تحديات العولمة (الجذور الفكرية والفلسفية للعولمة) وموقف الإسلام

تحديات العولمة (الجذور الفكرية والفلسفية للعولمة) وموقف الإسلام

 

 

تحديات العولمة (الجذور الفكرية والفلسفية للعولمة) وموقف الإسلام

 

الدكتور مهدي مفتاح امبيرش

استاذ فلسفة التاريخ والحضارة ـ ليبيا

 

بسم الله الرحمن الرحيم

إن أهم ما يجب التأكيد عليه ونحن بصدد تحديات العولمة أن نعدد مفهوم العولمة ذاته، ولأن العولمة لا تزال مجرد اطروحات عامة وسياسات، فإننا سنأخذ بالقول (إن ادراك الشيء جزء من تصوره)، أن اننا نتصور مستقبل العالم والبشرية في ضوء هذه العولمة، وإن كنا ننبه منذ البداية ان المصطلح في شكله الانجليزي، على سبيل المثال (Globalization)، يعطي اغراء خادعاً، فالذين وضعوا هذا المصطلح ويحاولون تسويقه، خاصة بعد سقوط ما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي وانفراد الولايات المتحدة بالعالم باعتبارها اقوى دولة عسكرياً وتقنياً، محاولة عن طريق الهيمنة السياسية والاقتصادية ان تركز كل معطيات القوة في يدها.

 

اقول ان مصطلح العولمة يخفي حقيقة ان مفهومه الذي يبدو طبيعياً هو غير واقعه، فما يقدم هو تدخل قسري لجعل ما ليس عالمياً عالمياً، انه اذا استخدمنا الاشتقاق الانجليزي عملية (Globalizing) لا (Globalization).

 

من هنا فنحن بصدد مصطلح سيعتمد التشويه والتزييف للمفاهيم بعد ان فشل ما يسمى (بالنظام العالمي الجديد)، مصطلحاً يبرر سياسات الهيمنة والاحتواء تحت وهم النظام.

 

لقد أكد القرآن قيمة المرجعية في السلوك الانساني، فالمرجعية هي اساس العلاقات الانسانية، وعندنا نحن المسلمين ان القرآن الكريم وسنة الرسول الأعظم التي امره الله بتبليغها او نعلها، او اقرارها، والتأكيد على اكتمال الدين وإتمام النعمة (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً).

 

أقول: ان هذه المرجعية هي ما يحكم بها على التاريخ، ان على افعال البشر، فافعال البشر تقاس بهذه المرجعية لا العكس، تماماً مثل ما قال الإمام علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه (يعرف الرجال بالحق، ولا يعرف الحق بالرجال).

 

وباعتماد المرجعية الالهية الشمولية الصالحة لكل زمان ومكان يكون الموقف الإنساني الحقيقي من الذين يحاولون الغاء كل القيم، وتحويل البشر الى مجرد سلع خاضعة كما أشرت (للدفع نقداً)، (ولاسعار البورصة).

 

ان الاسعار والاثمان، والمقاييس، والمعايير، والأوزان كلها وما جرى مجراها تصلح لقياس الاشياء، أما القيم فهي اعلى وأكبر من مجرد ان تتحول الى واقعية، انها ما يقاس بها الواقع لا العكس، فالواقع ومن القيم القرآنية المرجعية خاضع لهذه القيم، يحكم على السلوك بها لا أن يحكم عليها بالسلوك، مثل مقاييس النفعية والبراغماتية.

 

ان الاختلاف والتنوع هو ما يقره القرآن الكريم (فاختلاف الألسنة والألوان آيات من الله)، كما ان وحدة الخلق لا تنفي الجعل، فالجعل تحول ولكنه في قانون الله تحول لمصلحة الانسان (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، ان أكرمكم عند الله أتقاكم).

