أصحاب العقائد الدينية في مجتمعات المسلمين

أصحاب العقائد الدينية في مجتمعات المسلمين

 

 

أصحاب العقائد الدينية في مجتمعات المسلمين

 

 

                                                                                                          الدكتور أحمد عبدالرحيم السايح

                                                                                  أستاذ العقيدة  والفلسفة في جامعة الأزهر وقطر وأم القرى

  

الإنسان في التصور الإسلامي، قمة الكائنات الحية، التي تعيش على وجه البسيطة، وأفضلها وأكرمها. لما أودعه الله فيه من مزايا، وميزه من صفات.

والإسلام يريد أن يعيش الإنسان في جو الاطمئنان، والاستمتاع  بالحياة الإنسانية استمتاعاً يرفع الإنسانية، فوق مستوى الاحتكاك، والصراع، والشك.

وإن المؤمن في نظر الإسلام هو المحسن، والمحسن هو صاحب الوجدان الرفيع، وهو صاحب الإنسانية في سلوكه مع نفسه، ومع غيره.

قال الله تعالى: } $pkš‰r'¯»tƒ â¨$¨Z9$# (#qà)®?$# ãNä3­/u‘ “Ï%©!$# /ä3s)n=s{ `ÏiB <§øÿ¯R ;oy‰Ïnºur t,n=yzur $pk÷]ÏB $ygy_÷ry— £]t/ur $uKåk÷]ÏB Zw%y`͑ #ZŽÏWx. [ä!$|¡ÎSur { [ سورة النساء. آية: 1] فالله سبحانه وتعالى أوجد الإنسانية من نفس واحدة، وأنشأ من هذه النفس زوجها، ومنهما نشر في الوجود

رجالاً كثيراً ونساءً . فالإنسانية تنتهي إلى تلك النفس الواحدة([1]).

وقد أوضح هذا بقوله في آية أخرى:  } ô`ÏBur ÿ¾ÏmÏG»tƒ#uä ÷br& t,n=y{ /ä3s9 ô`ÏiB öNä3Å¡àÿRr& %[`ºurø—r& (#þqãZä3ó¡tFÏj9 $ygøŠs9Î) Ÿ@yèy_ur Nà6uZ÷t/ Zo¨Šuq¨B ºpyJômu‘ur 4 ¨bÎ) ’Îû y7Ï9ºsŒ ;M»tƒUy 5Qöqs)Ïj9 tbr㍩3xÿtGtƒ  ([سورة الروم. آية: 21 ] وقوله تعالى في الآية السابقة   } وبث منهما { أي نشر من تلك النفس وزوجها المخلوقة منها، بطريق التوالد، والتناسل، رجالاً كثيراً ونساءً.. وترك التصريح بها للاكتفاء بالوصف المذكور.

وقال تعالى: } uqèdur ü“Ï%©!$# Nä.r't±Rr& `ÏiB <§øÿ¯R ;oy‰Ïnºur @s)tGó¡ßJsù ×íyŠöqtFó¡ãBur 3 ô‰s% $uZù=¢Ásù ÏM»tƒFy$# 5Qöqs)Ï9 šcqßgs)øÿtƒ {[ سورة الأنعام. آية: 98 ].

فالله هو الذي أنشأ الإنسانية، من نفس واحدة، وهي الإنسان الأول، الذي تسلسل منه سائر الناس، بالتوالد.. وهو آدم عليه السلام.

وفى إنشاء جميع الناس من نفس واحدة، آيات بينات، على قدرة الله وعلمه، وحكمته، ووحدانيته.

وفى التذكير بذلك.. إيماء إلى ما يجب من شكر نعمته، وإرشاد إلى ما يجب من التعاون، والتعارف، بين البشر. وأن يكون هذا التفرق إلى شعوب وقبائل.. مدعاة إلى العمل الجاد، والتعاون الصادق.. لا إلى التعادي والتقاتل، وبث روح العداوة والبغضاء بين الناس([2]).

وقال تعالى: } $pkš‰r'¯»tƒ â¨$¨Z9$# $¯RÎ) /ä3»oYø)n=yz `ÏiB 9x.sŒ 4Ós\Ré&ur öNä3»oYù=yèy_ur $\/qãèä© Ÿ@ͬ!$t7s%ur (#þqèùu‘$yètGÏ9 4 ¨bÎ) ö/ä3tBtò2r& y‰YÏã «!$# öNä39s)ø?r& 4 ¨bÎ) ©!$# îLìÎ=tã ׎Î7yz { [سورة الحجرات. آية: 13] فالله خلق الناس متساويين من أصل واحد.  هو آدم وحواء، وصيرهم بالتكاثر جموعاً عظيمة، وقبائل متعددة. ليتم التعاون، والتعارف، وإن تباعدت ديارهم وأوطانهم، وتباينت عاداتهم، واختلفت لغاتهم، وأجناسهم.

وقال الله تعالى: } ô`ÏBur ¾ÏmÏG»tƒ#uä ß,ù=yz ÏNºuq»yJ¡¡9$# ÇÚö‘F{$#ur ß#»n=ÏG÷z$#ur öNà6ÏGoYÅ¡ø9r& ö/ä3ÏRºuqø9r&ur 4 ¨bÎ) ’Îû y7Ï9ºsŒ ;M»tƒUy tûüÏJÎ=»yèù=Ïj9 ([ سورة الروم. آية: 22 ].

وللناس مع بعضهم روابط وثيقة، وصلات متينة، ومعاملات لا غنى لهم عنها. وليس بميسور لأي إنسان كائناً ما كان أن يعيش منعزلاً عن الناس والمجتمعات. والطبيعة البشرية تحتم على الإنسان أن يندمج بالناس ويختلط بهم، ويستعين بذوي الخبرة منهم، وأن يسترشد بنصح الناصحين، وتوجيه النابهين.

وإذا كان من الضرورة الإنسانية في الإسلام أن لا حياة للأجسام إلا بالأرواح، فكذلك الأعمال على اختلاف أنواعها لا حياة لها إلا بالثقة المتبادلة التي يجتنى من ورائها الاطمئنان والنجاح. فبالثقة تنتظم الأمور، وتنجز الشئون، وتستقيم الأعمال، وتؤدى المصالح على أحسن حال. والثقة لا تتحقق إلا إذا أدى كل إنسان ما عهد إليه وما ألزم به نفسه.

فبالثقة وحدها يسعد الناس، ويصلون إلى الفوز والفلاح، والتعاون المثمر، وإذا انعدمت الثقة ذهب الاطمئنان، وأصبح كل إنسان يخاف الآخر، ولا يطمئن إليه في أمر من الأمور، ولن تكون الثقة إلا عن صدق ووفاء. فليس من الإيمان أن يؤتمن الإنسان على مال فيجحده ، أو على عرض فيهتكه، أو على سر فيذيعه، أو على عمل فيهمله، أو على نصرة صديق فيخذله([3]).

وقد لا يخفى على باحث. أن انبعاث رسول اللهr كان منعطفاً تاريخياً في حياة الناس جميعاً، وتحولاً حضارياً متميزاً في نهج حياتهم وتعاملهم. تحول  الخطاب فيه من قومية الأديان، ومحدودية مقاصدها. إلى عالمية الإسلام، وشمولية دعوته، وتكامل مقاصده، ومن عزلة المجتمعات البشرية وتضادها وتصارعها إلى وحدة الأسرة البشرية، وتعاون مجتمعها. حيث سمع الناس لأول مرة في تاريخهم الإنساني. فكرة المجتمع الإنساني الواحد.

كما سمع الناس أيضاً ـ لأول مرة ـ فكرة التعايش السلمي بينهم من غير تمايز. وكان النبيr يعمل على نشر الإخاء الإنساني الذي يتجاوز المسلمين إلى غير المسلمين.

روى الطبراني، أن نبى الله r، خطب الناس بمنى في وسط أيام التشريق، وهو على بعير.. فقال } يا أيها الناس ألا أن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمى على عربى ولا لأسود على أحمر، ولا لأحمر على أسود، إلا بالتقوى. ألا هل بلغت ؟ قالوا: نعم.. قال: فليبلغ الشاهد الغائب  (([4]).

وعن أبى موسى الأشعري قال: قال رسول الله   r : إن الله لا ينظر إلى أحسابكم، ولا إلى أنسابكم، ولا إلى أجسامكم، ولا إلى أموالكم.. ولكن ينظر إلى قلوبكم فمن كان له قلب صالح تحنن الله عليه، وإنما أنتم بنو آدم وأحبكم إليه أتقاكم ([5]).

فاهتمام الإسلام بالناس فيه ترسيخ معنى الإنسانية العام، في نفس المسلم الذي يقرأ القرآن، ويستمع إليه، ويعمل به. كما أن هذا كله.. يبين وحدة الجنس البشري.

والقرآن الكريم.. لا يخاطب العرب فقط، ولا قومية معينة، ولا شعباً معيناً ، بل يخاطب الإنسان بوجه عام.

فالإسلام الحنيف جاء ليقيم بين البشر جميعاً، رابطة الإنسانية القائمة على ارتباط البشر  بالله الخالق، عز وجل.

ومن هذا ندرك: أن الإسلام ، يلائم الفطرة التي فطر الله الناس عليها.. فهو يؤكد في وضوح: أن الدين الإسلامي، قد نظر نظرة فاحصة، دقيقة للإنسان . في ذاته، وتركيب كيانه النفسي، والخلقي ، والاجتماعي.

فالحياة في الإسلام.. تخضع لنظام دقيق. لا يسمح لجانب منها، أن ينمو على حساب جانب آخر.. وإنما تتوازن جوانب الحياة كلها، على نسق فريد، جاء به الإسلام. وأما الأحياء من بني البشر، فإن الإسلام نظر إليهم  نظرة العارف بأسرارهم، وما يصلحهم.

والشخصية الإنسانية في الإسلام حقيقة حية.. والأسرة الاجتماعية في الإسلام، حقيقة حية.

والإسلام لا يهدم شيئاً من كيان الاجتماع الذي استفاده بنو الإنسان، من أطوار حياتهم الاجتماعية في الحقب الطوال.. لأن المفهوم من سير الهداية الإلهية، كما يسردها القرآن الكريم: أن حياة النوع الإنساني.. تاريخ متصل، يتم بعضه بعضاً، وتنتهي إلى التعارف بين الشعوب والقبائل ، في أخوة عامة، لا فضل فيها لقوم على غيرهم إلا بالعمل الصالح..

ولهذا يحرص الإسلام على كيان الاجتماع في الشخصية الفردية، وفي الأسرة، وفي الإيمان بوحدة النوع.

وأنت تجد :  أن القرآن الكريم يخص من هذا الكون مخلوقا هو الإنسان فيتحدث عنه مرات كثيرة، بل يخصه بالمخاطبة، لأنه هو المقصود، ولكنه في الوقت نفسه يشعره بموقفه من هذا الكون.

فالإنسان أولا: نوع من أنواع أخرى في هذا الكون، يشترك معها في أمور، ثم يتميز عنها، فهو مخلوق من تراب في الأصل، قال تعالى: } žcÎ) Ÿ@sVtB 4Ó|¤ŠÏã y‰ZÏã «!$# È@sVyJx. tPyŠ#uä ( ¼çms)n=yz `ÏB 5>#tè? {.  [سورة آل عمران: آية رقم 59].

وقوله تعالى:  } ô`ÏBur ÿ¾ÏmÏG»tƒ#uä ÷br& Nä3s)n=s{ `ÏiB 5>#tè? ¢OèO !#sŒÎ) OçFRr& ֍t±o0 šcrçŽÅ³tFZs? {  [سورة الروم. آية:20].

