أومن كان ميتا فأحييناه تمثيل مسوق لتنفير المسلمين عن طاعة المشركين إثر تحذيرهم عنها بالاشارة إلى أنهم مستضيئون بانوار الوحي الالهي والمشركون غارقون في ظلمات الكفر والطغيان فكيف يعقل طاعتهم له فالآية م كما قال الطيبي متصلة بقوله سبحانه وان اطعتموهم والهمزة للانكار والوا م كما قال غير واحد لعطف الجملة الاسمية على مثلها الذي يدل عليه الكلام أي أنتم مثلهم ومن كان ميتا فاعطيناه الحياة وجعلنا له مع ذلك من الخارج نورا عظيما يمشي به أي بسببه في الناس أي فيما بينهم آمنا من جهتهم والجملة إما استئناف مبني على سؤال نشأ من الكلام كأنه قيل : فماذا يصنع بذلك النور فقيل يمشي الخ أو صفة له ومن أسم موصول مبتدأ وما بعده صلته والخبر متعلق الجار والمجرور في قوله تعالى كمن مثله أي صفته العجيبة ومن فيه أسم موصول أيضا و مثله مبتدأ وقوله سبحانه في الظلمات خبر هو محذوف وقوله سبحانه : ليس بخارج منها في موضع الحال من المستكن في الظرف وهذ الجملة خبر المبتدأ أعني مثله على سبيل الحكاية بمعنى إدا وصف يقال له ذلك وجملة مثله مع خبره صلة الموصول .
وإن شئت جعلت من الموضعين نكرة موصوفة ولم يجوز أن يكون في الظلمات خبرا عن مثله لأن الظلمات ليس ظرفا للمثل وظاهر كلام بعضهم كأبي البقاء أن في الطلمات هو الخبر وليس هناك هو مقدرا ولا يلزم كما نص عليه بعض المحققين حديث الظرفية لأن المراد أن مثله هو كونه في الظلمات والمقصود الحكاية نعم ما ذكر أولا أولى لأن خبر مثله لايكون إلا جملة تامة والظرف بغير فاعل ظاهر لايؤدي مؤدى ذلك .
وجوز كون جملة ليس بخارج حالا من الهاء في مثله ومنعه أبو البقاء للفصل قيل : ولضعف مجيء الحال من المضاف اليه وقرأ نافع ويعقوب ميتا بالتشديد وهو أصل للمخفف والمحذوف من اليائين الثانية المنقلبة عن الواو أعلت بالحذف كما أعلت بالقلب ولا فرق بينهما عند الجمهور .
ثم ان هذا الاخير كما قال شيخ الاسلام مثل ما أريد به من بقي في الضلالة بحيث لا يفارقها أصلا كما أن الأول مثل أريد به من خلقه الله تعالى على فطرة الاسلام وهداه بالآيات البينات الى طريق الحق يسلكه كيف شاء لكن لا على أن يدل على كل واحد من هذه المعاني بما يليق به من الألفاظ الواردة في المثلين بواسطة تشبيه بما يناسبه من معانيها فان الفاظ المثل باقية على معانيها الأصلية بل على أنه قد انتزعت من الامور التعددة المعتبرة في كل واحد من جانب المثلين هيئة على حدة ومن الأمور المتعددة المذكورة في كل واحد من جانب المثلين هيئة على حدة فشبهت بهما الأولتان ونزلتا منزلتهما فاستعمل فيهما ما يدل على الأخيرتين بضرب من التجوز إلى آخر ما قال ونص القطب الرازي على أنهما تمثيلان لا استعارتان ورد كما قال الشهاب بأن الظأهر بأن من كان ميتا ومن مثله في الظلمات من قبيل الاستعارة التمثيلية إذ لا ذكر للمشبه صريحا ولا دلالة بحيث ينافي الاستعارة والاستعارة الأولى بجملتها مشبهة والثانية مشبهة به وهذا كما تقول في الاستعارة الافرادية أيكون الأسد كالثعلب اي الشجاع كالجبان وهو من بديع العاني الذي ينبغي أن يتنبه له ويحفظ والتفسير المأثور عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن المراد بالميت الكافر الضال وبالاحياء الهداية وبالنور القرآن وبالظلمات الكفر والضلالة والآية على ما أخرج أبو الشيخ عنه نرلت في عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه