في كلامهم بوجه وجوز بعضهم بناءا على أن الكناية لا يشترط فيها إمكان المعنى الأصلي وتعقب بأنه عدول عن الظاهر وتقدير المضاف أسهل منه واللام للتوقيف وفي المجمع أنها تدل على الغرض وأن الحكمة إقتضت التأخير ولذا عدل عن إلى إليها وفي الآية رد على الدهرية والفلاسفة الزاعمين أنه لا إنقضاء لمدة الدنيا وهو بحث مفروغ منه يوم يأت أي ذلك اليوم المؤخر بانقضاء أجله المضروب حسبما تقتضيه الحكمة وهو المروي عن ابن جريج وقيل : الضمير للجزاء أيضا لله تعالى وفيه من تفخيم شأن اليوم ما لا يخفى ويعضده قراءة وما يؤخره بالياء ونسبة الإتيان ونحوه إليه سبحانه أتت في غيرها آية واعترض الأول بأن التقدير عليه يوم إتيان ذلك اليوم ولا يصح لأن تعرض اليوم بالإتيان يأبى تعرف الإتيان به ولأن إتيان اليوم لا ينفك عن يوم الإتيان فيكفي الإسناد وتلغو الإضافة ونقل العلامة الطيبي نصا على عدم جوازه كما لا تقول : جئتك يوم بسرك وأجيب أن كل زمان له شأن يعتبر تجدده كالعيد والنيروز والساعة مثلا يجري مجرى الزماني وإن كان في نفسه زمانا فبإعتبار تغاير الجهتين صحت الإضافة والإسناد كما يصح أن يقال : يوم تقوم الساعة ويوم يأتي العيد والعيد في يوم كذا فاللأول زمان وضميره أعني فاعل الفعل زماني وإذا حسن مثل قوله : فسقى الغضي والساكنيه وإن هم شبوه بين جوانحي وضلوعي فهذا أحسن وقرأ النحويان ونافع يأتي بإثبات الياء وصلا وحذفها وقفا وابن كثير بإثباتها وصلا ووقفا وهي ثابتة في مصحف أبي وقرأ باقي السبعة بحذفها وصلا ووقفا وسقطت في مصحف عثمان رضي الله تعالى عنه وإثباتها وصلا ووقفا هو الوجه ووجه حذفها في الوقف التشبيه بالفواصل ووصلا ووقفا التخفيف كما قالوا : لا أدر ولا أبال وذكر الزمخشري أن الإجتزاء بالكسرة عن الياء كثير في لغة هذيل ومن ذلك قوله : كفاك كف ما تليق درهما جودا وأخرى تعط بالسيف الدما وقرأ الأعمش يوم يأتون بواو الجمع وكذا في مصحف عبدالله أي يوم يأتي الناس أو أهل الموقف لا تكلم نفس أي لا تتكلم بما ينفع وينجي من جواب أو شفاعة وهذا الفعل على الأظهر هو الناصب للظرف السابق .
وجوز أن يكون منصوبا بالإنتهاء المضاف إلى الأجل وأن يكون مفعولا به لا ذكر محذوفا وهذه الجملة موضع الحال من الضمير اليوم وأجاز الحوفي وابن عطية كونها نعتا ليوم وتعقب بأنه يقتضي أن إضافته لا تفيده تعريفا وهو ممنوع ولعل من يدعي ذلك يقول : إن الجمل بمنزلة النكرات حتى أطلقوا عليها ذلك فالإضافة إليها كالإضافة إليها إلا بإذنه أي إلا بإذن الله تعالى شأنه وعز سلطانه في التكلم كقوله سبحانه : لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وهذا في موقف من مواقف ذلك اليوم وقوله تبارك وتعالى : هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون في موقف آخر من مواقفه كما أن قوله تعالى : يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها في آخر منها وروي هذا عن الحسن .
وقد ذكر غير واحد أن المأذون فيه الأجوبة الحقة والممنوع منه الأعذار الباطلة نعم قد يؤذن فيها