والإنسان ثانيا: نوع من أنواع الحيوانات يدخل في تصنيفها، ويشترك معها في أمور . قال تعالى: } ª!$#ur t,n=y{ ¨@ä. 7p­/!#yŠ `ÏiB &ä!$¨B ( Nåk÷]ÏJsù `¨B ÓÅ´ôJtƒ 4’n?tã ¾ÏmÏZôÜt/ Nåk÷]ÏBur `¨B ÓÅ´ôJtƒ 4’n?tã Èû÷,s#ô_͑ Nåk÷]ÏBur `¨B ÓÅ´ôJtƒ #’n?tã 8ìt/ö‘r& 4 ß,è=øƒs† ª!$# $tB âä!$t±o„ 4 ¨bÎ) ©!$# 4’n?tã Èe@à2 &äóÓx« ֍ƒÏ‰s%  { [ سورة النور: آية 45].

والإنسان ثالثا: نوع متميز عن الحيوان كما يبدو في قوله تعالى: } ¢Oè Oçm»tRù't±Sr&   $¸)ù=yz  tyz#uä 4 { [ سورة المؤمنون. آية:14]. وذلك من جهة خلقه وتكوينه الجسمي.

وتميزه كذلك من جهة العقل ، والعلم الناميين . بسبب الحواس . كما تشير إلى ذلك الآية:  } ª!$#ur Nä3y_t÷zr& .`ÏiB ÈbqäÜç/ öNä3ÏF»yg¨Bé& Ÿw šcqßJn=÷ès? $\«ø‹x© Ÿ@yèy_ur ãNä3s9 yìôJ¡¡9$# t»|Áö/F{$#ur noy‰Ï«øùF{$#ur   öNä3ª=yès9 šcrãä3ô±s? { [ سورة النحل. آية: 78 ]

وكما تشير الآية الأخرى:   }O¯=tæ z`»|¡SM}$# $tB óOs9 ÷Ls>÷ètƒ á[ سورة العلق آية: 5]

وهو علم يستطيع أن يعبر عن â   t,n=yz z`»|¡SM}$# ،  çmyJ¯=tã tb$u‹t6ø9$# á [ سورة الرحمن. آية: 3، 4].

بل هو علم قابل دائماً للنمو والزيادة    } @è%ur Éb>§‘ ’ÎT÷ŠÎ— $VJù=Ïã{[ سورة طه. آية: 114 ] } óOÎgƒÎŽã\y™ $uZÏF»tƒ#uä ’Îû É-$sùFy$# þ’Îûur öNÍkŦàÿRr& { [ سورة فصلت. آية: 53].

والإنسان رابعاً: يتميز بجانب روحي، أشارت إليه آيات كثيرة، كقوله تعالى     }   #sŒÎ*sù ¼çmçF÷ƒ§qy™ àM÷‚xÿtRur ÏmŠÏù `ÏB ÓÇrr•‘ (#qãès)sù ¼çms9 tûïωÉf»y™ (  [ سورة الحجر. آية: 29] وهو الجانب الذي رفع مرتبة الإنسان وجعله في مقام من التكريم . فأسجد الله له الملائكة   } ô‰s)s9ur $oYøB§x. ûÓÍ_t/ tPyŠ#uä öNßg»oYù=uHxqur ’Îû ÎhŽy9ø9$# ̍óst7ø9$#ur Nßg»oYø%y—u‘ur šÆÏiB ÏM»t7ÍhŠ©Ü9$# óOßg»uZù=žÒsùur 4’n?tã 9ŽÏVŸ2 ô`£JÏiB $oYø)n=yz WxŠÅÒøÿs?   {[ سورة الإسراء. آية: 70 ].

والإنسان في عقيدة القرآن . هو الخليفة المسئول، بين جميع ما خلق الله.. يدين بعقله فيما رأى وسمع.. ويدين بوجدانه فيما طواه الغيب، مما لا تدركه الأبصار والأسماع([6]).

والإنسانية من أسلافها إلى أعقابها أسرة واحدة، لها نسب واحد، وإله واحد، أفضلها من عمل حسنا. واتقى سيئا.

والإنسان مسئول عن عمله، ولا يؤخذ فرد بوزر فرد، ولا أمة بوزر أمة.

قال تعالى:  } ‘@ä. ¤›ÍöD$# $oÿÏ3 |=|¡x. ×ûüÏdu‘ {  [سورة الطور. آية 21].

وقال تعالى: } 4 Ÿwur â‘Ì“s? ×ou‘Η#ur u‘ø—Ír 3“t÷zé& { [سورة الأنعام. آية 164].

وقال تعالى: } y7ù=Ï? ×p¨Bé& ô‰s% ôMn=yz ( $ygs9 $tB ôMt6|¡x. Nä3s9ur $¨B öNçFö;|¡x. ( Ÿwur tbqè=t«ó¡è? $£Jtã (#qçR%x. tbqè=uK÷ètƒ  {. [سورة البقرة. آية 141].

أما مناط المسئولية في القرآن.. فهو جامع لكل ركن من أركانها يتغلغل إليه فقه الباحثين عن حكمة التشريع الديني أو التشريع في الموضوع.

فالإسلام الحنيف.. ينظر إلى الإنسان نظرة تضعه فوق مستوى الكائنات الحية جميعاً، في هذا الكوكب الذي أقامه الله تعالى فيه. ليكون خليفة فيه .

وكلمة الناس الدالة على الجنس البشري، يتكرر استعمالها في آيات متعددة.. وكثير منها ورد خطاباً للبشر عموماً.. كقوله تعالى: } $pkš‰r'¯»tƒ â¨$¨Z9$# $¯RÎ) /ä3»oYø)n=yz `ÏiB 9x.sŒ 4Ós\Ré&ur öNä3»oYù=yèy_ur $\/qãèä© Ÿ@ͬ!$t7s%ur (#þqèùu‘$yètGÏ9    {[ سورة الحجرات. آية: 13].

وكلمة الناس استعملت في القرآن الكريم، بمعنى الجنس البشري عموماً لا بمعنى المسلمين أو العرب.. بدليل قوله تعالى في الآيات التالية مما لا يمكن حمله إلا على الناس عموماً:

} žcÎ) ©!$# rä%s! @@ôÒsù ’n?tã Ĩ$¨Z9$#    { [ سورة البقرة. آية: 243]

} y7ù=Ï?ur ãP$­ƒF{$# $ygä9Ír#y‰çR tû÷üt/ Ĩ$¨Y9$#    { [ سورة آل عمران. آية: 140]

} ö@è% $yg•ƒr'¯»tƒ ÚZ$¨Z9$# ’ÎoTÎ) ãAqߙu‘ «!$# öNà6ö‹s9Î) $·èŠÏHsd { [ سورة الأعراف. آية: 158] فالقرآن الكريم لا يخاطب قومية معينة، ولا شعباً معيناً.. بل يخاطب الإنسان بوجه عام.. ويتحدث عن الأمم :  } y7Ï9ºx‹x. y7»oYù=y™ö‘r& þ’Îû 7p¨Bé& ô‰s% ôMn=yz `ÏB !$ygÎ=ö6s% ÖNtBé& {[ سورة الرعد. آية: 30 ].

واستعمل القرآن كذلك كلمة البشر . للدلالة على الجنس الإنساني الواحد . وقد استعملت هذه الكلمة، في أكثر من موضع، كقوله تعالى: : } øŒÎ)ur tA$s% y7•/u‘ Ïps3Í´¯»n=yJù=Ï9 ’ÎoTÎ) 7,Î=»yz #\t±o0    {[ سورة الحج. آية: 28]

} uqèdur “Ï%©!$# t,n=y{ z`ÏB Ïä!$yJø9$# #ZŽ|³o0    {[ سورة الفرقان. آية: 54 ]

وقوله: } ô`ÏBur ÿ¾ÏmÏG»tƒ#uä ÷br& Nä3s)n=s{ `ÏiB 5>#tè? ¢OèO !#sŒÎ) OçFRr& ֍t±o0 šcrçŽÅ³tFZs?   { [سورة الروم. آية: 20 ].

والآية القرآنية: } $pkš‰r'¯»tƒ â¨$¨Z9$# $¯RÎ) /ä3»oYø)n=yz `ÏiB 9x.sŒ 4Ós\Ré&ur öNä3»oYù=yèy_ur $\/qãèä© Ÿ@ͬ!$t7s%ur (#þqèùu‘$yètGÏ9 {[ سورة الحجرات. آية: 13] تشير بوضوح إلى أن البشرية تتألف من مجتمعات قبلية وشعوب أو أقوام. وكلمة الناس هي تعبير عن الجنس العام الذي يشملهم جميعاً.

وأخيراً : فإن الآية تشير إلى اتجاه تطور البشرية، أسراً وقبائل وشعوباً . في اتجاه التعارف وهو المعرفة المتبادلة من جميع الأطراف.. وهو الشرط الأساسي لتحقيق التعاون الذي أوصى به القرآن في قوله تعالى:    } (#qçRur$yès?ur ’n?tã ÎhŽÉ9ø9$# 3“uqø)­G9$#ur ( Ÿwur (#qçRur$yès? ’n?tã ÉOøOM}$# Èbºurô‰ãèø9$#ur  {[ سورة المائدة. الآية:2].

إن الإسلام جاء كما يفهم من النصوص القرآنية، ليقيم بين البشر جميعاً رابطة الإنسانية، القائمة على ارتباط البشر جميعاً بالله الخالق جل وعلا.. فهم جميعاً عباد الله . 

والرسول الذي أمر بتبليغ الإسلام.. خوطب في القرآن الكريم على هذا الأساس  } ö@è% $yg•ƒr'¯»tƒ ÚZ$¨Z9$# ’ÎoTÎ) ãAqߙu‘ «!$# öNà6ö‹s9Î) $·èŠÏHsd  { [ سورة الأعراف. الآية: 158].

} !$tBur y7»oYù=y™ö‘r& žwÎ) Zp©ù!$Ÿ2 Ĩ$¨Y=Ïj9   { [ سورة سبأ. الآية: 28]

} tbqä3u‹Ï9 šúüÏJn=»yèù=Ï9 #·ƒÉ‹tR { [ سورة الفرقان. الآية: 1 ].

إن هذا الاتجاه الإنساني.. ظاهر في تعاليم الإسلام، وتوجيهاته، والقرآن يصرح بأن الإنسان هو خليفة في الأرض.

والقرآن حين يتحدث عن الإنسان.. فإنه يتحدث عن الإنسان حديثاً يملأ الصدر بدفء الأمل، وسعة الرجاء، ويفتح  عليه صفحات مشرقة للوجود، تغري الإنسان بالوقوف عند كل موجود([7]).

فأنت ترى: أن النصوص القرآنية تتحدث عن الإنسان، وتارة أخرى عن بني آدم، ومرات أخرى تتحدث عن الناس.

وهذا لا تخفى دلالته على أي عقل مدرك للغة الخطاب في القرآن الكريم التي تستخدم موازين للتعبير غاية في  الدقة. فتبين متى يكون الخطاب للإنسان والناس عامة([8]).

والإنسان هو المنطق في هذه الرابطة الإنسانية، باعتباره مجموعة من القدرات والطاقات هي التي تشكل ملامح بشريته، وفيه الإحساس بالوجود في ذاته ، ومع الآخرين، وتمنحه إمكانية العمل والإنتاج ووسائل الفاعلية والتأثير.

ولاشك أن من بين تلك الطاقات - وربما من أهمها - ما هو كامن في غريزة الإنسان من حيث هو مخلوق ينتمي إلى أرض محددة . يتحرك فيها بوعي منه أو لاوعي، ويحاول انطلاقاً منها أن يحافظ على ذاته . وينمى هذه الذات.

