اعلم أن علماءنا اختلفوا في أقسام الوقف والمختار منه بيان أربعة أقسام : تام مختار وكاف جائز وحسن مفهوم وقبيح متروك وقد صنف العلماء في ذلك كتبا مدونة وذكروا فيها أصولا مجملة وفروعا في الآي مفصلة فمنها ما أثروه عن أئمة العربية في كل مصر ومنها ما استنبطوه وفاق الأثر وخلافه ومنها ما اقتدوه فيه بالأثر فقط كالوقف على رؤوس الآي وهو وقف النبي A .
وذهب القاضي أبو يوسف صاحب أبي حنيفة رحمهما الله تعالى إلى أن تقدير الموقوف عليه من القرآن بالتام والكافي والحسن والقبيح وتسميته بذلك بدعة ومسميه بذلك ومتعمد الوقف على نحوه مبتدع قال : لأن القرآن معجز وهو كله كالقطعة الواحدة وبعضه قرآن معجز وكله تام حسن وبعضه تام حسن .
قال المحققون : وليس الأمر كما زعم أبو يوسف لأن الكلمة الواحدة ليست من الإعجاز في شيء وإنما المعجز الوصف العجيب والنظم الغريب وليس ذلك في بعض الكلمات وقوله : إن بعضه تام حسن كما أن كله تام حسن فيقال له : إذا قال القارئ : ( إذا جاء ) ووقف أهذا تام وقرآن ؟ فإن قال : نعم قيل إنما يحتمل أن يكون القائل أراد إذا جاء الشتاء وكذلك كلما افرد من كلمات القرآن وهو موجود في كلام البشر فإذا اجتمع وانتظم وانحاز عن غيره وامتاز ظهر ما فيه من الإعجاز .
ففي معرفة الوقف والابتداء الذي دونه العلماء تبيين معاني القرآن العظيم وتعريف مقاصده وإظهار فوائده وبه يتهيأ الغوص على درره وفوائده فإن كان هذا بدعة فنعمت البدعة هذه .
واعلم أنه يجب على القارئ أن يصل المنعوت بنعته والفعل بفاعله والفاعل بمفعوله والمؤكد بمؤكده والبدل بالمبدل منه والمستثنى بالمستثنى منه والمعطوف بالمعطوف عليه والمضاف بالمضاف إليه والمبتدآت بأخبارها والأحوال بأصحابها والأجوبة بطالبها والمميزات بمميزاتها وجميع المعمولات بعواملها ولا يفصل شيئا من هذه الجمل إلا في بعض أجزائها