بل تراعى عند نقله كيفيات لم يراعها المتكلم أصلا بل قد لايقدر على مراعاتها وجميع المقالات المحكية في الآيات من ذلك القبيل والا لما كان الكثير منها معجزا وملاك الأمر في المطابقة مقام الحكاية وأما مقام المحكي فان كان مقتضاه موافقا لذلك وفي كل منهما حقه كما في السورتين وإلا لا كما فيما هنا فليفهم .
قال استئناف كنظائره فبما أغويتني الفاء لترتيب مضمون الجملة التي بعد على الانظار والباء أما للقسم أو للسببية وما على التقديرين مصدرية والجار والمجرور متعلق باقسم وقيل : إنه على تقدير السببية متعلق بما بعد اللام وفيه أن لها الصدر على الصحيح فلا يعمل ما بعدها فيما قبلها وجوز بعضهم كون ما استفهامية لم يحذف الفها وأن الجار متعلق باغويتني ولا يخفى ضعفه والاغواء خلق الغي وأصل الغي الفساد ومنه غوي الفصيل وغوى إذا بشم وفستد معدته وجاء بمعنى الجهل من اعتقاد فاسد كما في قوله سبحانه : ما ضل صاحبكم وما غوى وبمعنى الخيبة كما في قوله : فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره ومن يغو لا يعدم على الغي لائما ومنه قوله تعالى : وعصى آدم ربه فغوى واستعمل بمعنى العذاب مجازا بعلاقة السببية ومنه قوله تعالى : فسوف يلقون غيا ولا مانع عند أهل السنة أن يراد بالاغواء هنا خلق الغي بمعنى الضلال أي بما أضللتني وهو المروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ونسبة الاغواء بهذا المعنى إلى الله D مما يقتضيه عموم قوله سبحانه : خالق كل شيء والمعتزلة يأبون نسبة مثل ذلك اليه سبحانه وقالوا في هذا تارة : إنه قول شيطاني فليس بحجة وأواه أخرى بأن الاغواء النسبة إلى الغي كاكفره إذا نسبه إلى الكفر أو إنه بمعنى إحداث سبب الغي وإيقاعه وهو الأمر بالسجود .
وقال بعضهم : إن الغي هنا بمعنى الخيبة أي بما خيبته من رحمتك أو الهلاك أي بما أهلكته بلعنك اياه وطردك له والذي دعاهم الى هذا كله عدم قولهم بان الله تعالى خالق كل شيء وانه سبحانه لا خالق غيره ولم يكفهم ذلك حتى طعنوا باهل السنة القائلين بذلك وماالظن بطائفة ترضى لنفسها من خفايا الشرك بما لم يسبق ابليس عليه اللعنة نعوذ بالله سبحانه وتعالى التعرض لسخطه نعم الاغواء بمعنى الترغيب بما فيه الغواية والامر به كما هو مراد اللعين من قوله : لاغوينهم مما لايجوز من الله تعالى شأنه كما لا يخفى ثم إن كانت الباء للقسم يكون المقسم به صفة من صفات الافعال وهو مما يقسم به في العرف وإن لم تجر الفقهاء به أحكام اليمين .
ولعل القسم وقع من اللعين بهما جميعا فكى تارة قسمه باحدهما وأخرى بالآخر وان كانت سببية فالقسم بالعزة أي بسبب اغوائك إياي لأجلهم أقسم بعزتك لاقعدن لهم أي لآدم عليه السلام وذريته ترصدا بهم كما يقعد القطاع للسابلة صراطك المستقيم .
61 .
- الموصل إلى الجنة وهو الحق الذي فيه رضاك .
أخرج أحمد والنسائي وابن حبان والطبراني والبيهقي في شعب الايمان عن سبة بن الفاكه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول : إن الشيطان قعد لابن آدم في طرقة فقعد له بطريق الاسلام فقال أتسلم وتذر دينك ودين آبائك فعصاه فاسلم ثم قعد له بطريق الهجرة فقال : أتهاجر وتذر أرضك وسمائك وإنما مثل المهاجر كالفرس في طوله فعصاه فهاجر ثم قعد له بطريق الجهاد فقال هو جهد النفس والمال فتقاتل فتقتل فتنكح المرأة ويقسم