يستفاد منه الوعيد أى أنه سبحانه لم يزل ولايزال بكل ماتعلمونه من الاعمال الظاهرة والخفية وبكيفياتها ويدخل فى ذلك التثبيت وتركه دخولا أوليا مطاع أتم اطلاع فيجازيكم بحسب ذلك إن خيرا فخير وإن شرا فشر والجملة تعليل بطريق الاستئناف وقرىء بفتح أن على أنه معمول لتبينوا أو على حذف لام التعليل .
لايستوى القاعدون شروع فى الحث على الجهاد ليأنفوا عن تركه وليرغبوا عما يوجب خللا فيه والمراد بالقاعدين الذين أذن لهم بالقعود عن الجهاد اكتفاءا بغيرهم وروى البخارى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما هم القاعدون عن بدر وهو الظاهر الموافق للتاريخ على ماقيل وقال أبو حمزة : إنهم المتخلفون عن تبوك وروى أن الآية نزلت فى كعب بن مالك من بنى سلمة ومرارة بن الربيع من بنى عمرو بن عوف والربيع وهلال بن أمية من بنى واقف حين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فى تلك الغزوة من المؤمنين حال من القاعدين وجوز أن يكون من الضمير المستتر فيه وفائدة ذلك الإيذان من أول الأمر بأن القعود عن الجهاد لايقعد بهم عن الايمان والاشعار بعلة استحقاقهم لما سيأتى من الحسنى أى لايعتدل المتخلفون عن الجهاد حال كونهم كائنين من المؤمنين غير أولى الضرر بالرفع على أنه صفة للقاعدون وهو إن كان معرفة و غير لاتتعرف فى مثل هذا الموضع لكنه غير مقصود منه قاعدون بعينهم بل الجنس فأشبه الجنس فصح وصفه بها وزعم عصام الدين إن غير هنا معرفة غير أولى الضرر بمعنى من لاضرر له : ونقل عن الرضى وبه ضعف ماتقدم أن المعرف باللام المبهم وإن كان فى حكم النكرة لكنه لايوصف بما توصف به النكرة بل يتعين أن تكون صفته جملة فعلية فعلها مضارع كما فى قوله : ولقد أمر على اللئيم أن يسبنى فأصد ثم أقول مايعنينى واستحسن بعضهم جعله بدلا من القاعدون لأن أل فيه موصولة والمعروف إرادة الجنس فى المعرف بالألف وبينهما فرق وجوز الزجاج الرفع على الاستثناء وتبعه الواحدى فيه وقرأ نافع وابن عامر والكسائى بالنصب على أنه حال وهو نكرة لامعرفة أو على الاستثناء ظهر إعراب مابعده عليه وقرىء بالجر على أنه صفة للمؤمنين أو بدل منه وكون النكرة لاتبدل من المعرفة إلا موصوفة أكثرى لاكلى و الضرر المرض والعلل التى لاسبيل معها الى الجهاد وفى معناها أو هو داخل فيها العجز عن الأهبة وقد نزلت الآية وليس فيها غير أولى الضرر ثم نزل بعد فقد روى مالك عن الزهرى عن خارجة بن زيد قال : قال زيد بن ثالت : كنت أكتب بين يدى النبى صلى الله عليه و سلم فى كتف لايستوى القاعدون من المؤمنون والمجاهدون وابن أم مكتوم عند النبى صلى الله عليه و سلم فقال : يارسول الله قد أنزل الله تعالى فى فضل الجهاد مأنزل وأنا رجل ضرير فهل لى رخصة فقال النبى صلى الله عليه و سلم لاأدرى قال زيد : وقلمى رطب ماجف حتى غشى النبى صلى الله عليه و سلم الوحى ووقع فخذه على فخذى حتى كادت تدق من ثقل الوحى ثم جلى عنه فقال لى : أكتب يازيد غير أولى الضرر والمجاهدون فى سبيل الله فى منهاج دينه بأموالهم إنفاقا فيما يوهن كيد الاعداء وأنفسهم حملا لها على الكفاح عند اللقاء وكلا الجارين متعلق بالمجاهدون وأوردوا بهذا العنوان دون عنوان الخروج المقابل لوصف المعطوف عليه وقيده بما قيده مدحا لهم وإشعارا بعلة استحقاقهم لعلوا المرتبة مع مافيه من حسن موقع السبيل فى مقابلة القعود كما قيل وقيل : إنما أوردوا بعنوان الجهاد