روي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : قلنا يا رسول الله إن الإيمان يزيد وينقص قال : نعم يزيد حتى يدخل صاحبه الجنة وينقص حتى يدخل صاحبه النار .
واعترض على هذا بأن عدم قبول الإيمان الزيادة والنقص على تقدير كون الطاعات داخلة في مسماه أولى وأحق من عدم قبوله ذلك إذا كان مسماه التصديق وحده أما أولا فلأنه لا مرتبة فوق كل الأعمال لتكون زيادة ولا إيمان دونه ليكون نقصا وأما ثانيا فلأن أحدا لا يستكمل الإيمان حينئذ والزيادة على ما لم يكمل بعد محال وأجيب بأن هذا إنما يتوجه على المعتزلة والخوارج القائلين بإنتفاء الإيمان بإنتفاء شيء من الأعمال ونحن إنما نقول : إنها شرط كمال فيه واللازم عند الإنتفاء إنتفاء الكمال وهو غير قادح في أصل الإيمان والحق أن الخلاف حقيقي وأن التصديق يقبل التفاوت بحسب مراتبه فما المانع من تفاوته قوة وضعفا كما في التصديق بطلوع الشمس والصديق بحدوث العالم وقلة وكثرة كما في التصديق الإجمالي والتصديق التفصيلي المتعلق بالكثير وما علي إذا خالفت في بعض المسائل مذهب الإمام الأعظم أبا حنيفة رضي الله تعالى عنه للأدلة التي لا تكاد تحصى فالحق أحق بالإتباع والتقليد في مثل هذه المسائل من سنن العوام .
نعم أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس أنه فسر الإيمان في هذه الآية بالخشية وعبر عنها بذلك بناء على أنها من آثاره وهو خلاف الظاهر أيضا وكأن المعنى عليه أن المؤمنين الكاملين هم الذين إذا ذكر الله من غير أن يذكر هناك ما يوجب الفزع من صفاته وأفعاله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته المتضمنة ذلك زادتهم وجلا على وجل وعلى ربهم يتوكلون .
2 .
- أي يفوضون أمورهم كلها إلى مالكهم ومدبرهم خاصة لا إلى أحد سواه كما يدل عليه تقديم المتعلق على عامله والجملة معطوفة على الصلة .
وجوز أبو البقاء كونها حالا من ضمير المفعول وكونها إستئنافية وقوله سبحانه وتعالى : الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون .
3 .
- مرفوع على أنه نعت للموصول الأول أو بدل منه أو بيان له أو منصوب على القطع المنبيء عن المدح وقد مدحهم سبحانه وتعالى أولا بمكارم الأعمال القلبية من الخشية والإخلاص والتوكل وهذا مدح لهم بمحاسن الأعمال القالبية من الصلاة والصدقة أولئك أي المتصفون بما ذكر من الصفات الحميدة من حيث إنهم كذلك هم المؤمنون حقا لأنهم حققوا إيمانهم بأن ضموا إليه ما فضل من أفاضل الأعمال .
وأخرج الطبراني عن الحرث بن مالك الأنصاري أنه مر برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال له : كيف أصبحت يا حارث قال : أصبحت مؤمنا حقا فقال صلى الله تعالى عليه وسلم انظر ما تقول فإن لكل شيء حقيقة فما حقيقة إيمانك فقال : عزفت نفسي عن الدنيا فاسهرت ليلي وأظمأت نهاري وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزوارون فيها وكأني أنظر إلى أهل النار يتصارخون فيها قال E : يا حارث عرفت فالزم ثلاثا ونصب حقا على أنه صفة مصدر محذوف فالعامل فيه المؤمنون أي إيمانا حقا أو هو مؤكد لمضمون الجملة فالعامل فيه حق مقدر وقيل : إنه يجوز أن يكون مؤكدا لمضمون الجملة التي بعده فهو إبتداء كلام وهو مع أنه خلاف الظاهر إنما يتجه على القول بجواز تقديم المصدر المؤكد لمضمون الجملة عليها والظاهر منعه كالتأكيد واستدل بعضهم بالآية على أنه لا يجوز أن يصف أحد نفسه بكونه مؤمنا حقا لأنه سبحانه وتعالى : إنما وصف بذلك أقواما