وإذا كانت الطبيعة الفطرية تمكن للإنسان في الأرض التي يعيش عليها ببعد أفقي . فإن العنصر الروحى يتدخل ليرتفع بالإنسان عن طريق العقيدة والدين، ويعطيه بعداً سماوياً يتيح له التوازن اللازم للحياة الإنسانية . بكل ما تقتضي من قيم وأخلاق فردية وجماعية، وما تتطلب من سلوك يحفظ علاقة الفرد بالكون وخالقه.

ومع الغريزة والروح، يتدخل العقل ليعمل في الوعي والإحساس والإرادة والفكر، فيوجه، ويخطط، وينفذ، ويضبط حركية الإنسان.

وهذا ما يعطي المواطنة مفهومها الصحيح أي كما يجب أن تكون في ذهن المسلمين وغيرهم ممن يعيشون في المجتمع الإسلامي.

ويتبلور المفهوم في الولاء لهذه الدولة أو ذاك في المجتمعات الإسلامية . بكل ما تجسده من أرض وعقيدة وتاريخ وحضارة وثقافة وواقع ومصير، أي بمجموعة من المبادئ والمقومات يؤمن بها الجميع ويتشربها في عقله وروحه ووجدانه، فتغدو المحرك الذي يحث على المقاومة والنضال ، وعلى السعي لتنمية المجتمع في خط التطور والتقدم. وهذه - لاشك - مواطنة شريفة . ومسؤولة . تستمد شرفها ومسئوليتها([9]).

والإنسان المسلم قد تعلم من الإسلام انه لا يعيش وحده في هذه الحياة.وإنما يعيش معه ناس آخرون، وأمم مختلفة المذاهب والعقائد.

والإنسان المتحضر، لابد وأن يكون على اتصال، بالأمم والشعوب أيا كان هذا الاتصال ومن الضروري للإنسان المتحضر . أن يكون على ثقافة بأديان الأمم.

وقد فطن إلى هذا علماء الأمة الإسلامية . انطلاقاً من دعوة الإسلام، التي تدعو المسلمين إلى أن يتعرفوا على الناس، ويقيموا معهم أواصر الصداقة، وعرى المحبة، والتعاون، وتبادل المنافع، وما يفيد الإنسان في الأرض..

ومن شأن المسلمين ، أن يتابعوا الخطى، فيما كان عليه السلف الصالح، في غير تعصب جاهلي، أو شكلية ممجوجة.

وبهذا .. يمضي المسلمون في الطريق، الذي وضحت معالمه، وهم على بينة من أمرهم.

ولقد قدم القرآن الكريم الدرس المنهجى الموضوعى الأول، في مجال العلاقة بالأديان. ولقد حفل القرآن الكريم بالحديث المفصل، المستوعب عن الأديان، والعقائد، والملل والنحل، والمذاهب المختلفة المتنوعة، وعرض مقالاتهم بدقة، واستقصاء([10]).

-      وتجد ذلك واضحاً في حديث القرآن الكريم، عن اليهود والنصارى حيث فصل القرآن مقالاتهم، واعتقاداتهم، ومذاهبهم. ولم يعرضها متعجلاً في نص أو نصين. وإنما جاء فيها بفيض غزير زاخر، يتناولها من أقطارها، ويكشف عن خباياها وأبعادها. وعلى سبيل المثال: فإن الحديث عن بني إسرائيل، جاء في القرآن الكريم، من أكثر المسائل نصوصاً بعد العقائد.. تحدث القرآن الكريم، في المكي منه والمدني، على سواء، وفي السبع الطوال، وما بعدها، من المثاني والمئين، والمفصل. وتناولهم بالآية المفردة، وبالجملة المتصلة من الآيات .

-      وقد تحدث القرآن عن كثير من الأديان سماوية كانت أو وضعية. فكما تحدث عن اليهود واليهودية، والمسيح والمسيحية، تحدث كذلك عن عبدة الأصنام والطاغوت والملائكة. وسماها القرآن أدياناً([11]).

قال تعالى: } ö/ä3s9 ö/ä3ãYƒÏŠ u’Í<ur Èûïϊ  {[ سورة الكافرون. الآية: 6 ].

وفى مجال اعتراف الإسلام بالأديان.

يقول الله تعالى: } ¨bÎ) tûïÏ%©!$# (#qãZtB#uä tûïÏ%©!$#ur (#rߊ$yd tûüÏ«Î7»¢Á9$#ur 3“t»|Á¨Y9$#ur }¨qàfyJø9$#ur tûïÏ%©!$#ur (#þqà2uŽõ°r& ¨bÎ) ©!$# ã@ÅÁøÿtƒ óOßgoY÷t/ tPöqtƒ ÏpyJ»uŠÉ)ø9$# 4 ¨bÎ) ©!$# 4’n?tã Èe@ä. &äóÓx« Íky­  ( [سورة الحج. آية: 17 ]

وقال تعالى: } ¨bÎ) tûïÏ%©!$# (#qãYtB#uä šúïÏ%©!$#ur (#rߊ$yd 3“t»|Á¨Z9$#ur šúüÏ«Î7»¢Á9$#ur ô`tB z`tB#uä «!$$Î/ ÏQöqu‹ø9$#ur ̍ÅzFy$# Ÿ@ÏJtãur $[sÎ=»|¹ öNßgn=sù öNèdãô_r& y‰YÏã óOÎgÎn/u‘ Ÿwur ì$öqyz öNÍköŽn=tæ Ÿwur öNèd šcqçRt“øts† { [سورة البقرة. آية: 62 ]

وقال تعالى :} ¨bÎ) šúïÏ%©!$# (#qãYtB#uä šúïÏ%©!$#ur (#rߊ$yd tbqä«Î6»¢Á9$#ur 3“t»|Á¨Y9$#ur ô`tB šÆtB#uä «!$$Î/ ÏQöqu‹ø9$#ur ̍ÅzFy$# Ÿ@ÏJtãur $[sÎ=»|¹ Ÿxsù ì$öqyz óOÎgøŠn=tæ Ÿwur öNèd tbqçRt“øts†   {    [ سورة المائدة. الآية: 6]

ويقول أبو الحسن العامري المتوفى سنة 381 في كتابه : الإعلام بمناقب الإسلامإن مدار الدين يكون متعلقاً بالاعتقادات، والعبادات، والمعاملات، والمزاجر؛ فغير بعيد أن يعلم العاقل أدنى الروية، أنه ليس ولا واحد من الأديان الستة التي لها خطط وممالك، وهى المذكورة بقوله تعالى: }  ¨bÎ) tûïÏ%©!$# (#qãZtB#uä tûïÏ%©!$#ur (#rߊ$yd tûüÏ«Î7»¢Á9$#ur 3“t»|Á¨Y9$#ur }¨qàfyJø9$#ur tûïÏ%©!$#ur (#þqà2uŽõ°r& ¨bÎ) ©!$# ã@ÅÁøÿtƒ óOßgoY÷t/ tPöqtƒ ÏpyJ»uŠÉ)ø9$# 4 ¨bÎ) ©!$# 4’n?tã Èe@ä. &äóÓx« Íky­ {  [ سورة الحج. الآية: 17] إلا وله اعتقاد بشيء يجري سعيه إليه، ومنهج في العبودية يتحرى بالتزامه إقامة الطاعة، وأوضاع في المعاملات ينتظم بها معاشهم، ورسوم في المزاجر يتحصن بها عن البوائق والأشرار([12]).

والإنسان الذي يؤمن برسالة الإسلام، لا يستطيع إلا أن يصدق النبيين والمرسلين الذين صدقهم الإسلام، ودعا إلى الإيمان بهم.

وهذا يشكل حلقة في وحدة الإيمان التي أكد عليها الإسلام، وتبناها في جانبه العقيدي، وتحدث عنها في القرآن الكريم.

ووحدة الإيمان هذه حقيقة تفرضها وحدة المصدر، بصورة قاطعة، لا تقبل الرد، أو التشكيك، ولا يغير من واقعها أبداً وجود فواصل البعد الزمني، بين الأنبياء الذين أرسلهم الله إلى عباده.

وربما يكون لعامل الزمن أثره الواضح في اختلاف التشريعات التي يفرض فيها أن تنسجم مع المستوى الفكري و المعاشي،  لمن تكون لهم ولكن الإيمان واحد في أساسه([13]).

وهناك آيات في القرآن . تشير في وضوح إلى حقيقة وحدة الإيمان، وتغيير التشريعات، قال تعالى:   } tíuŽŸ° Nä3s9 z`ÏiB ÈûïÏe$!$# $tB 4Ӝ»ur ¾ÏmÎ/ %[nqçR ü“Ï%©!$#ur !$uZøŠym÷rr& y7ø‹s9Î) $tBur $uZøŠ¢¹ur ÿ¾ÏmÎ/ tLìÏdºtö/Î) 4Óy›qãBur #Ó|¤ŠÏãur ( ÷br& (#qãKŠÏ%r& tûïÏe$!$# Ÿwur (#qè%§xÿtGs? ÏmŠÏù {  [ سورة الشورى. الآية: 13 ].

وقال تعالى: }4 9e@ä3Ï9 $oYù=yèy_ öNä3ZÏB Zptã÷ŽÅ° %[`$yg÷YÏBur{[ سورة المائدة. الآية: 48 ].

فالآية الأولى: تعني وحدة الإيمان في أسسه..

والآية الثانية: تعني متغيرات الشريعة، وما يعود إلى الأعمال.

والإيمان هنا يعني العقيدة، ممثلة بالأصول التي يقوم عليها الدين.ولن تجد هذه الأصول في الإسلام إلا مماثلة لتلك التي قامت عليها جميع الأديان السماوية التي كان عليها أنبياء ورسل، بعثهم الله لهداية الناس، على اختلاف العصور، وتباعد الأزمنة([14]).

والأصول التي قامت عليها الأديان السماوية هى:

أولاً: الإيمان بالله تعالى رب العالمين، الذي لا إله إلا هو وحده المعبود لا شريك له، خالق كل ما في الوجود.

ثانياً: الإيمان بالغيب: اليوم الآخر، البعث، الجزاء، الجنة، النار، الثواب، العقاب، الملائكة.

ثالثاً: الإيمان بالنبيين والمرسلين، وتصديقهم، والأخذ بتعاليمهم، وإرشادهم، والعمل بما أنزل عليهم من وحي الله ([15]).

هذه هي أصول الإيمان التي حملها كل نبي بعثه الله تعالى. وقد جمعت هذه الأصول آيات من القرآن الكريم. قال تعالى  : } y7Ï9ºsŒ Ü=»tGÅ6ø9$# Ÿw |=÷ƒu‘ ¡ Ïm‹Ïù ¡ “W‰èd z`ŠÉ)­FßJù=Ïj9 ، tûïÏ%©!$# tbqãZÏB÷sムÍ=ø‹tóø9$$Î/ tbqãK‹É)ãƒur no4qn=¢Á9$# $®ÿÊEur öNßg»uZø%y—u‘ tbqà)ÏÿZム،  tûïÏ%©!$#ur tbqãZÏB÷sム!$oÿÏ3 tA̓Ré& y7ø‹s9Î) !$tBur tA̓Ré& `ÏB y7Î=ö7s% ÍotÅzFy$$Î/ur ö/ãf  tbqãZÏ%qム، {[ سورة البقرة. الآية:1-4 ].

يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر، وجنته، وناره، ولقائه. ويؤمنون بالحياة بعد الموت، والبعث ([16]).

فالإسلام في جانبه العقيدي. أكد هذه الأسس تأكيداً واضحاً. ولكنه في الجانب الذي يستتبع الشريعة أي جانب الالتزام والعمل كان الإسلام الفصل الأخير في تكامل التشريعات.

هذا الطابع الشمولى المتلقى في أسس العقيدة والتكامل التشريعى. هو الذي جعل من الإسلام: الصيغة الوحيدة الباقية المستمرة. ولعل هذا هو السر الذي جعل من الإسلام كلمة تختص بالدين الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام([17]).