 

فكون الناس شعوباً وقبائل هي كلمة الله وهي صبغته التي لن تجد لها تبديلاً، وهي ما يحقق استمرار الحياة، بخلاف العولمة التي تريد أن تجعل الناس امة واحدة (ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة)،

 

فمشيئة الله ضد هذه المحاولة القسرية لجعل الناس جميعاً في بوتقة واحدة، في ظل احادية الثقافة واحادية النظرة واحادية القانون، أما إذا تجاوز حده قوة او ضعفاً كان التدخل باقامة السدود والقنوات من هنا كان ادعاء الليبراليين ومن هذا التصور، ان مهمة الدول هي الحراسة، اي الدولة الحارسة، كما يطلقون عليها.

 

ان القول بالفيزقية، سوف يلغي بداهة ما وراء الفيزيقا، او ما يعرف في مباحث الفلسفة (الميتافيزيقا)، وما نقرّه نحن المسملين تحت موضوع الغيب، فكل مانما عن الادراك الحس، وكل ما لا يقبل التموضع لا يمكن أن يقبل الا باعتباره وهماً وفي احسن الاحوال ميتافزيقياً.

 

هنا ندرك موقف فلاسفة الليبرالية من التاريخ، فمثلما دعا بيكون الى رفض المعرفة القبلية باعتبار تصنف تحت اوهام واصنام (اوهام السوق، والمسرح، والكهف… الخ)، وان الانسان لا يمكن له ان يكون (علمياً)، إلا إذا ترك هذه التي اعتبرها اوهاماً، حيث يتلقف جون لوك هذا الرأي فيقول بأن (الإنسان ـ صفحة بيضاء)، وهذا يعني بوضوح انكار كل ما من شأنه ان يساهم في تكوين الذات الانسانية، وبعبارة اخرى فإن الفلسفة الليبرالية تعتمد الفردية  (Individualism)، أي تحول الفرد الى مجرد رقم او شيء، وهذا الفهم بداهنه ينكر، كما اشرت ان يكون الانسان ذاتاً، وان هذه الذاتية لا تكون الا بحكم العلاقات الاجتماعية، بدءاً من الأسرة الى الأمة، الى العالم.

 

إن الفردية هي شأن ليبرالي بحت يقوم على الغاء الهوية الاجتماعية والثقافية ومكونات هذه الهوية من شرائع وأديان واعراف، وهذا الفهم الليبرالي المعادي للثقافة والتاريخ هو ما أسس عليه الانجليزي فرويد نظريته في تقسيم الانسان الى (الهو) المجهول (ID) ثم الى (انا) (ego)، ثم الى الانا الاعلى (Soperego).

 

وهذا التقسيم علاوة على انه تمييز ومنهج التفكير الثانوي المشترك، فإنه بتركيزه على (الانا)، يكون قد اهمل شأن هذه الانا وهي تتكامل من خلال الوعي الاجتماعي حيث تتحول من مجرد انا رقمية في قطيع، الى ذات واعية في مجتمع. ان النظرية الليبرالية وفق التصور الفرويدي تقيم حياة القطيع لا حياة المجتمع، حياة القطيع اللافيني الافراد فيه لا يجمعهم الا الحاجات البيولوجية الاولية، كما مثل افراد القطيع الذين يتركون الارض اذا جف ماؤها، او قل عشها. اما الارض الوطن، الذي هو جزء من الفعل التاريخي الذي يؤسس على الوعي والارادة اللتين هما خاصيتان انسانيتان فهذا ما ينظر اليه تحت دوافع النفعية والانتهازية، وهو ما تؤسس عليه العولمة الليبرالية والتي تسعى الى الغاء الحدود، الجغرافية، مثلما تحاول الغاء الحدود الثقافية والفكرية، أي الحدود التي تكون الذات الاجتماعية وتشكل العالم من مجرد افراد الى ذوات يكونوان الموضوع العالمي.

