تقدم الكلام على أن المد على قسمين : طبيعي وعرضي وتقدم الكلام على حقيقة الطبيعي والكلام هنا على العرضي .
اعلم أنه لا يزداد على ما في حروف المد واللين المذكورة من المد إلا بموجب والموجب إما همز وإما سكون وإما تشديد .
أما الهمز فله حالات : أحدهما : أن يكون هو وحرف المد في كلمة وهذا القسم يسمى متصلا وذلك نحو : { والسماء بنيناها } و { من سوء } و { المسيء } ونحو ذلك فالقراء مجمعون على مد هذا القسم وبينهم فيه تفاوت في إشباعه وتوسطه ودون ذلك مذكور في كتب القراءات .
الثاني : أن يكون حرف المد آخر كلمة والهمز أول كلمة أخرى نحو { بما أنزل } { قالوا آمنا } { في أنفسهم } ونحو ذلك وهذا القسم يسمى منفصلا وللقراء في مده أربع مراتب ثم القصر وهو حذف المد العرضي .
وأما التشديد فعلى قسمين : لازم وعارض .
فمد اللازم واجب بلا خلاف نحو : { دابة } و { أتحاجوني } و { هاتين } في مذهب المشدد ونحوه واختلف أهل الأداء في مقدار مد هذا وبابه فقال قوم هو دون ما مد للهمز أي طول مد عاصم لا حمزة وهذا اختيار أبي الحسن السخاوي وقال آخرون هو أطول ما مد للهمز [ وهو اختيار مكي وغيره وقال قوم في قدر ما مد للهمز ] وهذا اختيار عثمان بن سعيد وهو ظاهر كلام كثير من مصنفي كتب القراءات .
قلت : وهذه الأقوال حسنة واختياري التفعيل ففي نحو { أتحاجوني } و { هاتين } مذهب أبي عمرو وفيما سكونه لازم غير المشدد نحو ( ن م س ل ) في فواتح السور مذهب مكي وفيما سكونه عارض للوقف نحو { نستعين } { كارهون } أنصار مذهب السخاوي وأما العارض فنحو { قيل لهم } { يقول ربنا } { قال ربكم } في مذهب المدغم ففيه المد المتوسط والقصر فإن قيل : لم لا تجري الثللاثة في { الم * الله } ونحوه مع الإدغام ؟ قلت : لأن سكون الميم هنا من هجاء ( لام ) لازم فوجب إدغامه في مماثله والسكون في ذلك عارض وإدغامه غير واجب فحمل على سكون الوقف .
القسم الثالث : الساكن وهو على قسمين : لازم وعارض .
فاللازم ما كان من فواتح السور على ثلاثة أحرف أوسطهم حرف مد ولين نحو ( لام ميم كاف صاد قاف نون ) وما أجري مجراه نحو { محياي } في قراءة المسكن .
والعارض ما سكن في الوقف نحو ما مثلنا به قبل وفيه المد والمتوسط والقصر في الوقف لعروضه .
فإن قيل : فهل تجري هذه الثلاثة فيما سكن وقبله أحد حرفي اللين نحو { الخوف } و { الليل } ؟ فالجواب أنهما حملا على حروف المد واللين في الثلاثة إلا أن القصر أولى فيهما للفتحة والمد فيهن للضمة والكسرة والألف اجتمع فيه المد واللين خلاف أختيه لأنهما تارة يكونان حرفي مد ولين وتارة حرفي لين فقط على حسب اختلاف الحركات والألف على حالة واحدة