وإذا أخذنا كلمة الإسلام بمعناها القرآني، نجدها لا تدع مجالاً لهذا السؤال عن العلاقة، بين الإسلام وبين سائر الأديان السماوية. فالإسلام في لغة القرآن ليس اسماً لدين خاص. وإنما هو اسم للدين المشترك، الذي هتف به كل الأنبياء وانتسب إليه كل أتباع الأنبياء([18]).

فالدين منذ القدم هو الإسلام. وسمى الله المسلم مسلماً لأنه اعتنق أسس هذه الديانة، ديانة الله، وسار على مضامينها من: إسلام الوجه لله، والانقياد له، والتوكل عليه، وتسليم الأمر لمدبر الأمر، ومصرف الكون.

من هذا يتضح :  أن وصف الإسلام، ليس منصباً على كل من آمن بدعوة محمد صلى الله عليه وسلم في عهد محمد أو من بعده فحسب. بل هو وصف ولقب أطلقه الله، من قبل على من آمن برسوله الذي بعث في زمنه، وبكل من وحد ربه، وأسلم وجهه، وقلبه وأمره كله لله رب العالمين([19]).

والمسلم في عرف القرآن . هو كل من آمن برسوله الذي جاء إليه، وكل من وحد الله. والمستتبع لآي القرآن  يجد أن كل شريعة، قامت على توحيد الله. قال تعالى: } !$tBur $uZù=y™ö‘r& `ÏB šÎ=ö6s% `ÏB @Aqߙ§‘ žwÎ) ûÓÇrqçR Ïmø‹s9Î) ¼çm¯Rr& Iw tm»s9Î) HwÎ) O$tRr& Èbr߉ç7ôã$$sù    {  [ سورة الأنبياء. الآية: 25 ].

وكل رسول أو نبي بعث . إنما دعا إلى الله، والى دين الله.. ودين الله واحد، حقيقته التوحيد، جوهره الإيمان بالله . دون شريك أو نظير([20]).

فكلمة الإسلام  في إطار اللفظ . تعني في الأصل التسليم والخضوع. وفي مفهوم الدين، ومن خلال إطلاقها فيه، يراد منها: التسليم والخضوع لله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له.

وبهذا المعنى البسيط ، والتسليم والخضوع لأمر الله ومشيئته . أطلقت على كل من آمن بالله، وسلم لأمر الله، عن أي طريق، وبإتباع أي رسول ونبى . فإتباع كل الأنبياء الذين بعثهم الله تعالى، وكل من يدين  لله بأى دين من الأديان السماوية. هم مسلمون بهذا المعنى، ويصح إطلاق الإسلام عليهم..

وفى آيات القرآن الكريم كثير من الآيات التي تشير إلى ذلك. إذ أن القرآن الكريم اعتبر كل من آمن بالله تعالى، والتزم بطاعة أنبيائه مسلماً ([21]).

- يقول نوح لقومه:  } ßNöÏBé&ur ÷br& tbqä.r& šÆÏB tûüÏHÍ>ó¡ßJø9$#   {   

[ سورة يونس. الآية:72].

- وإبراهيم يقول: }$uZ­/u‘ $uZù=yèô_$#ur Èû÷üyJÎ=ó¡ãB y7s9 `ÏBur !$uZÏF­ƒÍh‘èŒ Zp¨Bé& ZpyJÎ=ó¡•B{ [سورة البقرة الآية: 128 ].

- وقال تعالى:  }وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ، إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ{[ سورة البقرة. الآية:130 :132 ]

- وأبناء يعقوب يجيبون أباهم : }߉ç7÷ètR y7yg»s9Î) tm»s9Î)ur y7ͬ!$t/#uä zO¿Ïdºtö/Î) Ÿ@ŠÏè»yJó™Î)ur t,»ysó™Î)ur $Yg»s9Î) #Y‰Ïnºur ß`øtwUur ¼ã&s! tbqßJÎ=ó¡ãB   { [ سورة البقرة. آية: 133 ]

- وقال موسى: } tA$s%ur 4Óy›qãB ÇPöqs)»tƒ bÎ) ÷LäêYä. LäêYtB#uä «!$$Î/ Ïmø‹n=yèsù (#þqè=©.uqs? bÎ) LäêYä. tûüÏJÎ=ó¡•B( [سورة يونس. الآية: 84 ]  وقال السحرة لفرعون: } $tBur ãNÉ)Zs? !$¨ZÏB HwÎ) ïcr& $¨ZtB#uä ÏM»tƒ$t«Î/ $uZÎn/u‘ $£Js9 $uZø?uä!%y` 4 !$uZ­/u‘ ùø̍øùr& $oYø‹n=tã #ZŽö9|¹ $uZ©ùuqs?ur tûüÏJÎ=ó¡ãB {  [ سورة الأعراف. الآية:126 ]

- وقالت بلقيس ملكة اليمن:    }  Å_Uu‘ ’ÎoTÎ) àMôJn=sß ÓŤøÿtR àMôJn=ó™r&ur yìtB z`»yJøŠn=ߙ ¬! Éb>u‘ tûüÏJn=»yèø9$#    { [ سورة النمل. آية: 42 ]

- وقال تعالى عن أنبياء بني إسرائيل: }  !$¯RÎ) $uZø9t“Rr& sp1u‘öq­G9$# $pkŽÏù “W‰èd ֑qçRur 4 ãNä3øts† $pkÍ5 šcq–ŠÎ;¨Y9$# tûïÏ%©!$# (#qßJn=ó™r& tûïÏ%©#Ï9 (#rߊ$yd{ [ سورة المائدة. الآية: 44 ]

-      وقال تعالى عن يوسف عليه السلام: } Éb>u‘ ô‰s% ÓÍ_tF÷s?#uä z`ÏB Å7ù=ßJø9$# ÓÍ_tFôJ¯=tãur `ÏB È@ƒÍrù's? Ï]ƒÏŠ%tnF{$# 4 tÏÛ$sù ÏNºuq»yJ¡¡9$# ÇÚö‘F{$#ur |MRr& ¾Çc’Í<ur ’Îû $u‹÷R‘‰9$# ÍotÅzFy$#ur ( ÓÍ_©ùuqs? $VJÎ=ó¡ãB ÓÍ_ø)Åsø9r&ur tûüÅsÎ=»¢Á9$$Î/  { [ سورة يوسف. الآية: 101 ]

-      والحواريون يقولون لعيسى: }  ß`øtwU â‘$|ÁRr& «!$# $¨YtB#uä «!$$Î/ ô‰ygô©$#ur $¯Rr'Î/ šcqßJÎ=ó¡ãB ( [ سورة آل عمران. الآية: 52 ]

-       وقال تعالى: } øŒÎ)ur àMø‹ym÷rr& ’n<Î) z`¿ÎiƒÍ‘#uqysø9$# ÷br& (#qãYÏB#uä †Î1 ’Í<qߙtÎ/ur (#þqä9$s% $¨YtB#uä ô‰pkô­$#ur $oY¯Rr'Î/ tbqßJÎ=ó¡ãB    {[ سورة المائدة. الآية: 111 ]

-      أما محمد r خاتم الأنبياء والمرسلين. فقد جاء في القرآن الكريم عنه:     } ßNöÏBé&ur ÷bL{ tbqä.r& tA¨rr& tûüÏHÍ>ó¡ßJø9$#    {[ سورة الزمر. الآية: 12 ]

-      وتسوق سورة فصلت هذا المبدأ الإسلامي للمسلمين: } ô`tBur ß`|¡ômr& Zwöqs% `£JÏiB !%tæyŠ ’n<Î) «!$# Ÿ@ÏJtãur $[sÎ=»|¹ tA$s%ur ÓÍ_¯RÎ) z`ÏB tûüÏJÎ=ó¡ßJø9$#     {[ سورة فصلت. الآية: 33 ]

-      إذن: لم يكن الإسلام، مقتصراً على فئة، دون فئة من المؤمنين، فكل مسلم بحكم إيمانه وتسليمه لأمر الله، وخضوعه لمشيئته. هو من المؤمنين فالإسلام في هذا الإطار، يتسع ليشمل كل من وضع قدمه، وسار في مسيرة الإيمان([22]).

وبالجملة :  نرى اسم الإسلام شعاراً عاماً يدور في القرآن على ألسنة الأنبياء و أتباعهم. منذ أقدم العصور التاريخية، إلى عصر النبوة المحمدية.

ثم نرى القرآن الكريم يجمع هذه القضايا كلها في قضية واحدة ، يوجهها إلى قوم محمد r، ويبين لهم فيها أنه لم يشرع لهم ديناً جديداً. وإنما هو دين الأنبياء من قبلهم: } tíuŽŸ° Nä3s9 z`ÏiB ÈûïÏe$!$# $tB 4Ӝ»ur ¾ÏmÎ/ %[nqçR ü“Ï%©!$#ur !$uZøŠym÷rr& y7ø‹s9Î) $tBur $uZøŠ¢¹ur ÿ¾ÏmÎ/ tLìÏdºtö/Î) 4Óy›qãBur #Ó|¤ŠÏãur ( ÷br& (#qãKŠÏ%r& tûïÏe$!$# Ÿwur (#qè%§xÿtGs? ÏmŠÏù{ [ سورة الشورى. الآية: 13 ]

ثم نراه  بعد أن يسرد سيرة الأنبياء وأتباعهم، ينظمهم في سلك واحد، ويجعل منهم جميعاً أمة واحدة، لها إله واحد، كما لها شريعة واحدة، } ¨bÎ) ÿ¾Ínɋ»yd öNä3çF¨Bé& Zp¨Bé& Zoy‰Ïmºur O$tRr&ur öNà6š/u‘ Âcr߉ç7ôã$$sù {[ سورة الأنبياء. الآية: 97]

ما هذا الدين المشترك الذي اسمه الإسلام، والذى هو دين كل الأنبياء والمرسلين ؟ إن الذي يقرأ القرآن يعرف كنه هذا الدين. إنه هو التوجه إلى الله رب العالمين، في خضوع خالص، لا يشوبه شرك، وفي إيمان واثق مطمئن، بكل ما جاء من عنده، على أي لسان، وفي أي زمان أو مكان دون تمرد على حكمه، ودون تمييز شخصي، أو طائفى أو عنصرى بين كتاب ، وكتاب من كتبه، أو بين رسول من رسله يقول القرآن: } !$tBur (#ÿrâÉDé& žwÎ) (#r߉ç6÷èu‹Ï9 ©!$# tûüÅÁÎ=øƒèC ã&s! tûïÏe$!$# ( [ سورة البينة. الآية:9]   ويقول } (#þqä9qè% $¨YtB#uä «!$$Î/ !$tBur tA̓Ré& $uZøŠs9Î) !$tBur tA̓Ré& #’n<Î) zO¿Ïdºtö/Î) Ÿ@ŠÏè»oÿôœÎ)ur t,»ysó™Î)ur z>qà)÷ètƒur ÅÞ$t6ó™F{$#ur !$tBur u’ÎAré& 4Óy›qãB 4Ó|¤ŠÏãur !$tBur u’ÎAré& šcq–ŠÎ;¨Y9$# `ÏB óOÎgÎn/§‘ Ÿw ä-ÌhxÿçR tû÷üt/ 7‰tnr& óOßg÷YÏiB ß`øtwUur ¼çms9 tbqãKÎ=ó¡ãB {[ سورة البقرة. الآية: 36 ].

فالإسلام أصبح من بعد، وعندما بعث الله محمداً r وبلغ رسالة ربه. أصبح مقتصراً على تلك الرسالة وحدها ومختصاً بها.

