وقوعه فكأنه قيل : عليكم بما في وسعكم في هذا الأمر وما وراءه معفو عنكم وجوز أن يكون جيء بها لتهوين أمر ما تقدم من التكليفات ليقبلوا عليها كأنه قيل : جميع ما كلفناكم به ممكن غير شاق ونحن لا نكلف ما لا يطاق وإذا قلتم قولا في حكومة أو شهادة أو نحوهما فاعدلوا فيه وقولوا الحق ولو كان المقول له أو عليه ذا قربى أي صاحب قرابة منكم وبهد الله أوفوا أي ما عهد اليكم من الامور المعدودة أو أي عهد كان فيدخل فيه ما ذكر دخولا أوليا او ما عاهدتم الله تعالى عليه من أيمانكم ونذوركم والجار والمجرور متعلق بما بعده وتقديمه للاعتناء بشأنه ذلكم أي ما فصل من التكاليف الجليلة وصاكم به أمركم به أمرا مؤكذا لعلكم تذكرون .
251 .
- مافي تضاعيفه وتعملون بمقتضاه وقرأ حمرة والكسائي وحفص عن عاصم تذكرون بتخفيف الذال والباقون بالتشديد في كل القرآن وهما بمعنى واحد .
وختمت الآية الأولى بقوله سبحانه : لعلكم تعقلون وهذ بقوله تعالى : لعلكم تذكرون لأن القوم كانوا مستمرين على الشرك وقتل الاولاد وقربان الزنا وقتل النفس المحرمة بغير حق غير مستنكفين ولا عاقلين قبحها فنهاهم سبحانه لعلهم يعقلون قبحها فيستنكفوا عنها ويتركوها وأما حفظ أموال اليتامى عليهم وايفاء الكيل والعدل في القول والوفاء بالعهد فكانوا يفعلونه ويفتخرون بالاتصاف به فأمرهم الله تعالى بذلك لعلهم يذكرون إن عرض لهم نسيان قاله القطب الرازي : ثم قال فان قلت إحسان الوالدين من قبيل الثاني أيضا فكيف ذكر من الأول قلت : أعظم النعم على الانسان نعمة الله تعالى ويتلوها نعمة الوالدين لأنهما المؤثران في الظاهر ومنهما نعمة التربية والحفظ عن الهلاك في وقت الصغر فلما نهى عن الكفر بالله تعالى نهي بعده عن الكفران في نعمة الابوين تنبيها على أن القوم لما لم يرتكبوا الكفران فبطريق الأولى أن لا يرتكبوا الكفر .
وقال الأمام : السبب في ختم كل آية بما ختمت أن التكاليف الخمسة المذكورة في الآية الأولى ظاهرة جلية فوجب تعقلها وتفهمها والتكاليف الأربعة المذكورة في هذه الآية أمور خفية غامضة لابد فيها من الاجتهاد والفكر الكثير حتى يقف على موضع الاعتدال وهو التذكر انتهى ويمكن أن يقال : إن أكثر التكليفات الأول أدى بصيغة النهي وهو في معنى المنع والمرء حريص على ما منع فناسب أن يعلل الايصاء بذلك بما فيه إيماء إلى معنى المنع والحبس وهذأ بخلاف التكليفات الا خرفان أكثرها قد أدى بصيغة الامر وليس المنع فيه ظاهرا كما في النهي فيكون تأكيد الطلب والمبالغة فيه ليستمر عليه ويتذكر إذا نسي فليتدبر .
وأن هذا صراطي إشارة إلى شرعه E على ما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ويلائمه النهي الآتي وعن مقاتل أنه إشارة إلى ما في الآيتين من الامر والنهي وقيل : إلى ما ذكر في السورة فان أكثرها في إثبات التوحيد والنبوة وبيان الشريعة .
وقرأ حمزة والكسائي إن بالكسر وابن عامر ويعقوب بالفتح والتخفيف والباقون به مشدد .
وقرأ ابن عامر صراطي بفتح الياء وقريء وهذا صراط ربكم وهذا صراط ربك واضافة الصراط إلى الرب سبحانه من حيث الوضع واليه E من حيث السلوك والدعوة