ظاهر لايجوز تقديم أحدهما على الآخر فتعين الاول وأجيب عنه بأن ذلك عند عدم القرينة والقرينة هنا كون الثاني أعرف وترك التأنيث وأيضا ذاك إذا لم يكن حصر فان كان يلاحظ ما يقتضيه ورجح في الكشف الثاني بأنه الوجه المطابق لنظائره في القرآن .
والمعنى عليه أشد ملاءمة لأن الفرض أن قولا آخر لم يقع هذا الموقع فالمقصود الحكم على القول المخصوص بأنه هو الدعاء وزيد تأكيدا بادخال أداة القصر وليس من التقديم في شيء لأن حق المقصور عليه التأخير أبدا فتأمل وتذكر فلنسئلن الذين أرسل اليهم بيان كما قاله الطبرسي لعذابهم الأخروي إثر بيان عذابهم الدنيوي خلا أنه تعرض كما قيل لبيان مباديء أحوال المكلفين جميعا لكونه أدخل في التهويل والفاء عند البعض لترتيب الاحوال الأخروية على الدنيوية ذكرا حسب ترتبها عليها وجودا وذكر العلامة الطيبي أن الفاء فصيحة على معنى فما كان دعواهم في الدنيا إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا فقطعنا دابرهم ثم لنحشرنهم فلنسألنهم ووضع على هذا الظاهر موضع الضمير لمزيد التقرير .
وقال في الكشف : لعل الأوجه أن يجعل هذا متعلقا بقوله تعالى : اتبعوا ولا تتبعوا ويجعل قوله سبحانه : وكم من قرية الخ معترضا حثا على الاعتبار بحال السابقين ليتشمروا في الاتباع اه والأمر عند من جعل الكلام السابق على التقديم والتأخير وادعى أن مجيء البأس في الآخرة سهل كما لا يخفى أي لنسألن الأمم قاطبة أو هؤلاء قائلين ماذا أجبتم المرسلين ولنئلن المرسلين .
6 .
- ماذا أجيبوا والمراد من هذا السؤال توبيخ الكفرة وتقريعهم والمنفي في قوله تعالى : يوم لا يسئل عن ذنبه انس ولا جان سؤال الاستعلام فلا منافاة بين الآيتين وجمع آخرون بينهما بان للمثبت موقفا وللمنفي آخر وقال الامام : إنهم لا يسئلون عن الأعمال أي ما فعلتم ولكن يسئلون عن الدواعي التي دعتهم إلى الأعمال والصوارف التي صرفتهم عنها أي لم كان كذا وقيل : معنى لايسئل عن ذنبه أنس ولا جان لا يعاقب بذنبه غيره وقيل : المراد من الذين أرسل اليهم الأنبياء ومن المرسلين الملائكة الذين بلغوهم رسالات ربهم .
وروي ذلك عن فرقد وهو كما ترى وقيل : لا حاجة إلى التوفيق فان المنفي هو السؤال عن الذنب لا مطلق السؤال ورد بان عدم قبول دعوة الرسل عليهم السلام بما ذكرنا هو الذي يشهد به الأخبار وتدل عليه الآثار وفي القرآن ما يؤيد ذلك فقد قال سبحانه : يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم وتخصيص سؤال الذين أرسل اليهم بما تقدم هو الذي جرى عليه جماعة من المفسرين .
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان الثوري أنه يقال للذين أرسل اليهم : هل بلغكم الرسل ويقال : للمرسلين ما ردوا عليكم وأخرج أيضا عن القاسم أبي عبد الرحمن أنه تلا هذه الآية فقال : يسئل العبد يوم القيامة عن أربع خصال يقول ربك ألم أجعل لك جسدا ففيم أبليته ألم أجعل لك علما ففيم عملت بما علمت ألم أجعل لك مالا ففيم أنفقته في طاعتي أم في معصيتي ألم أجعل لك عمرا ففيم أفنيته وأخرج هو وغيره عن طاوس أنه قرأ ذلك فقال الامام : يسئل عن الناس والرجل يسئل عن أهله والمرأة تسئل عن بيت زوجها