والآيـة الكريمـة التي اعتبرت الدين عنـد الله الإسـلام  }  !$tBur (#ÿrâÉDé& žwÎ) (#r߉ç6÷èu‹Ï9 ©!$# tûüÅÁÎ=øƒèC ã&s!  tûïÏe$!$#  {[ سورة آل عمران الآية: 60 ]. لا تعني إلا مجموعة من المبادئ الإسلامية، وتعاليم الإسلام([23]).

وما ذلك إلا لأن معنى التسليم لأمر الله والخضوع لمشيئته، الذي يعنيه الإسلام في مضمونه البسيط. أصبح له في رسالة محمد عليه الصلاة والسلام أسس ثابتة.

وهذه التعاليم تمثل المضامين العقيدية، وأصول الإيمان، التي أكدها الرسل والأنبياء، وتضيف إليها نظمها التشريعية المتكاملة الشاملة، لمختلف جوانب الحياة.

إذن رسالة الإسلام  هي الإسلام، بعد أن كون في واقعة وحدة الإيمان وجاء بالشريعة الدائمة، الصالحة لكل زمان ومكان. قال الله تعالى: }  tPöqu‹ø9$# àMù=yJø.r& öNä3s9 öNä3oYƒÏŠ àMôJoÿøCr&ur öNä3ø‹n=tæ ÓÉLyJ÷èÏR àMŠÅÊu‘ur ãNä3s9 zN»n=ó™M}$# $YYƒÏŠ ً {[ سورة المائدة. الآية: 9 ]

ومن هنا كان الإسلام يشتمل على:

[1] امتداد زماني في المعتقد الديني، يعرض لقضية البشرية من نشأتها إلى غايتها في إيجاز وجمال..

[2] شمول موضوعي يغطى مجالات الحياه جميعاً: سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وعقيدية، وتربوية، وفكرية، وأحداث تاريخية .

[3] شمول يضم الأديان كلها.

والمسلم مطالب بتصديق الأنبياء جميعا([24]).

ولقد دعا الإسلام المجتمع الإسلامى إلى أن يكون متسامحاً مع نفسه ومع الآخرين ومتعايشاً معهم. وله إلى هذه الإرادة دواع وأسباب كثيرة . يمكن إجمالها في دوافع ثلاثة هى:

أولاً: أن الإسلام في أساسه لا يقر التعصب كيفما كان ، جنسياً أو دينياً، لقيام هذا التعصب على الهوى ، وحب الذات وحدها، ورفض ما سواها، وإلغاء الآخر ويضع الإنسان من حيث هو في مكان التكريم. يقول تعالى:

} ô‰s)s9ur $oYøB§x. ûÓÍ_t/ tPyŠ#uä öNßg»oYù=uHxqur ’Îû ÎhŽy9ø9$# ̍óst7ø9$#ur Nßg»oYø%y—u‘ur šÆÏiB ÏM»t7ÍhŠ©Ü9$# óOßg»uZù=žÒsùur 4’n?tã 9ŽÏVŸ2 ô`£JÏiB $oYø)n=yz WxŠÅÒøÿs?   ([ سورة الإسراء. الآية: 7 ] إذ أن الله كرم بني آدم . بأن جعلهم في ذواتهم أعزة غير أذلة، وبأن فضلهم وجعل لهم مكانة متميزة من غيرهم من المخلوقات، فأتاح لهم قابلية التحضر ، واكتساب المعارف ، وتحقيق التطور.

وهذه الكرامة التي اختص الله بها الإنسان ذات أبعاد مختلفة: فهى حماية إلهية للإنسان، تنطوي على احترام حريته، وعقله، وفكره، وإرادته.

وهذه الكرامة تعني في النهاية، الحرية الحقيقية، وهى تلك الحرية الواعية المسؤولة التي تدرك أهمية تحملها : أمانة التكليف والمسؤولية ([25]).

يقول الله عز وجل: } $¯RÎ) $oYôÊttã sptR$tBF{$# ’n?tã ÏNºuq»uK¡¡9$# ÇÚö‘F{$#ur ÉA$t6Éfø9$#ur šú÷üt/r'sù br& $pks]ù=ÏJøts† z`ø)xÿô©r&ur $pk÷]ÏB $ygn=uHxqur ß`»|¡RM}$# { [ سورة الأحزاب. الآية: 2]  وقد جاء هذا التكريم منذ النشأة ، إذ خلقه الله من طين، ثم بث فيه من روحه ، وأمر الملائكة أن تسجد له تقديراً واحتراماً.يقول سبحانه: } øŒÎ) tA$s% y7•/u‘ Ïps3Í´¯»n=yJù=Ï9 ’ÎoTÎ) 7,Î=»yz #ZŽ|³o0 `ÏiB &ûüÏÛ  #sŒÎ*sù ¼çmçF÷ƒ§qy™ àM÷‚xÿtRur ÏmŠÏù `ÏB ÓÇrr•‘ (#qãès)sù ¼çms9 tûïωÉf»y™  { [ سورة ص. الآية: 71، 72 ]

ثم لم يلبث أن مكنه من العلم الذي يستطيع به أن يحقق وجوده ، وحياته في سياق الوضع الذي أراده الله له، إذ يقول عز وجل: } zN¯=tæur tPyŠ#uä uä!$oÿôœF{$# $yg¯=ä. {[ سورة البقرة. الآية:31]

ثانياً: إن الإسلام الحنيف يدعو إلى التعارف، أي إلى التجمع ، والتساكن ، وتبادل المنافع ، والمصالح ، والتعايش ، في أخذ وعطاء، وفي تأثر وتأثير دائمين، بعيداً عن أية عصبية جنسية ، أو عنصرية إقليمية ، أو نعرة ثقافية. وهو بذلك لا يرى فضلاً لأحد على الآخر إلا بالتقوى. يقول عز وجل } $pkš‰r'¯»tƒ â¨$¨Z9$# $¯RÎ) /ä3»oYø)n=yz `ÏiB 9x.sŒ 4Ós\Ré&ur öNä3»oYù=yèy_ur $\/qãèä© Ÿ@ͬ!$t7s%ur (#þqèùu‘$yètGÏ9 4 ¨bÎ) ö/ä3tBtò2r& y‰YÏã «!$# öNä39s)ø?r&   { [سورة الحجرات. الآية: 13] والتقوى تعني طلب الوقاية التي هي الصيانة من كل ما قد يصيبك من ضرر ومكروه. والحفظ منها والحصانة والمناعة.

والتعارف :  يقتضي القدرة عليه، وأكثر ما تتمثل فيه القدرة هو قبول الاختلاف في الرأي والمخالفة في العقيدة.

ثالثاً: أنه ينطلق من أن الاختلاف كامن في طبيعة الحياة وجبلة الخلق، إذ أن الله تعالى خلق الكون وما فيه ، ومن فيه ، على أساس من الاختلاف البارز في التنوع والتعدد، مما يتجلى في مختلف الظواهر والمظاهر.

يقول سبحانه } žcÎ) ’Îû È,ù=yz ÏNºuq»yJ¡¡9$# ÇÚö‘F{$#ur É#»n=ÏF÷z$#ur È@øŠ©9$# ͑$pk¨]9$#ur ;M»tƒUy ’Í<'rT[{ É=»t6ø9F{$# { [ سورة آل عمران. الآية: 19 ].

ويقول: } ô`ÏBur ¾ÏmÏG»tƒ#uä ß,ù=yz ÏNºuq»yJ¡¡9$# ÇÚö‘F{$#ur ß#»n=ÏG÷z$#ur öNà6ÏGoYÅ¡ø9r& ö/ä3ÏRºuqø9r&ur 4 ¨bÎ) ’Îû y7Ï9ºsŒ ;M»tƒUy tûüÏJÎ=»yèù=Ïj9 { [ سورة الروم. الآية: 22 ].

ويؤكد - عز وجل - هذه الحقيقة التي لا تبديل فيها فيقول: } ô`ÏBur ¾ÏmÏG»tƒ#uä ß,ù=yz ÏNºuq»yJ¡¡9$# ÇÚö‘F{$#ur ß#»n=ÏG÷z$#ur öNà6ÏGoYÅ¡ø9r& ö/ä3ÏRºuqø9r&ur 4 ¨bÎ) ’Îû y7Ï9ºsŒ ;M»tƒUy tûüÏJÎ=»yèù=Ïj9 {[ سورة هود. الآية: 118، 119 ].

أى أن سنة الله في الأرض تقوم على تباين البشر . سواء أكان هذا التباين يتعلق بالجنس أم اللغة أم الدين، أم بأى مكون من مكونات الحضارة والثقافة.

والإسلام بذلك يرى الأمر خاضعاً لإرادة الله ، والسر كامن فيها ويؤكد الله تعالى هذه الإرادة وما يترتب عليها من عدم إكراه الناس على الإيمان فيقول: } öqs9ur uä!$x© y7•/u‘ z`tBUy `tB ’Îû ÇÚö‘F{$# öNßg=à2 $·èŠÏHsd 4 |MRr'sùr& çn̍õ3è? }¨$¨Z9$# 4Ó®Lym (#qçRqä3tƒ šúüÏZÏB÷sãB { [ سورة يونس. الآية: 99 ]

وأنها لآية كريمة تدل على أن الله لو شاء لجعل الناس في مستوى واحد من  الفهم والإدراك المفضيين إلى الإيمان. ومن ثم فإن رسوله، عليه الصلاة  والسلام، لا يستطيع أن يزيل هذا التفاوت مهما تكن محاولاته([26]).

نعم ، إن السر في ترك الاختلاف يرجع إلى أن الإسلام يدعو إلى الإيمان الذي يقوم على النظر والتأمل والاختيار، ويرجع كذلك إلى أن الله تبارك وتعالى أتاح الفرصة لمن يؤمن ويعمل الصالحات، كى ينال حسن الثواب والجزاء، بالقياس إلى من لا يؤمن ولا يعمل الصالحات وما ينتظره من وعيد؛ لأن الإسلام حين يبيح الحرية الدينية يعتبر أن النظر في الخلاف حولها متروك لله الذي يقول: } ª!$$sù ãNä3øts† öNßgoY÷t/ tPöqtƒ ÏpyJ»uŠÉ)ø9$# $yJŠÏù (#qçR%x. ÏmŠÏù tbqàÿÎ=tFøƒs†  { [سورة البقرة. آية 113].

ولعلنا في هذا السياق نفهم معنى : } Iw on#tø.Î) ’Îû ÈûïÏe$!$# (  [ سورة البقرة. الآية:256]  أي لا ينبغى إلزام أحد بالدخول في الإسلام عن طريق الإرغام والاضطهاد والتخويف وما إلى ذلك. لأنه دين يقوم على التفكر والتدبر ؛ علماً بأن الحرية الدينية في منظور الإسلام تنطلق من أن الدين عقيدة وإيمان، أي شعور ذاتى ، وداخلي للإنسان، يقوم على الاقتناع ، ميل النفس ، واطمئنانها، لأنه استسلام وانقياد لله عز وجل ([27]).

والذين يعيشون مع المسلمين في المجتمع الإسلامي من غير المسلمين فقد أظهر لهم الدين من التسامح المفضي إلى التعايش، ليس فقط ما يكفل لهم حرية ممارسة عقائدهم، ولكن كذلك ما يجعلهم مواطنين في هذا المجتمع مندمجين فيه، موفوري الحرية والكرامة، غير منعزلين ولا مهمشين .

