يتولى الصالحين ويخذل غيرهم ولا يخفى أن ما ذكر أولا في أمر الوصفية أنسب بالمقام وأمر التذييل مما لا مرية فيه وهذه الآية مما جربت المداومة عليها للحفظ من الأعداء وكانت ورد الوالد عليه الرحمة في الأسحار وقد أمره بذلك بعض الأكابر في المنام والجمهور على تشديد الياء الأولى من ولي وفتح الثانية ويقرأ بحذفها في اللفظ لسكونها وسكون ما بعدها وبفتح الأولى ولا ياء بعدها وحذف الثانية من اللفظ تخفيفا .
والذين تدعون من دونه أي تعبدونهم أو تدعونهم من دونه سبحانه وتعالى للإستعانة بهم علي حسبما أمرتكم به لايستطيعون نصركم في أمر من الأمور ويدخل في ذلك الأمر المذكور دخولا أوليا وجوز الإقتصار عليه ولا أنفسهم ينصرون إذا أصيبوا بحادثة وإن تدعوهم إلى الهدى أي إلى أن يهدوكم إلى ما تحصلون به مقاصدكم مطلقا أو في خصوص الكيد المعهود لا يسمعوا أي دعاءكم فضلا عن المساعدة والإمداد وهذا أبلغ من نفي الإتباع وحمل السماع على القبول كما في سمع الله لمن حمده كما زعمه بعضهم ليس بشيء وقوله سبحانه وتعالى : وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون بيان لعجزهم عن الإبصار بعد بيان عجزهم عن السمع وبهذا على ما قيل تم التعليل لعدم المبالاة فلا تكرار أصلا وقال الواحدي : إن ما مر للفرق بين من تجوز عبادته وغيره وهذا جواب ورد لتخويفهم له صلى الله تعالى عليه وسلم بآلهتهم والرؤية بصرية وجملة ينظرون في موضع الحال من المفعول الراجع للأصنام والجملة الإسمية حال من فاعل ينظرون والخطاب لكل واحد من المشركين والمعنى وترى الأصنام رأي العين يشبهون الناظر إليك ويخيل لك أنهم يبصرون لما أنهم صنع لهم أعين مركبة بالجواهر المتلألئة وصورت بصورة من قلب حدقته إلى الشيء ينظر إليه والحال أنهم غير قادرين على الإبصار وتوجيه الخطاب إلى كل واحد من المشركين دون الكل من حيث هو كل كالخطابات السابقة للإيذان بأن رؤية الأصنام على الهيئة المذكورة لايتسنى للكل معا بل لكل من يواجهها .
وذهب غير واحد إلى أن الخطاب في تراهم لكل واقف عليه وقيل للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وضمير الغيبة على حاله أو للمشركين على أن التعليل قد تم عند قوله تعالى : لايسمعوا أي وترى المشركين ناظرين إليك والحال أنهم لا يبصرونك كما أنت عليه أو لا يبصرون الحجة كما قال السدي ومجاهد ونقل عن الحسن أن الخطاب في وإن تدعوهم للمؤمنين على أن التعليل قد تم عند قوله سبحانه وتعالى : ينصرون أي وإن تدعوا أيها المؤمنون المشركين إلى الإسلام لا يلتفتوا إليكم ولا يقبلوا منكم وعلى هذا يحسن تفسير السماع بالقبول وجعل وتراهم خطابا لسيد المخاطبين بطريق التجريد وفي الكلام تنبيه على أن ما فيه E من شواهد النبوة ودلائل الرسالة من الجلاء بحيث لا يكاد يخفى على الناظرين .
وجوز بعضهم أن تكون الرؤية علمية وما كان في موضع الحال يكون في موضع المفعول الثاني والأول أولى .
خذ العفو أي عفا وسهل وتيسر من أخلاق الناس وإلى هذا ذهب ابن عمر وابن الزبير وعائشة ومجاهد رضي الله تعالى عنهم وغيرهم وأخرجه ابن أبي الدنيا عن إبراهيم بن آدم مرفوعا إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم والأخذ مجاز عن القبول والرضا أي ارض من الناس بما تيسر من أعمالهم وما أتى منهم وتسهل من غير كلفة ولا تطلب منهم الجهد وما يشق عليهم حتى لا ينفروا ومن ذلك قوله :