صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال : بعثت لاتمم مكارم الأخلاق وشهد الله تعالى له بقوله وإنك لعلى خلق عظيم ومنشأ إكرام الضيف الرحمة وعرشها المحيط رسول الله صلى الله عليه و سلم كما يؤذن ذلك بقوله تعالى : وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ولهذا كان الخاتم E .
وقد روى الحاكم وصححه جندب أنه سمع النبى صلى الله عليه و سلم يقول : قبل أن يتوفى إن الله تعالى اتخذنى خليلا كما اتخذ ابراهيم خليلا والتشبيه على حد كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم فى رأى وقيل : إن يتوفى لادلالة فيه على أن مقام الخلة بعد مقام المحبة كما لايخفى .
وفى لفظ الحب والخلة مايكفى العارف فى ظهور الفرق بينهما ويرشده إلى معرفة أن الدائرتين أوسع وذهب غير واحد من الفضلاء إلى أن الآية من باب الاستعارة التمثيلية لتنزهه تعالى عن صاحب وخليل والمراد اصطفاه وخصصه بكرامة تشبه كرامة الخليل عند خليله وأما فى الخليل وحده فاستعارة تصريحية على مانص عليه الشهاب إلا أنه صار بعد علما على إبراهيم E .
وادعى بعضهم من وصف إبراهيم E بالخليل حقيقة على معنى الصادق أو من أصفى المودة وأصحها أو نحو ذلك وعدم إطلاق الخليل على غيره E مع أن مقام الخلة بالمعنى المشهور عند العارفين غير مختص به كل نبى خليل الله تعالى إما لأن ثبوت ذلك المقام له E على وجه لم يثبت لغيره كما قال وإما لزيادة التشريف والتعظيم كما نقول واعترض بعض النصارى بأنه إذا جاز إطلاق الخليل على إنسان تشريفا فلم يجز إطلاق الابن على آخر لذلك وأجيب بأن الخلة لاتقتضى الجنسية بخلاف البنوة فنها تقتضيها قطعا والله تعالى هو المنزه عن مجانسة المحدثات .
ولله مافى السماوات والأرض يحتمل أن يكون متصلا بقوله تعالى : ومن يعمل من الصالحات على أنه كالتعليل لوجوب العمل وما بينهما من قوله سبحانه : ومن أحسن دينا اعتراض أى ان جميع مافى العلو والسفل من الموجودات له تعالى خلقا وملكا لايخرج من ملكوته شىء منها فيجازى كلا بموجب أعماله إن خيرا فخير وإن شرا فشر وأن يكون متصلا بقوله جل شأنه : واتخذ الله الخ بناءا على أن معناه اختاره واصطفاه أى هو مالك لجميع خلقه فيختار من يريده منهم كابراهيم E فهو لبيان أن اصطفاه E بمحض مشيئته تعالى .
وقيل : لبيان أن اتخاذه تعالى لابراهيم E خليلا ليس لاحتياجه سبحانه إلى ذلك لشأن من شئونه كما هو دأب المخلوقين فان مدار خلتهم افتقار بعضهم إلى بعض فى مصالحهم بل لمجرد تكرمته وتشريفه وفيه أيضا إشارة الى أن خلته عليه السلام لاتخرجه عن العبودية لله تعالى .
وكان الله بكل شىء محيطا .
126 .
- إحاطة علم وقدرة بناءا على أن حقيقة الإاطة فى الأجسام فلا يوصف الله تعالى بذلك فلابد من التأويل وارتكاب المجاز على ماذهب إليه الخلف والجملة تذييل مقرر لمضمونه ماقبله على سائر وجوهه .
هذا ومن باب الاشارة فى الآيات وإذا ضربتم فى الأرض أى سافرتم فى أرض الاستعداد لمحاربة عدو النفس أو تحصيل أحوال الكمالات فلاجناح عليكم أن تقصروا من الصلاة أى تنقصوا من