وتكفي الإشارة في هذا الصدد إلى أمور:

الأمر الأول: النهى عن مجادلة المسلمين لغيرهم ولا سيما أهل الكتاب. إلا بالتى هي أحسن. يقول عز وجل: } Ÿwur (#þqä9ω»pgéB Ÿ@÷dr& É=»tGÅ6ø9$# žwÎ) ÓÉL©9$$Î/ }‘Ïd ß`|¡ômr& žwÎ) tûïÏ%©!$# (#qßJn=sß óOßg÷YÏB ( (#þqä9qè%ur $¨ZtB#uä ü“Ï%©!$$Î/ tA̓Ré& $uZøŠs9Î) tA̓Ré&ur öNà6ö‹s9Î) $oYßg»s9Î)ur öNä3ßg»s9Î)ur ӉÏnºur ß`øtwUur ¼çms9 tbqßJÎ=ó¡ãB{[ سورة العنكبوت. الآية: 46 ] وهو موقف دقيق - لا شك - بحكم دقة المسائل العقيدية التي أثيرت ، ومازالت تثار على مستوى الحوار الإسلامي المسيحى طالما أن الإسلام على نحو ما مر دين يعنى بالفرد والجماعة معاً ، ويسعى إلى قيام مجتمع متآخ ومتكافل تسوده الحرية والتسامح، ويشعر فيه كل واحد بمسؤولية بنائه ، والحفاظ عليه.

الأمر الثاني: حرية ممارسة غير المسلمين لعقيدتهم، في طقوسها وشعائرها ومختلف مراسمها ومظاهرها الاحتفالية، مع الإقرار بأيام العطل والأعياد، والسماح بإقامة أماكن العبادة ، والسهر عليها بالمحافظة والصيانة والتنظيم ، وكذا احترام العادات والأعراف . يصل حرص الإسلام على حرية العقيدة مع احترام ممارستها ، وعدم الإجبار على تعطيلها أو تغييرها مهما تكن ظروف الضغط متاحة، إلى حد أنه إذا طلب أحد المشركين من مسلم أن يؤمنه ويحميه، فعليه أن يستجيب له حتى لا يصيبه سوء، إلى أن يصل إلى مكان أمنه، وهو منزله ، أو مقر قومه. يقول تعالى } ÷bÎ)ur Ӊtnr& z`ÏiB šúüÏ.Ύô³ßJø9$# x8u‘$yftFó™$# çnöÅ_r'sù 4Ó®Lym yìyJó¡o„ zN»n=x. «!$# ¢OèO çmøóÎ=ö/r& ¼çmuZtBù'tB   {[سورة التوبة. الآية: 6].

الأمر الثالث : إطلاق الإسلام على مخالفيه الذين يعيشون مع المسلمين في نفس المجتمع أهل الكتاب و الكتابيين وهى نسبة تتضمن اعتراف المسلمين بالكتب السماوية والرسل الذين بعثوا بها.

ويعترف الإسلام بأصحاب الملل والنحل الأخرى التي كانت معروفة قديماً وهى المجوسية والسامرية والصابئة.

فقد روي أن بعض المسلمين  ذكروا لعمر بن الخطاب قوماً يعبدون النار ليسوا يهوداً ولا نصارى ، ولا من قوم نزل عليهم كتاب ،  فأشكل الأمر على عمر، فقال عبد الرحمن بن عوف:  أشهد على رسول الله أنه قال: سنوا بهم سنة أهل الكتاب ([28]).

ويبلغ هذا التسامح مداه عند الممارسة والتطبيق على صعيد المجتمع كله انطلاقاً من توجيهات الرسول الأكرم - صلوات الله وسلامه عليه - وفق ما نقرأ في هذه الأحاديث الشريفة من آذى ذمياً فأنا خصمه ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة ([29]).

من قذف ذمياً حد له يوم القيامة بسياط من نار ([30]).

ومن قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة ([31])

وهي توجيهات نفذها الخلفاء الراشدون ، وقواد الفتح الإسلامي في جميع ما عقدوا من عهود ومواثيق ([32]).

وإذا كانت الضرورة في كل عصر تقتضي تقوية هذه الدعائم، فإنها تبدو اليوم أكثر إلحاحاً، بسبب سوء فهم مدلول التعايش الحق سواء بالنسبة للمسلمين أو لغيرهم وما ترتب عليه من تفريط في شؤون الدين وابتعاد عنه في كثير من جوانب الحياة، وانحراف سلوك الأفراد والجماعات، وما نتج عن ذلك كله من ظروف متأزمة يعيشها المسلمون ومن يساكنهم بفعل عوامل داخلية وخارجية.

وهي تقتضي البدء بإصلاح الذات ومعالجة مشاكلها بما يقوي المجتمع بل المجتمعات الإسلامية في بنيانها الداخلي ، ويجعلها قادرة على الصمود ومواجهة كل التحديات والاعتداءات.

من هذا المنظور، يتبين أن غير المسلمين يعيشون مع المسلمين داخل المجتمع الإسلامي، متمتعين بمساواة تامة([33]).

ولا يخفى على أهل العلم . أن الأمن مطلب للإنسان الذي كرمه الله ، وهو نعمة تعم الناس جميعاً في المجتمع الإسلامي.

وأحكام الإسلام المنزلة من الله تعالى، والمبينة بسنة رسوله r، تدل على أن أمن غير المسلمين الذين يعيشون في المجتمع الإسلامي. على أنفسهم ومالهم وعرضهم، مضمون ما داموا ملتزمين بما تقضي به الأحكام.

وهي أحكام واضحة أوجبها الإسلام، ولم توجبها المصالح المتبادلة بين المسلمين وغير المسلمين، ولم تلزم بها المسلمين قواعد القانون الدولي، أو المعاهدات بين الدول الإسلامية وغيرها، لأن هذه الأحكام جانب مهم من شريعة الإسلام الكاملة، يجب على الدولة الإسلامية تطبيقها والعمل بها . فهي واجب ديني ، قبل أن تكون مصلحة سياسية والتزاماً دولياً.

إن الإسلام يقيم مجتمعاً إنسانياً راقياً وهو لذلك يقيم العلاقة بن الناس جميعاً على أسس وطيدة من العدل والبر والرحمة.

ونستطيع أن نقول بإيجاز: أن الإسلام يتميز في خصوص التعامل مع غير المسلمين بأمرين مهمين:

الأمر الأول: أن له نظاماً، يعد جزءاً لا يتجزأ من شريعته المتكاملة ، وهو نظام للمسلمين يعملون به دائماً ويلزمهم بحكم عقيدتهم،ولم يترك الإسلام العلاقة مع غير المسلمين لتقلبات المصالح والأهواء، ولنزعات التعصب العرقي ، أو اللوني أو الديني .

لقد اعترف  الإسلام بوجود الآخر ، لذا دعا إلى أهمية التعامل معه، ووضح القواعد التي تضمن حق المسلمين في المجتمع ، وحق الآخرين الذين يعايشونهم ، دائماً أو بصفة مؤقتة ، ولم يكن ذلك معهوداً في الممالك والإمبراطوريات القديمة قبل الإسلام.

الأمر الثاني: أن القواعد التي وضعها الإسلام لتنظيم العلاقة بين المسلمين وغيرهم في المجتمع الإسلامى، تتميز بالسماحة واليسر، وحفظ الحقوق، وتجنب الظلم  كما قال تعالى:} ô‰s)s9ur $oYøB§x. ûÓÍ_t/ tPyŠ#uä öNßg»oYù=uHxqur ’Îû ÎhŽy9ø9$# ̍óst7ø9$#ur Nßg»oYø%y—u‘ur šÆÏiB ÏM»t7ÍhŠ©Ü9$# óOßg»uZù=žÒsùur 4’n?tã 9ŽÏVŸ2 ô`£JÏiB $oYø)n=yz WxŠÅÒøÿs? {  [ سورة الإسراء. الآية: 70 ]

وفي أوقات السلم والتعامل في شؤون الحياة المختلفة، يحرص التشريع الإسلامي على حفظ حق الحياة، وحفظ حق العمل ، والسعي ، والكسب المشروع لغير المسلم في المجتمع الإسلامي ، ويبلغ التسامح بالنسبة إلى من يعايشون المسلمين بصفة دائمة من أهل الكتاب، حداً يصل إلى حفظ حقهم في التكافل الاجتماعي، بحيث ينال معونة الدولة الإسلامية من تقصر به حالته من العجز أو المرض أو الشيخوخة عن السعي والكسب.

ولا شك أن التشريع الإسلامي بهاتين الميزتين يضمن العيش الآمن لغير المسلمين على أن يكونوا أفراد يعملون من أجل خدمة هذا المجتمع وتنميته.

وتكفل أحكام الشريعة، أن يتمتع غير المسلمين من يعيشون في المجتمع الإسلامي بالأمن على حياتهم ومالهم وعرضهم، وهذه الحماية مستمرة، سواء أكانوا من المعاهدين والمستأمنين أم من أهل الوطن، ما داموا ملتزمين بالعهد.

وتشمل حماية غير المسلمين في المجتمع الإسلامى الحماية من العدوان الخارجى. ففى كتاب مطالب أولي النهى يجب على الإمام حفظ أهل الذمة، ومنع ما يؤذيهم، وفك أسرهم، ودفع من قصدهم بأذى.

وفي الفروق للقرافي أن ابن حزم الظاهري، يجيز أن يقاتل المسلمون عن أهل الذمة المواطنون ويموتون دون ذلك.

وتشمل كذلك، الحماية من الظلم الداخلي، أي داخل المجتمع الإسلامي،  وتعني دفع كل اعتداء عليهم، وتأمين أنفسهم وأبدانهم وأعراضهم وأموالهم وحقوقهم، التي تكفلها لهم الشريعة.

فأمن الذميين على أنفسهم وبدنهم مضمون بالشريعة ؛ لأن الأنفس والأبدان معصومة باتفاق المسلمين.

يقول الرسول  r  من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً([34]).

وقال الإمام مالك والليث: إذا قتل المسلم الذمي غيلة يقتل به

وذهب الشعبي وأبو حنيفة، إلى قتل المسلم بالذمي، لعموم النصوص الموجبة للقصاص ولاستوائهما في عصمة الدم المؤبدة.

وتقطع يد المسلم بسرقة مال الذمي مع أن المال أهون من النفس.

والمال الذي يعد ذا قيمة عند غير المسلمين كالخمر والخنزير، فإنه إذا أتلفه أحد من المسلمين، فإن الإمام أبا حنيفة، يرى أن يعوض الذمي عنهما.

وفي الدار المختار من كتب الحنفية: يجب كف الأذى عن الذمي، وتحرم غيبته كالمسلم.

ويقول ابن عابدين في حاشيته: بل قالوا: إن ظلم الذمي أشد .

وكان من سنة الخلفاء الراشدين، دفع الضرر عن أهل الذمة وإعانتهم من بيت المال إن قعدت بهم الشيخوخة.

وقد ورد في كتاب الخراج لأبي يوسف، ما فعله عمر رضي الله عنه مع شيخ يهودي يسأل الناس، وما فعله مع المرضى من النصارى بالجابية من أرض الشام فقد أمر بالإنفاق عليهم من بيت المال.

لقد أدرك الخليفة عمر رضي الله عنه، أن أهل الذمة ينبغي أن لا يعيشوا محرومين من القوت الضروري، أو العلاج من المرض وسط مجتمع مسلم، ولا نجد لذلك مثالاً في حضارة من الحضارات السابقة على الإسلام، بل نجد إنكاراً لهذه القيمة الإسلامية في بعض المجتمعات الحديثة.

