكور في حديث عائشة هذا ومع ذلك لو خلا من هذه المعاني التي ذكرنا من الاستحالة والاحتمال لما جاز الاعتراض به على ظاهر القرآن إذ هو من أخبار الآحاد .
ومما يدل على ما ذكرنا من سقوط اعتبار التحديد أن الرضاع يوجب تحريما مؤبدا فأشبه الوطء الموجب لتحريم الأم والبنت والعقد الموجب للتحريم كحلائل الأبناء وما نكح الآباء فلما كان القليل من ذلك ككثيره فيما يتعلق به من حكم التحريم وجب أن يكون ذلك حكم الرضاع في إيجاب التحريم بقليله .
واختلف أهل العلم في لبن الفحل وهو الرجل يتزوج المرأة فتلد منه ولدا وينزل لها لبن بعد ولادتها منه فترضع به صبيا فإن من قال بتحريم لبن الفحل يحرم هذا الصبي على أولاد الرجل وإن كانوا من غيرها ومن لا يعتبره لا يوجب تحريما بينه وبين أولاده من غيرها فممن قال بلبن الفحل ابن عباس وروى الزهري عن عمرو بن الشريد عن ابن عباس أنه سئل عن رجل له امرأتان أرضعت هذه غلاما وهذه الجارية هل يصح الغلام أن يتزوج الجارية فقال لا اللقاح واحد وهو قول القاسم وسالم وعطاء وطاوس وذكر الخفاف عن سعيد عن ابن سيرين قال كرهه قوم ولم ير به قوم بأسا ومن كرهه كان أفقه من الذين لم يروا به بأسا وذكر عباد بن منصور قال قلت للقاسم بن محمد امرأة أبي أرضعت جارية من الناس بلبان أخوتي من أبي أتحل لي فقال لا أبوك أبوها فسألت طاوسا والحسن فقالا مثل ذلك وسألت مجاهدا فقال اختلف فيه الفقهاء فلست أقول فيه شيئا وسألت محمد بن سيرين فقال مثل قول مجاهد وسألت يوسف بن ماهك فذكر حديث أبي قعيس وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر ومالك والثوري والأوزاعي والليث والشافعي لبن الفحل يحرم وقال سعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي وأبو سلمة بن عبدالرحمن وعطاء ابن يسار وسليمان بن يسار أن لبن الفحل لا يحرم شيئا من قبل الرجال وروى مثله عن رافع بن خديج والدليل على صحة القول الأول حديث الزهري وهشام بن عروة عن عروة عن عائشة أن أفلح أخا أبي القيس جاء ليستأذن عليها وهو عمها من الرضاعة بعد ان نزل الحجاب قالت فأبيت أن آذن له فلما جاء النبي ص - أخبرته قال ليلج عليك فإنه عمك قلت إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل قال ليلج عليك فإنه عمك تربت يمينك وكان أبو