 

ومثلما تقوم الفيزيقية على قانون الجبر المادي، نجد فرويد يؤكد على ان السلوك ينشأ من اللاشعور، من الرغبات المكتوبة في اللاشعور والتي مركزها غريزة الجنس (الليبيدو)، وكما نعلم فإن إلغاء الوعي والارادة، ليس سوى وجه آخر للتعبير عن الفلسفة الجبرية (الليبرالية). وهو ذاته ما يعد الغاء عملياً للتاريخ، إذا اعتبرنا ان التاريخ هو تاريخ الوعي والارادة الاجتماعي للامة افراداً ومجتمعاً.

 

إن هذا القول ينسجم تماماً مع توظيف نظرية (بافلون) الروسي في السلوك، فإذا تم اعتبار السلوك الانساني خاضعاً للارتباط الشرطي (تجربة بافلوف واللكب والناقوس) فإن البشر بالإمكان التعامل معهم تماماً مثل الحيوانات في السرك، أي يتم ترويضهم وفق قانوني اللذة والألم، او الثواب والعقاب، والحقوق والطمع الحسي.

 

يأتي مالثوس، الانجليزي كذلك، ليبرر الحروب والقتل والابادة، تحت دعوى ان الموارد الطبيعية تزيد في شكل متوالية حسابية، بينما تزيد الموارد البشرية في شكل متوالية هندسية، الأمر الذي لا يحقق تعادلاً والذي يقتضي ضرورة اتباع سياسة الابادة للجنس البشري، ليأتي داروين من بعده ويقدم نظرية الانتخاب الطبيعي والبقاء للأقوى، ثم ليقدم اطروحة تسمح للمشروع الانجلوسكسوني الذي يفقد الشرعية التاريخية ان يكون (تطوراً)، أي قفزة نوعية فوق التاريخ، وهو ما يؤكد النظرية الاستعلائية الانجلوسكسونية للعالم والتاريخ الانساني والحضارات.

 

وإذا أمعنا النظر في أحدث نظريتين، او اطروحتين وهي اطروحة الياباني المتأمرك (فوكوياما)، في القول (بنهاية التاريخ، والانسان الأخير)، والذي يقدم فيه النموذج الليبرالي الاميركي كأرقى نموذج، انه حالة التطور الاخير، أي هو الصياغة الفلسفية لنظرية التطور الداروني، مثلما هي اطروحة صدام المدنيات التي قال بها هونتنغتون، وهي ذاتها صياغة بشكل آخر لاطروحة مالثوس، ولأن التاريخ لا يمكن لأحد أن يوقفه، أي ان اطروحة فوكوياما تواجه بحقيقة صيرورة وسيرورة التاريخ، وهي في ذاتها تكشف عن رعب الليبراليين من التقدم التاريخي، فإن المطلوب ان يتم ايقاف حركة التاريخ بالقوة (صدام المدنيات واعادة تشكيل العالم)، فالإبادة إذا لم تنجح على مستوى الثقافة والفكر، أي تجريد الشعوب من هويتها وكيانها الاجتماعي والثقافي والديني، فإن التدخل بالقوة، تحت شعار البقاء للأقوى، ونظرية الانتخاب الطبيعي تعني هي الحل لتحقيق التوازن الذي طالب به (مالثوس).

 

اذاً فالعالم التاريخي، أي الشعوب التاريخية والحضارية تواجه تحدياً حقيقياً على مستوى الاطروحات الفلسفية والفكرية، وعلى مستوى السياسات الدولية والاقتصادية والعسكرية يتم توظيف كل شيء لمصلحة طرف واحد، او قطب واحد، لا يسع بقية العالم إلا أن يكون ذرات تلتصق بهذا القطب، او تسير في مجاله، ما عدا ذلك فلابد أن ينتهي ويزول.

 

ان المعركة تقع في اطار التاريخ، وفي اطار الوعي والارادة، ان المواجهة لا تتم إلا عبر هذه الاسلحة التاريخية التي اثبتت وباستمرار قدرتها على مواجهة كل سياسات الاحتواء والهيمنة الامبريالية عبر التاريخ، ولعل اعادة الاعتبار للدين والشرائع هو من أقوى اسلحة مواجهة المادية والقوانين الفيزيقية التي تقوم على الجبر والإلغاء والاقصاء.