والأساس لحقوق غير المسلمين الذين يعيشون في المجتمع الإسلامى، لم يكن وليد تطور اجتماعي أو تقدم حضارى، ولكن أساسه في القرآن الكريم، قال الله تعالى   :  } žw â/ä38yg÷Ytƒ ª!$# Ç`tã tûïÏ%©!$# öNs9 öNä.qè=ÏG»s)ム’Îû ÈûïÏd‰9$# óOs9ur /ä.qã_̍øƒä† `ÏiB öNä.̍»tƒÏŠ br& óOèdr•Žy9s? (#þqäÜÅ¡ø)è?ur öNÍköŽs9Î) 4 ¨bÎ) ©!$# =Ïtä† tûüÏÜÅ¡ø)ßJø9$#، $yJ¯RÎ) ãNä39pk÷]tƒ ª!$# Ç`tã tûïÏ%©!$# öNä.qè=tG»s% ’Îû ÈûïÏd‰9$# Oà2qã_t÷zr&ur `ÏiB öNä.̍»tƒÏŠ (#rãyg»sßur #’n?tã öNä3Å_#t÷zÎ) br& öNèdöq©9uqs? 4 `tBur öNçl°;uqtFtƒ šÍ´¯»s9'ré'sù ãNèd tbqßJÎ=»©à9$#  {[ سورة الممتحنة. الآية: 8،9 ] وفي الآية الكريمة، إشارة إلى البر بالمخالف في الدين، وهى درجة لم يصل إليها أهل الحضارة المعاصرة .

ولم تقتصر الشريعة الإسلامية على حماية من يعيش في مجتمع مسلم، في حياته الدائمة والمستقرة بين أسرته، وفي مقر عمله الذي يكتسب منه، وهى حالة الذميين، وإنما تجاوزت ذلك إلى حماية المخالف في الدين، الذي يحضر إلى بلاد المسلمين للعمل، أو التجارة أو لشأن من الشؤون المباحة كالسياحة أو العمل.

فالإسلام بذلك ، لا يقاطع الآخر مقاطعة شاملة ، ولا يحرم أصل التعامل مع غير المسلمين لتحقيق مصالح المجتمع الإسلامي من خلال تلك العلاقات.

والأقليات الدينية في إيران مثلاً تشتمل على عدة أديان مختلفة والتي تعرف في إيران بالأسماء التالية: الزرادشتية اليهودية الأرمنية الأشورية الكلدانية. وتعرف هذه الأقليات الدينية أيضاً بالأقليات السياسية، وفي نفس التوقيت الذي شكل فيه مجلس الشورى في إيران منذ أكثر من 100 عام كان لكل منها ممثلاً ينوب عنها بغض النظر عن صغر عددها.

في مجلس الشورى الإسلامي يبلغ عدد نواب مجلس الشورى الإسلامي حالياً 290 نائب بمعنى نائباً لكل 350000 نسمة.

وأكثر هذه الأقليات لها معابد، ومؤسسات، وصحف ومجلات خاصة بها، تعمل في مختلف المجالات الاجتماعية.

ودليل على السلوك الحسن.. فإن بعضها له مكانة خاصة لدى الإيرانيين، وعلى سبيل المثال: فإن الإيرانيين لا يزالون يتذكرون سلوك أقليتين منها. هما: الأرمينية والزرادشتية. بكل الإخلاص والصدق.

ومما يثبت ذلك أن الشعب الإيراني قد شكل من أقواماً تاريخية مختلفة منذ قديم الزمان والتي كانت تقطن ذلك البلد ولها صلات مشتركة مع بعضها البعض، ولا تطلق كلمة أقلية أبداً على أي منها.. حتى أتباع المذاهب الإسلامية المختلفة لا يطلق عليها أقليات.

وتعداد الإيرانيين اليهود حوالي 25 ألف نسمة يعيشون في خمسة وعشرين مدينة مختلفة وعلاوة على المقابر المخصصة لهم، فإن لديهم 43 كنيسة.

وتقع في إيران بعض من مقابر حاخامات الدين اليهودي وأنبياء بني إسرائيل أيضاً من بينها مقبرة النبي دانيال، أسترو مردخاي، والنبي حبقوق وأيضاً اليهود الإيرانيون لا ينتمون ٍإلى الصهيونية ويبذلون محاولات كثيرة لإظهار وجه الصهيونية والتي تعد إذاعة صوت داود من ضمنها.

ويبلغ عدد الأرمن الإيرانيون حوالي 100000 نسمة يعيشون في مدن مختلفة في أنحاء الجمهورية.. وفي الواقع فهم يعدون من أكبر الأقليات المسيحية في إيران وأكثرهم يعيشون في إيران منذ عصر الدولة الصفوية، ولديهم كنائس مشهورة يزيد عددها عن مائة وأربعين كنيسة، وسبعة وستين منها مسجلة في فهرست الآثار الإيراني الوطني، ويقوم كثير من المسيحيين من كل أنحاء العالم كل عام بزيارة كنائسهم وممارسة شعائر العبادة الخاصة بهم ومنها مثلاً كنيسة »وانك« في مدينة أصفهان وكنيسة قرة كليا في محافظة أذربيجان.

ويبلغ عدد الأشوريين الإيرانيين - أحد أفرع المسيحية - حوالي 30000 نسمة، وتعداد الكلدانيين - الكاثوليك - أكثر من 8000 نسمة. أما عدد الزراد شتين فيبلغ عددهم حوالي 20000 نسمة وأكثرهم يتواجدون في مدينة طهران. وخراسان . وكرمان، ويزد، ولديهم معابد أثرية يمتد تاريخها إلى ما قبل الإسلام.

وتدرس هذه الأقليات في مدارس وجامعات إيران، ويدرس الدين الخاص بهم في المراكز التعليمية كمادة بدلاً من مادة الدين الإسلامي، وعلاوة على ذلك فإن لديهم أكثر من خمسين مدرسة تخصصية. وعلى أساس القوانين المقررة من قبل مجلس الشورى الإسلامي، فإنه لا يوجد أي فرق بين الأقليات الدينية وبين المواطنين الإيرانيين الآخرين، فهم متساوون في الحقوق، وحتى العام الماضي، فقد قرر مجلس الشورى الإسلامي أن فدية الأقليات هي نفس فدية المسلمين([35]).

لقد وفرت الشريعة الإسلامية، حماية للمستأمن الذي يفد إلى بلاد الإسلام لشأن من الشؤون المباحة، ويدخل إلى ديار المسلمين بإذن منهم.

إن الأمة الإسلامية تنطلق من نظرة شاملة للإنسان ، وان هذه النظرة تبقى أساسية وصالحة للبشر في كل زمان ومكان .

وثمة أمور يحسن أن نؤكد عليها وهى:

1 - إن العصر الحاضر هو عصر التواصل البشري، وعصر التحاور الثقافي، ويمكن القول انه قرن التدافع الثقافي.

وهذا توجه مهم ومفيد يلزم المسلمين استقباله ، والتعامل معه بإيجابية وارتياح لأن منهجية الحوار بالبيان والحكمة، منطلق أساسى في منهج القرآن الكريم وأدبيات الدعوة إلى قيم الإسلام، التزاما بالتوجيه الرباني جل شأنه : } äí÷Š$# 4’n<Î) È@‹Î6y™ y7În/u‘ ÏpyJõ3Ïtø:$$Î/ ÏpsàÏãöqyJø9$#ur ÏpuZ|¡ptø:$# ( Oßgø9ω»y_ur ÓÉL©9$$Î/ }‘Ïd ß`|¡ômr& {  [ سورة النمل. الآية: 125 ].

2 - المسلمون مطالبون بالسعي للحوار مع الناس بما يحقق وضوح الرؤية ويجمع الكلمة على المبادئ والقيم الربانية الخالدة. وهذا في قوله تعالى   } ö@è% Ÿ@÷dr'¯»tƒ É=»tGÅ3ø9$# (#öqs9$yès? 4’n<Î) 7pyJÎ=Ÿ2 ¥ä!#uqy™ $uZoY÷t/ ö/ä3uZ÷t/ur žwr& y‰ç7÷ètR žwÎ) ©!$# Ÿwur x8Ύô³èS ¾ÏmÎ/ $\«ø‹x© Ÿwur x‹Ï‚­Gtƒ $uZàÒ÷èt/ $³Ò÷èt/ $\/$t/ö‘r& `ÏiB Èbrߊ «!$# { [ سورة آل عمران. الآية 64].

ولعلك تدرك أن هذه الآية الكريمة جاءت لتقرر مبادئ إسلامية في علاقات المسلمين بغيرهم:

-                       مبدأ الاعتراف بالآخرين.

-                        مبدأ الحوار وأهميته.

-                        مبدأ استشراف المستقبل في ظل علاقات إنسانية سامية ([36]).

3 إن الإسلام الذي نعتقده ونفهمه وفق النصوص الثابتة القاطعة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، هو دين الله تعالى الذي أرسل به الرسل جميعاً، منذ أبينا آدم عليه السلام وحتى سيدنا محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، وفق مسميات ومعانً تناسب الزمان والمكان لكل قوم مقتضى حالهم وحياتهم التي كانوا يعيشون، وأن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بعث لتختم به دعوة الله تعالى ورسالاته، ولتكتمل بما جاء به دعوة الأنبياء والرسل من قبله، في ظروف من الزمان والمكان تحقق للناس بها من أسباب التعارف والتعايش، ما يصلح معها مخاطبتهم جميعاً بتمام ما أراد لهم ربهم وخالقهم من مبادئ وقيم ومنطلقات، تستقيم معها حياتهم ويتحقق لهم بها الخير كل الخير، وهذا واضح في قوله تعالى:  } (#þqä9qè% $¨YtB#uä «!$$Î/ !$tBur tA̓Ré& $uZøŠs9Î) !$tBur tA̓Ré& #’n<Î) zO¿Ïdºtö/Î) Ÿ@ŠÏè»oÿôœÎ)ur t,»ysó™Î)ur z>qà)÷ètƒur ÅÞ$t6ó™F{$#ur !$tBur u’ÎAré& 4Óy›qãB 4Ó|¤ŠÏãur !$tBur u’ÎAré& šcq–ŠÎ;¨Y9$# `ÏB óOÎgÎn/§‘ Ÿw ä-ÌhxÿçR tû÷üt/ 7‰tnr& óOßg÷YÏiB ß`øtwUur ¼çms9 tbqãKÎ=ó¡ãB  { [ سورة البقرة. الآية: 136 ].

4 الأمة الإسلامية تحكم علاقاتها وتحاوراتها مع الآخرين قاعدة أساس تقوم  على أساس صحة كل علاقة ، وسلامة كل حوار .

5 إن مبدأ المسلمين وهم يعرضون مبادئ وتعاليم الإسلام على الناس، تحكمه قيم وآداب لا ينبغي للمسلمين تجاوزها ومخالفتها ولا يصح معها تجريح وسباب معتقدات الآخرين، وهذا صريح في قوله تعالى: } Ÿwur (#q™7Ý¡n@ šúïÏ%©!$# tbqããô‰tƒ `ÏB Èbrߊ «!$# (#q™7Ý¡uŠsù ©!$# #Jrô‰tã ΎötóÎ/ 5Où=Ïæ    {[ سورة الأنعام. الآية: 108].

6- والمجتمعات الإسلامية وفق تعاليم الإسلام وقيمه ، مأمورة بالتزام العدل وإنصاف الناس مع وجود الاختلاف في العقيدة وقيام الخصومة والشحناء معهم،حيث يأمر الله سبحانه وتعالى بقوله: } Ÿwur öNà6¨ZtB̍ôftƒ ãb$t«oYx© BQöqs% #’n?t㠞wr& (#qä9ω÷ès? 4 (#qä9ωôã$# uqèd Ü>tø%r& 3“uqø)­G=Ï9 { [ سورة المائدة. الآية: 8 ].

