من أن يشركوا بي شيئا وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم سابقة عظيمة وقربة ليس لأحد مثلها وقيل : سابقة رحمة أودعها في محمد صلى الله تعالى عليه وسلم قال الكافرون أي المحجوبون عن الله تعالى إن هذا أي الكتاب الذي جاء به محمد صلى الله تعالى عليه وسلم لسحر مبين لما رأوه خارجا عن قدرهم وإحتجبوا بالشيطنة عن الوقوف على حقيقة الحال قالوا ذلك إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام أي أوقات مقدار كل يوم منها دورة الفلك الأعظم مرة واحدة كما نص عليه الشيخ الأكبر والستة عدد تام وإختاره الله تعالى لما فيه من الأسرار ثم استوى على العرش أي الملك يدبر الأمر فيه على وفق حكمته بيد قدرته وقد يفسر العرش بقلب الكامل فالكلام إشارة إلى خلق الإنسان الذي إنطوى فيه العالم بأسره ما من شفيع يشفع لأحد بدفع ما يضره أو جلب ما ينفعه إلا من بعد إذنه بموهبة الإستعداد بنوفيق الأسباب ذلكم الموصوف بهذه الصفات الجليلة الله ربكم الذي يربكم ويدبر أمركم فإعبدوه وخصوه بالعبادة وإعرفوه بهذه الصفات ولا تعبدوا الشيطان ولا تحتجبوا عنه تعالى فتنسبوا قوله وفعله إلى الشيطان أفلا تذكرون آياته التي خطها بيد قدرته في صحائف الآفاق والأنفس فتتفكروا فيها وتنزجروا عن الشرك به سبحانه إليه مرجعكم جميعا بالعود إلى عبن الجمع المطاق في القيامة الصغرى أو إلى عين جمع الذات بالفناء فيه تعالى عند القيامة الكبرى كذا قيل وقال بعض العارفين : إن مرجع العاشقين جماله ومرجع العارفين جلاله ومرجع الموحدين كبرياؤه ومرجع الخائفين عظمته ومرجع المشتاقين وصاله ومرجع المحبين دنوه ومرجع أهل العناية ذاته وقال الجنيد قدس سره في الآية : إنه تعالى منه الإبتداء وإليه الإنتهاء ومابين ذلك مرابع فضله وتواتر نعمه وعد الله حقا انه يبدأ الخلق ثم يعيده أي يبدؤه في النشأة الأولى ثم يعيده في النشأة الثانية أو يبدأ الخلق بإختفائه وإظهارهم ثم يعيدهبإفنائهم وظهوره ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون أي يفعل ذلك ليجزي المؤمن والكافر على حسب ما يقتضيه عمل كل هو الذي جعل الشمس ضياء أي جعل شمس الروح ضياء الوجود والقمر أي قمر القلب نورا ودره منازل أي مقامات لتعلموا عدد السنين أي سني مراتبكم وأطواركم في المسير إليه وفيه تعالى والحساب أي حساب درجاتكم ومواقع أقدامكم في كل مقام ومرتبة ويقال : جعل شمس الذات ضياء للأرواح العارفة وجعل قمر الصفات نورا للقلوب العاشقة ففنيت الأرواح بصولة الذات في عين الذات وبقيت القلوب بمشاهدة الصفات في عين الصفات وهذه الشمس المشار إليها لا تغيب أصلا عن بصائر الأرواح ومن هنا قال قائلهم : هي الشمس إلا أن للشمس غيبة وهذا الذي نعنيه ليس يغيب إن في اختلاف الليل أي غلبة ظلمة النفس على القلب والنهار أي نهار إشراق ضوء الروح عليه وما خلق الله في السموات أي سموات الأرواح والأرض أي أرض الأجساد لآيات لقوم يتقون حجب صفات النفس الأمارة إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم أي يوصلهم إلى الجنات الثلاث بحسب نور إيمانهم فقوله سبحانه : تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم كالبيان لذلك دعواهم الإستعدادي فيها أي في تلك الجنات سبحانك اللهم إشارة إلى تنزيه تعالى والتنزيه في الأولى عن الشرك في الأفعال بالبراءة عن حولهم وقوتهم وفي الثانية عن الشرك في الصفات بالإنسلاخ عن صفاتهم وفي الثالثة