 

ان الدين الاسلامي، وهو يضع الانسان في مجال الإيمان بالغيب انما يواجه بهذا الإيمان اطروحات الواقعية والبراغماتية والتجربية، والوضعية وما إليها.

 

إن الغيب في المفهوم الاسلامي، غيب ممتلئ لا غيب عدمي، الإيمان به مرتبط بالعمل الصالح، والعمل هو أكبر وأعظم شأنه الفعل، فالفعل محدود المكان والزمان والأثر، وقد يكون محكوماً بالهوى والحب والكره، أما الإيمان المقرون بالعمل، هو كذلك مقرون بالعلم الذي يتجاوز مفهوم المعرفة التي يؤسس عليها الفعل.

 

إن الوصف (بالصالح)، يعني الصلاحية أي امتداد اثر العمل بما يتجاوز محدودية صاحبه، إنساناً وزماناً ومكاناً، وهو بهذا غير الوصف بالمفيد والنافع والممتع والمربح ربحاً حسيباً، فهذه كلها مشروطة بقانون السوق الخاضع لاسعار البورصة.

 

إن الاسلام وهو يقدم الغيب يقدم فلسفة لاستمرار التاريخ وارتباطه، فالغيب هو كل ما غاب عن الانسان، بما في ذلك الذي نص (ذلك من أنباء الغيب نوحيه اليك)، مثلما هو حقيقة تتأكد في الواقع، وتنقل الانسان الى الآتي ومن ثم فإن الإيمان بالغيب هو قمة الوعي الانساني الذي يقود الى الارادة والفعل والعمل، وهو الوعي الذي لا يلغي، كما اشرع الانسان ولا يحرم عليه هذا الواقع، ولكن يرفض ان يتحول الواقع الى فلسفة (الواقعية)، أي ان كل ما لا يكون في الواقع هو غير حقيقي، بحيث يصبح الواقع مساوياً للحقيقة، أي ان الجزئي يصبح كلاً، بما يشكل مغالطة فكرية ومنطقية كبرى كما ان القرآن يعطي قيمة للتاريخ، او للحوادث التاريخية التي مضت من اجل اخذ العبر، أي يقدم منهجاً في التاريخ وفلسفة التاريخ (قل سيروا في الأرض)، (ولكن مساكنهم كأن لم تغن بالأمس)، (نحن نقص عليك احسن القصص بما انزلنا هذا القرآن).

 

والقرآن بهذا الخصوص يعارض الموقف الليبرالي الذي يحول الانسان الى مخلوق فيزيقي، أي ان القرآن يرفض المذهب الجبري، عندما يضع الانسان امام التكليف والمسؤولية (لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت)، وان كان القرآن يضع ذلك في اطار الوسع (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها).

 

والعالمية، والجدة، بحيث يكون من يرفضه ضد النظام، وضد العالم، ومتخلف لأنه يكره هذا الذي يوصف بأنه جديد. بذات الاستخدام يتم تغطية فرض النموذج الواحد الليبرالي الاميركي، ليكون (الكل العالمي)، او ما اطلق عليه (العولمة).

 

ولأننا بصدد تناول جذور وتاريخ هذه السياسة الليبرالية (الانجلوسكسونية)، فإن ما تحاول المؤسسات الاميركية الاعلامية والسياسية والاقتصادية بل والفكرية والتعليمية ان تقدمه ليس سوى المشروع الانجلوسكسوني منذ بداياته، أي منذ مفكريه الاول، من امثال فرانسيس بيكون، وجون لوك، مروراً بمالثوس، ولامارك، ودارون، واسبنسر، حتى التوظيف الشنيع لما يسمى بنظرية الارتباط الشرطي للعالم الروسي (بافلوف)، والتي أسست عليه ما يعرف بالنظرية السكسونية التي يعتبر الاميركي (جون واطسون)، من ابرز مؤسسيها واقطابها، بل ان التوظيف الانتهازي (البراغماتي) جر الى توظيف افكار مدارس فكرية مثل حلقة (فيينا)، وما عرف بالوضعية المنطقية، والتي من اهم اقطابها الانجليزي بر تراند راسل، وهو التوظيف الذي يتم حالياً للمدرسة (البنيوية)، ومدرسة التفكيك، التي تكرس المذهب الوضعي في اطار اللسانيات، والدراسات الصوتية.