7- إن منهج القرآن يعلم المسلمين ويؤكد عليهم : أن البشرية مدعوة بأمر ربها جل شأنه، للتعارف والتعايش وفق القيم والمعايير الربانية على اختلاف أجناسهم وأعراقهم وأديانهم وألوانهم، وإن إتيان الحق ومجانبة الباطل هو أساس التنافس بينهم، وهو أساس معيار القرب والبعد من تقوى الله ومرضاته، وهذا في قوله تعالى    : } $pkš‰r'¯»tƒ â¨$¨Z9$# $¯RÎ) /ä3»oYø)n=yz `ÏiB 9x.sŒ 4Ós\Ré&ur öNä3»oYù=yèy_ur $\/qãèä© Ÿ@ͬ!$t7s%ur (#þqèùu‘$yètGÏ9 4 ¨bÎ) ö/ä3tBtò2r& y‰YÏã «!$# öNä39s)ø?r&   { [ سورة الحجرات. الآية: 13 ].

8- مجتمعات الأمة الإسلامية يحددها وهى تتعامل مع غيرها من الناس تعاليم الله  وتوجيهات الرسول r، التي تطالبها وتؤكد عليها السعي في تحقيق مصالح العباد، وجلب النفع العام لهم، وأن ذلك السعى الصادق هو السبيل لنيل محبة الله تعالى والفوز بمرضاته حيث جاء في الأثر: الخلق كلهم عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله.

9- إن الإسلام يؤكد : أن أساس دين الله تعالى، يقوم على إقامة العدل بين الناس، وشيوع قيم الإحسان بينهم، والعمل على مكافحة الفحشاء والمنكر ، ومحاربة البغي في حياتهم، وقد عظم فقهاء الإسلام قيم العدل، حتى جعلوه معياراً لنصرة الله وتأييده لأي ملة تقيمه حيث يقول العلماء: ( إن الله لينصر الدولة الكافرة العادلة على الدولة المسلمة) وهذا كله في ضوء فهمهم لقول الله تعالى: } ¨bÎ) ©!$# ããBù'tƒ ÉAô‰yèø9$$Î/ Ç`»|¡ômM}$#ur Ǜ!$tGƒÎ)ur “ÏŒ 4†n1öà)ø9$# 4‘sS÷Ztƒur Ç`tã Ïä!$t±ósxÿø9$# ̍x6YßJø9$#ur ÄÓøöt7ø9$#ur 4 öNä3ÝàÏètƒ öNà6¯=yès9 šcr㍩.x‹s?    { [ سورة النمل. الآية: 90].

10-المسلمون يعتقدون بمشروعية التدافع الإنساني ، ويؤمنون بأن منهجية التدافع بين الناس القائمة على أساس التنافس، في جلب المصالح ، ودرء المفاسد، كفيلة بتحقيق الحياة الأفضل لهم جميعاً، وتوفير الأمن والاستقرار، وصرف الفساد عن الأرض، وهذا مؤكد في قول الله تعالى: } Ÿwöqs9ur ßìøùyŠ «!$# }¨$¨Y9$# OßgŸÒ÷èt/ <Ù÷èt7Î/ ÏNy‰|¡xÿ©9 Ùßö‘F{$# £`Å6»s9ur ©!$# rèŒ @@ôÒsù ’n?t㠚úüÏJn=»yèø9$#  { [ سورة البقرة. الآية: 25 ]..

ومن جهة أخرى فإن التدافع بين الناس لجدير بحماية حرية الناس في معتقداتهم وأنماط حياتهم، وصيانة معابدهم على اختلاف مللهم، وهذا في قوله تعالى } Ÿwöqs9ur ßìøùyŠ «!$# }¨$¨Z9$# Nåk|Õ÷èt/ <Ù÷èt7Î/ ôMtBÏd‰çl°; ßìÏBºuq|¹ Óìu‹Î/ur ÔNºuqn=|¹ur ߉Éf»|¡tBur ㍟2õ‹ãƒ $pkŽÏù ãNó™$# «!$# #ZŽÏVŸ2   { [ سورة الحج. الآية: 40 ].

ومن مفاخر الفقه السياسي في الإسلام، أن الشرائع جاءت لتحقيق مصالح العباد حيث أن مبناها يقوم على تحقيق أكمل المصلحتين ودفع أعظم المفسدتين.

11- الأمـة الإسلامية تعتقد وتؤمن بأنها شريكة مع غيرها في منهج الاستخلاف لعمارة الأرض ، وليست محتكرة لهذا المنهج، وأن غياب المسلمين أو تغيبهم عن المشاركة في منهج الاستخلاف ، أو تجريــد هذا المنهج من القيم الربانية، سيؤدي لا محالة إلى فساد الأرض ، ودمار حيــــاة الناس عليها، وهذا مؤكــد في قول الله تعالى:  } y7Ï9ºsŒ óOßg¯Rr'Î/ (#qèd̍x. !$tB tAt“Rr& ª!$# xÝt7ômr'sù óOßgn=»yJôãr& ،  óOn=sùr& (#r玍šo„ ’Îû ÇÚö‘F{$# (#rãÝàYu‹sù y#ø‹x. tb%x. èpt7É)»tã tûïÏ%©!$# `ÏB óOÎgÏ=ö7s% 4 t¨ByŠ ª!$# öNÍköŽn=tã ( z`ƒÌÏÿ»s3ù=Ï9ur { [ سورة محمد. الآية: 9،10].

12- إن مبادئ الإسلام وقيمه تعلم المسلمين وتؤكد عليهم . ألا يبخسوا الناس أشياءهم ، وألا يحتقروا كدحهم وجهدهم في كل عمل بناء، يحقق الإعمار والإبداع الحضاري.. وتلزم تعاليم الإسلام المسلمين احترام وتقدير كل عطاء خير في ميادين القيم والسلوكيات وفي ميادين الماديات والوسائل والمهارات، يلتقي ذلك مع قيم وتوجيهات منهج الاستخلاف الرباني في عمارة الأرض.. بل إن القرآن الكريم يعتبر احتقار سعي الناس وبخس مشيهم الإيجابي الفعال المثمر في الأرض، من العبث والإفساد . الذي يمقته الإسلام، ونهى عنه . وهذا في قوله تعالى:   } ( Ÿwur (#qÝ¡y‚ö7s? }¨$¨Z9$# öNèduä!$u‹ô©r& Ÿwur (#öqsW÷ès? †Îû ÇÚö‘F{$# tûïωšøÿãB    {[ سورة هود الآية: 85].

13- إن الإسلام مثلما وضع ثوابت ومنطلقات، وقدم قيماً ومبادئ كلية لضبط أدبيات ومقومات التعايش البشري والتعارف الإنساني، فإنه أيضاً وضع ثوابت ومنطلقات  وقدم قواعد وأسساً لضبط حركة مصالح الناس وقدم قيماً وأدبيات لإحكام سيولة تبادل المنافع بين المجتمعات، في إطار التعايش والتعارف بينهم([37]).

وبعد .. فإن المسلمين وفق هذا المنهج الرباني العادل، وموروثه القيمي والتشريعي، وفي ضوء قدراتهم المادية والسياسية، ليجدون أنفسهم مؤهلين كل التأهيل لأداء مهمتهم ومساهمتهم الإيجابية الفعالة في معترك التدافع الإنساني البشري . لإقامة نظام عالمي عادل، ينهي حالة القلق والذعر التي تحيق بالناس،ويصرف أسباب الفساد عن الأرض . ويضع حداً لتدهور العلاقات الدولية في أكثر من موقع.

ويزيل عوامل الاضطراب والجشع والاصطراع السياسي والاقتصادي بين الأمم.

ويضبط حركة التدافع الإنساني، ويقيم موازين القسط للتعايش والتعاون البشري.

ويرتقي بمنهج التبادل والتكامل الثقافي، بما يحقق للناس تطلعاتهم لحياة إنسانية آمنة مطمئنة تنعم بالأمن والاستقرار والعدل والسلام.

والمسلمون من أجل هذه المهمة الجليلة النبيلة، على استعداد لكل حوار بناء مع أي جهة معينة ، وفعالة شعبياً ، ورسمياً . للسير بالإنسانية نحو الخير والفلاح([38]).

وقد لا يخفى على أحد . أن الأمة الإسلامية تمتلك رصيداً ضخماً من القيم الهادفة. يمكن استثماره فيما يفيد الإنسانية.

 

 ([1]) انظر: د. أحمد السايح، الفضيلة والفضائل في الإسلام، ص 47، ط: مركز الكتاب للنشر، القاهرة، 1998م.

([2]) انظر: د. أحمد السايح، المصدر السابق، ص 9.

([3]) أنظر: الدكتور أحمد السايح، الفضيلة والفضائل في الإسلام، ص 47، 48، مركز الكتاب للنشر بالقاهرة.

([4]) التاج الجامع للأصول، ج 1، ص 61.

([5]) التاج الجامع للأصول، الجزء الأول، ص 61.

([6]) الدكتور أحمد السايح: الخطاب الديني والواقع المعاصر، ص 65، ط المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ص 80.

([7]) انظر الدكتور أحمد السايح، الفضيلة والفضائل في الإسلام .

([8]) الأستاذ فهمي هويدي: مواطنون لا ذميون، ص 81، ط دار الشروق.

([9]) الدكتور عباس الجراري، الإسلام اليوم 144، ص 36 .

([10]) د . محمد عبد الله الشرقاوي، مقدمة الرد الجميل لإلهية عيسى، المقدمة، ص 17، ط : دار الهداية بمصر، 1406هـ . 

([11]) د. أحمد شلبي، مقارنة الأديان، ( اليهودية )، ص 27، ط : مكتبة النهضة، 1978م .

([12]) انظر أبو الحسن العامري: مناقب الإسلام، ص 123.

([13]) د. أحمد عبد الرحيم السايح، فلسفة الحضارة الإسلامية، ص 22 .

([14]) د. أحمد السايح، الفضيلة والفضائل في الإسلام، ص 26، ط : الأزهر 1984م .

([15]) المصدر السابق، ص 27 بتصرف .

([16]) د, أحمد السايح، الفضيلة والفضائل في الإسلام، ص 27 .

([17]) راجع : الدكتور أحمد السايح، فلسفة الحضارة الإسلامية، ص 25 .

([18]) انظر : الدكتور محمد دراز، الدين بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان، ص 175 .

([19]) انظر : محمود بن الشريف، الأديان في القرآن، ص 31 .

([20]) راجع : الدكتور محمود بن الشريف، الأديان في القرآن، ص 31 .

([21]) راجع : الدكتور أحمد السايح، فلسفة الحضارة الإسلامية، ص 25 .

([22]) راجع الدكتور أحمد السايح، فلسفة الحضارة الإسلامية، ص 27 .

([23]) الدكتور محمد عبد الله دراز، الدين، ص 176 .

([24]) الدكتور أحمد السايح، فلسفة الحضارة الإسلامية، ص 27، 28، 29.

([25]) انظر الدكتور محمود حمدي زقزوق، دور الإسلام في تطور الفكر السياسي .

([26]) انظر الدكتور عباس الجراري، مجلة الإسلام اليوم، العدد رقم 14، ص 21-23 بتصرف. المعرب .

([27]) المصدر السابق .

([28]) كتاب الخراج لأبي يوسف بن إبراهيم، ص 74 ( ط : السلفية، مصر 1347هـ ) .

([29]) رواه الخطيب البغدادي عن ابن مسعود .

([30]) أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة .

([31]) رواه البخاري ومسلم وابن ماجه عن عمرو بن العاص .

([32]) انظر الدكتور عباس الجراري، الإسلام اليوم، عدد 14، ص 29 32 .

([33]) المصدر السابق .

([34]) رواه البخاري وأحمد في المسند وابن ماجه .

([35]) مجلة لوتس،  ص 64 - 67، عدد شهر أغسطس سنة 2005، القاهرة.

([36]) بحث للدكتور أحمد السايح شارك به في المؤتمر الإسلامي التاسع الذي عقده المجلس الأعلى للشئون الإسلامية في القاهرة .

([37]) انظر الدكتور حامد الرفاعي، الإسلام والنظام العالمي الجديد، ص 130-131 .

([38]) المصدر السابق، ص 139 .