أن أول مراتب الحب الهوى ثم العلاقة وهي الحب اللازم للقلب ثم الكلف وهو شدة الحب ثم العشق وهو إسم لما فضل عن المقدار المسمى بالحب ثم الشغف بالمهملة وهو إحتراق القلب مع لذة يجدها وكذلك اللوعة واللاعج ثم الشغف بالمعجمة وهو أن يبلغ الحب شغاف القلب ثم الجوى وهو الهوى الباطن ثم التيم وهو أن يستعبده الحب ثم التبل هو أن يسقمه الحب ثم التدله وهو ذهاب العقل من الحب ثم الهيوم وهو أن يذهب الرجل على وجهه لغلبة الهوى عليه أه .
ورتب بعضهم ذلك على طرز أخر والله تعالى أعلم وأيا ما كان فالجملة إما خبر ثان أو حال من فاعل تراود أو من مفعوله والمقصود منها تكرير اللوم وتأكيد العذل ببيان إختلاف أحوالها القلبية كأحوالها القالبية وجوز أبو البقاء كونها إستئنافية فهي حينئذ على ما قيل : في موضع التعليل لدوام المراودة وليس بذاك لأنه إن اعتبر من حيث الإنية كان مصيره إلى الإستدلال بالأخفى على الأجلى وإن إعتبر من حديث اللمية كان فيه ميل تمهيد العذر من قبلها وليس المقام له وانتصاب حبا على التمييز هو محول عن الفاعل إذ الأصل قد شغفها حبه كما أشير إليه وأدغم النحويان وحمزة وهشام وابن محيصن دال قد في شين شغفها .
إنا لنراها أي نعلمها فالرؤية قلبية واستعمالها بمعنى العلم حقيقة كاستعمالها بمعنى الإحساس بالبصر وإذا أريد منها البصرية ثم جوز بها عن العلمية كان أبلغ في إفادة كونها فيما صنعت من المراودة والمحبة المفرطة مستقرة في ضلال عظيم عن طريق الرشد والصواب أو سنن العقل مبين .
30 .
- واضح لا يخفى كونه ضلالا على أحد أو مظهر لأمرها بين الناس فالتنوين للتفخيم والجملة مقررة لمضمون الجملتين السابقتين المسوقتين للوم والتشنيع وتسجيل عليها بأنها في أمرها على خطأ عظيم وإنما لم يقلن : إنها لفي ضلال مبين إشعارا كما قيل : بأن ذلك الحكم غير صادر منهن مجازفة بل عن علم ورأي مع التلويح بأنهن متنزهات عن أمثال ما هي عليه وصح اللوم على الشغف قيل : لأنه إختياري باعتبار مباديه كما يشير إليه قوله : مازحته فعشقته والعشق أوله مزاح وإلا فما ليس باختياري لا ينبغي اللوم عليه كما أشار إليه البوصيري بقوله : يا لائمي في الهوى العذري معذرة مني إليك ولو أنصفت لم تلم وقيل : اللوم عليه باعتبار الإسترسال معه وترك علاجه فإنهم صرحوا بأن ذلك من جملة الأدواء وذكروا له من المعالجة ما ذكروا ومن أحسن ما ذكر له من ذلك تذكر مساوي المحبوب والتفكر في عواقبه فقد قيل : لو فكر العاشق في منتهى حسن الذي يسبيه لم يسبه وتمام الكلام في هذا المقام يطلب في محله فلما سمعت بمكرهن أي بإغتيابهن وسوء مقالتهن وتسمية ذلك مكرا لشبهه له في الإخفاء وقيل : كانت إستكتمتهن سرها فأفشينه وأطلعن على أمرها وقيل : إنهن قصدن بتلك المقالة إغضايها حتى تعرض عليهن يوسف لتبدي عذرها فيفزن بمشاهدته والمكر على هذين القولين حقيقة أرسلت إليهن تدعوهن قيل : دعت أربعين إمرأة منهن الخمس أو الأربع المذكورات وروي ذلك عن وهب والظاهر عود الضمير على تلك النسوة القائلة ما قلن عنها واعتدت أي هيأت لهن متكئا