 

إن أهم ما يميز الفلسفة الليبرالية التي تقدم نفسها الآن في شكلها الجديد من خلال ما يسمى بالعولمة، إنها خلاف ما يبدو ومن خلال الترجمات التي قرض لها، فالليبرالية ليست الحرية، انها مدرسة الجبر الفيزيقي، أي ان اتباعها يؤمنون بالفيزوقراطية، باعتبار ان الانسان مخلوق فيزيقي شأنه شأن كل المخلوقات الفزيقية خاضع، كما اشرت، للجبر الفيزيقي.

 

أما شعار (دعه يعمل دعه يمر)، الشعار الليبرالي التقليدي، وإن كان ظاهره عدم التدخل في سلوك الأفراد، إلا أن هذا الشعار يأتي من الاعتقاد الفلسفي الذي اشرت اليه، فالإنسان ما دام محكوماً بهذه القوانين الفيزيقية فلا يجب التدخل فيه إلا إذا تجاوزها، شأنه شأن الظواهر الفيزيقية بعام، فالنهر مادام يجري وفق حدوده لا يجب ان يمنع من الجريان، لأن ذلك محكوم بذات المعايير.

 

وإذا كان القرآن الكريم يعطي قيمة كبرى للوعي والإرادة والمسؤولية ومن ثم للتاريخ، المكان والزمان والانسان، بل يدعو الى قراءة القصص القرآني واتباع المنهج العلمي في دراسة التاريخ دراسة ميدانية (سيروا في الأرض)، فإنه في اطار تكريم الإنسان يعطي قيمة كبرى لموضوع البيان واللسان (خلق الانسان علمه البيان)، فالبيان واللسان من مكونات الانسان ومكونات الأمم والشعوب، والقوى بفرض ما يسمى (بالمنطق الوضعي)، أي ان أي كلمة لا (ما صدق) لها في الواقع هي كلمة زائفة كما يقول اصحاب المدرسة الوضعية المنطقية، إن هذا القول يلغي من الانسان اهم خاصياته الانسانية التي فرق الله بها الانسان عن غيره من الحيوانات والكائنات الفزيقية، وإذا كان القرآن يؤكد ان للمخلوقات الأدنى (منطق)، مثل (منطق الطير) فإنها لا تملك بياناً.. إننا نفهم من ثغاء الشاة، وخوار البقر، ونقيق الضفادع، ولكن لا يمكن ان نقول ان للبقر بياناً.

 

إن فرض فقه الارقام والحسابات، او لغة السوق، هو ما يؤكد القرآن زيفه فالقرآن يقدم ان لله حسابات هي غير حسابات السوق القائمة على الوهم والظن والآيات القرآنية التي تكشف خلال مثل هذه الحسابات (ام حسبتم) (ولا تحسبن) (أفحسبتم) وغيرها تؤكد ان حسابات الحقيقة هي غير أرقام الوهم والظن.

 

وان كانت حسابات السوق خاضعة للارقام اليومية والحسبية، فإن تجارة اخرى يقدمها الله غير قابلة للعد السوقي، انها تجارة الإيمان، تجارة الا التي تشمل وتتجاوز هذا الآنى، التي تضع الانسان كما اشرت في اول الورقة، في اطار الغيب، في اطار الشهادة، التي ليست سوى الحضور، والاسلام مثلما يؤكد علم الغيب يؤكد ان المسلمين شهداء بحكم هذا الغيب والوعي على الناس، لأنهم امة وسط، أي امة في قلب الوعي بالتاريخ والوعي بالمكان والزمان.