لأن فيها سواء قيل بحرفيتها أو اسميتها معنى الشرط .
واستشكل ذلك بأنه لا يظهر وجه سببية النسيان لفتح أبواب الخير وأجيب بأن النسيان سبب الاستدراج المتوقف على فتح أبواب الخير وسببه شيء لآخر تستلزم سببيته لما يتوقف عليه أو يقال إن الجواب ما ذكر باعتبار ماله ومحصله وهو ألزمناهم الحجة ونحوه وتسببه عنه ظاهر وقيل : إنه مسبب عنه باعتبار غايته وهو أخذهم بغتة وقرأ ابو جعفر وابن عامر فتحنا بالتشديد للتكثير حتى إذا فرحوا فرح بطر بما أوتوا من النعم ولم يقوموا بحق المنعم جل شأنه أخذناهم عاقبناهم وأنزلنا بهم العذاب بغتة أي فجأة ليكون أشد عليهم وأفظع هولا وهي نصب على الحالية من الفاعل أو المفعول أي مباغتين أو مبغوتين أو على المصدرية أي بغتناهم بغتة فاذا هم مبلسون .
44 .
- أي آيسون من النجاة والرحمة كما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وقال البلخي : أذلة خاضعون وعن السدي الابلاس تغير الوجه ومنه سمي إبليس لأن الله تعالى نكس وجهه وغيره وعن مجاهد هو مبعنى الاكتئاب .
وفي الحواشي الشهابية للابلاس ثلاثة معاني في اللغة الحزن والحسرة واليأس وهي معان متقاربة وقال الراغب هو الحزن المعترض من شدة اليأس ولما كان المبلس كثيرا ما يلزم السكوت وينسى ما يعنيه قيل : أبلس فلان إذا سكت واذا انقطعت حجته و إذا هي الفجائية وهي ظرف مكان كما نص عليه أبو البقاء وعن جماعة أنها ظرف زمان ومذهب الكوفيين أنها حرف على القولين الأولين الناصب لها خبر المبتدأ أي ابلسوا في مكان إقامتهم أو في زمانها فقطع دابر القوم الذين ظلموا أي آخرهم كما قال غير واحد وهو من دبره إذا تبعه فكأنه في دبره أي خلفه ومنه إن من الناس من لايأتي الصلاة إلا دبرا أي في آخر الوقت .
وقال الاصمعي : الدابر ألاصل ومنه قطع الله دابره أي أصله وأيا ما كان فالمراد أنهم استؤصلوا بالعذاب ولم يبق منهم أحد ووضع الظأهر موضع الضمير للاشعار بعلة الحكم .
والحمد لله رب العالمين .
54 .
- على ما جرى عليهم من النكال والاهلاك فان اهلاك الكفار والعصاة من حيث أنه تخليص لأهل الأرض من شؤم عقائدهم الفاسدة وأعمالهم الخبيثة نعمة جليلة يحق أن يحمد عليها فهذا منه تعالى تعليم للعباد أن يحمدوه على مثل ذلك واختار الطبرسي أنه حمد منه عز أسمه لنفسه على ذلك الفعل قل يا محمد على سبيل التبكيت والالزام أيضا أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم أي أصمكم وأعماكم فاخذهما مجاز عما ذكر لأنه لازم له والاستدلال بالآية على بقاء العرض زمانين محل نظر .
وختم على قلوبكم بان غطى عليها بما لا يبقى لكم معه عقل وفهم أصلا وقيل : يجوز أن يكون الختم عطفا تفسيريا للاخذ فان البصر والسمع طريقان للقلب منهما يرد ما يرد من المدركات فاخذهما سد لبابه بالكلية وهو السر في تقديم أخذهما على الختم عليها واعترض بأن المدركات ما يتوقف على السمع والبصر ولهذا قال غير واحد بوجوب الايمان بالله تعالى على من ولد أعمى أصم بلغ سن التكليف وقيل : في التقديم إنه من باب تقديم ما يتعلق بالظاهر على ما يتعلق بالباطن ووجه تقديم السمع وافراده قد تقدمت الإشارة إليه من إله غير الله يأتيكم به أي بذلك على أن الضمير مستعار لاسم الاشارة المفرد لأنه الذي