وارد فى كلامهم كنعم وناعم وقراءة عبد الله وإسحق يروون تدل على ذلك أو للمقابلة لأنهم لفعلهم فى مشاهد الناس يرونهم وهم يقصدون أن ترى أعمالهم والناس يستحسنونها فالمفاعلة فى الرؤية متحدة وإنما الاختلاف فى متعلق الاراءة فلا يرد على هذا الشق أن المفاعلة لابد فى حقيقتها من اتحاد الفعل ومتعلقه والجملة إما استئناف مبنى على سؤال نشأ من الكلام كأنه قيل : فماذا يريدون بقيامهم هذا فقيل : يراءون الخ أو حال من ضمير قاموا أو من الضمير فى كسالى .
ولايذكرون الله إلا قليلا عطف على يراءون وقيل : حال من فاعله أى ولا يذكرونه سبحانه مطلقا إلا زمانا قليلا أو إلا ذكرا قليلا إذ المرائى لايفعل إلا بحضرة من يرائيه وهو أقل أحواله أو لأن ذكرهم باللسانى قليل بالنسبة إلى الذكر بالقلب وقيل : إنما وصف بالقلة لانه لم يقبل وكل مالم يقبله الله تعالى قليل وإن كان كثيرا وروى ذلك عن قتادة وأخرج البيهقى وغيره عن الحسن مابمعناه .
وأخرج ابن المنذر عن على كرم الله وجهه أنه قال : لايقل عمل مع تقوى وكيف يقل مايتقبل وقيل : المراد بالذكر الذكر الواقع فى الصلاة نخو التكبير والتسبيح واليه ذهب الجبائى وأيد بما أخرجه مسلم وأبو داود عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرنى شيطان قام فنقر أربعا لايذكر الله تعالى فيها إلا قليلا وقيل : الذكر بمعنى الصلاة لأن الكلام فيها لابمعناه المتبادر منه وجوز أن يراد بالقلة العدم واستشكل توجيه الاستثناء حينئذ .
وأجيب بأن المعنى لايذكرون الله تعالى إلا ذكرا ملحقا بالعدم لأنه لاينفعهم فلا إشكال ولايخفى مافيه فان القلة بمعنى العدم مجاز وجعل العدم مالانفع فيه مجاز آخر ومع ذلك ليس فى الكلام مايدل عليه وقال بعض المحققين : فى توجيه الكلام على ذلك التقدير إن المعنى حينئذ لو صح أن يعد عدم الذكر ذكرا فذلك ذكرهم على طريقة قوله : ولاعيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب وفيه وإن كان أهون من الأول مافيه واستدل بالآية على استحباب دخول الصلاة بنشاط وعلى كراهة قول الانسان كسلت أخرج ابن أبى حاتم عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه يكره أن يقول الرجل إنى كسلان ويتأول هذه الآية مذبذبين بين ذلك حال من فاعل يراءون أو من فاعل يذكرون وجوز أن يكون حالا من فاعل قاموا أو منصوب على الذم بفعل مقدر وذلك إشارة الى الإيمان والكفر المدلول عليه بذكر المؤمنين والكافرين ولذا أضيف بين اليه وروى هذا عن ابن زيد ويصح أن يكون إشارة إلى المؤمنين والكافرين فيكون مابعده تفسيرا له على حد قوله : الألمعى الذى يظن بك الظن كأن قد رأى وقد سمعا والمعنى مرددين بينهما متحيرين قد ذبذبهم الشيطان وأصل الذبذبة كما قال الراغب : صوت الحركة للشىء المعلق ثم استعير لكل اضطراب وحركة أو تردد بين شيئين والذال الثانية أصلية عند البصريين ومبدلة من باء عند الكوفيين وهو خلاف معروف بينهم وقرأ ابن عباس رضى الله تعالى عنهما مذبذبين بكسر الذال الثانية ومفعوله على هذا محذوف أى مذبذبين قلوبهم أو دينهم أو رأيهم ويحتمل أن لازما