على صدقه وصحة نبوته فيؤمنوا به وبما أنزل عليه من الأيات أو في الذي بصاحبهم من جنة بزعمهم ليعلموا أن ذلك ليس من الجنة في شيء فيؤمنواواختار الطبرسي أن الكلام قد تم عند قوله تعالى : أولم يتفكروا أي أكذبوا ولم يتفكروا في أقواله وأفعاله أو أولم يفعلوا التفكر ثم ابتدىء فقيل : أي شيء بصاحبهم من جنة ما على طريقة الإنكار والتعجيب والتبكيت أو قيل : ليس بصاحبهم شيء منها والمراد بصاحبهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم والتعبير عنه E بذلك لتأكيد النكير وتشديده لأن الصحبة مما يطلعهم على نزاهته صلى الله تعالى عليه وسلم عن شائبة مما ذكر والتعرض لنفي الجنون عنه E مع وضوح إستحالة ثبوته له لما أن المتكلم بما هو خارق لا يصدر إلا عمن به مس من الجنة كيفما اتفق من غير أن يكون له أصل أو عمن له تأييدا إلهي يخبر به عن الغيوب وإذ ليس به E شيء من الأول تعين الثاني وأخرج ابن جرير وغيره عن قتادة قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله تعالى عليه وسلم قام على الصفا فدعا قريشا فخذا فخذا يا بني فلان يحذرهم بأس الله تعالى ووقائعه إلى الصباح حتى قال قائلهم : إن صاحبكم هذا لمجنون بات يهوت حتى أصبح فأنزل الله تعالى الآية وعليه فالتصريح بنفي الجنون للرد على عظيمتهم الشنعاء عند من له أدنى عقل والعبير بصاحبهم وارد على مشاكلة كلامهم مع ما فيه من النكتة السالفة وذكر بعضهم في سبب النزول أنهم كانوا إذا رأوا ما يعرض له صلى الله تعالى عليه وسلم من برحاء الوحي قالوا : جن فنزلت إن هو إلا نذير مبين .
481 .
- تقرير لما قبله وتكذيب لهم فيما يزعمونه حيث تبين فيه حقيقة حاله صلى الله تعالى عليه وسلم أي ما هو E إلا مبالغ في الإنذار مظهر له غاية الإظهار ثم لما كان أمر النبوة مفرعا على التوحيد ذكر سبحانه ما يدل عليه فقال جل شأنه : أو لم ينظروا في ملكوت السموات والأرض فهو مسوق للإنكار والتوبيخ بإخلافهم بالتأمل بالآيات التكوينية إثر ما نعى عليهم ما نعى والهمزة هنا كالهمزة فيما قبل والواو للعطف على مقدر كما تقدم أو على الجملة المنفية بلم والملكوت الملك العظيم أي أكذبوا أولم يتفكروا فيما ذكروا ولم ينظروا نظرا تأمل وإستدلال فيما يدل على كمال قدرة الصانع ووحدة المبدع وعظيم شأن المالك ليظهر لهم صحة ما يدعوهم إليه ذاك الرسول الكريم صلى الله تعالى عليه وسلم وكأن التعبير بالنظر هنا دون التفكر الذي عبر به فيما قبل للإشارة إلى أن الدليل هنا أوضح منه فيما تقدم وقوله سبحانه وتعالى : وما خلق الله من شيء يحتمل أن يكون عطفا على ملكوت وتخصيصه بالسموات والأرض لكمال ظهور عظم الملك فيهما وأن يكون عطفا على المضاف هو إليه فيكون منسحبا على الجميع والتعميم لإشتراك الكل في عظم الملك في الحقيقة و من شيء بيان لما وفي ذلك تنبيه على أن الدلالة على التوحيد غير مقصورة على السموات والأرض بل كل ذرة من ذرات العالم دليل على توحيده : وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد وهذا أمر متفق عليه عند العقلاء نعم منهم من جعل وجه الدلالة الحدوث وهو الذي عليه معظم المتكلمين ومنهم من جعل وجهها الإمكان وهو الذي عليه الفلاسفة واختاره بعض المتكلمين ورجح الأول قطب عصره الشيخ خالد المجددي قدس سره في تعليقاته على حواشي عبدالحكيم على الخيالي فارجع إليها وقوله تعالى :