كونه معهم نكتل أي من الطعام ما نحتاج إليه وهو جواب الطلب قيل : والأصل يرفع المانع ونكتل فالجواب هو يرفع إلا أنه رفع ووضع موضعه يكتل لأنه لما علق المنع من الكيل بعدم اتيان أخيهم كان إرساله رفعا لذلك المانع ووضع موضعه ذلك لأنه المقصود وقيل : انه جيء بآخر الجزأين ترتبا دلالة على أولهما مبالغة وأصل هذا الفعل نكتيل على وزن نفعيل قلبت الياء الفا لتحركها وانفتاح ماقبلها ثم حذفت لالتقاء الساكنين ومن الغريب أنه نقل السجاوندي أنه سأل المازني ابن السكيت عند الواثق عن وزن نكتل فقال : تفعل فقال المازني : فاذا ماضيه كتل فخطأه على أبلغ وجه .
وقرأ حمزة والكسائي يكتل بياء الغيبة على اسناده للاخ مجازا لأنه سبب للاكتيال أو يكتل أخونا فينضم اكتياله الى اكتيالنا وقوى أبو حيان بهذه القراءة القول ببقاء منع على حقيقته ومثله الامام وإنا له لحفظون .
36 .
- من أن يصيبه مكروه وهذا سد لباب الاعتذار وقد بالغوا في ذلك كما لايخفى وفي بعض الأخبار ولا يخفى حاله أنهم لما دخلوا على أبيهم عليه السلام سلموا عليه سلاما ضعيفا فقال لهم : يا بني مالكم تسلمون علي سلاما ضعيفا ومالي لاأسمع فيكم صوت شمعون فقالوا : ياأبانا جئناك من عند أعظم الناس ملكا ولم ير مثله علما وحكما وخشوعا وسكينة ووقارا ولئن كان لك شبه فانه يشبهك ولكنا أهل بيت خلقنا للبلاء إنه اتهمنا وزعم أنه لايصدقنا حتى ترسل معنا بنيامين برسالة منك تخبره عن حزنك وما الذي أحزنك وعن سرعة الشيب اليك وذهاب بصرك وقد منع منا الكيل فيما يستقبل إن لم نأته بأخينا فأرسله معنا نكتل وإنا له لحافظون حتى نأتيك به قال هل ءامنكم عليه استفهام إنكاري و آمنكم بالمد وفتح الميم ورفع النون مضارع من باب علم وأمنه وائتمنه بمعنى أي ماائتمنكم عليه إلا كما أمنتكم أي الا ائتمانا مثل ائتماني إياكم على أخيه يوسف من قبل وقد قلتم أيضا في حقه ما قلتم ثم فعلتم به ما فعلتم فلا أثق بكم ولا بحفظكم وإنما أفوض أمري إلى الله تعالى فالله خير حفظا وهو أرحم الراحمين .
46 .
- فأرجو أن يرحمني بحفظه ولا يجمع علي مصيبتين وهذا كما ترى ميل منه عليه السلام إلى الأذن والارسال لما رأى فيه من المصلحة وفيه أيضا من التوكل على الله تعالى ما لايخفى ولذا روى أن الله تعالى قال : وعزتي وجلالي لأردهما عليك اذ توكلت علي ونصب حافظا على التمييز نحو لله دره فارسا وجوز غير واحد أن يكون على الحالية وتعقبه أبو حيان بأنه ليس بجيد لما فيه من تقييد الخيرية بهذه الحالة ورد بأنها حال لازمه مؤكدة لامبينة ومثلها كثير مع أنه قول بالمفهوم وهو غير معتبر ولو اعتبر ورد على التمييز وفيه نظر وقرأ أكثر السبعة حفظا ونصبه على ما قال أبو البقاء على التمييز لاغير وقرأ الأعمش خير حافظ على الاضافة وافراد حافظ وقرأ أبو هريرة خير الحافظين على الاضافة والجمع ونقل ابن عطية عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قرأ فالله خير حافظا وهو خير الحافظين قال أبو حيان : وينبغي أن تجعل جملة وهو خير الخ تفسيرا للجملة التي قبلها لا أنها قرآن وقد مر تعليل ذلك ولما فتحوا متاعهم قال الراغب : المتاع كل ماينتفع به على وجه وهو في الآية الطعام وقيل : الوعاء وكلاهما متاع وهما متلازمان فان الطعام كان في الوعاء والمعنى على أنهم لما فتحوا أوعية طعامهم وجدوا بضاعتهم التي كانوا أعطوها ثمنا للطعام ردت إليهم أي تفضلا وقد علموا ذلك بما مر من دلالة الحال وقرأ علقمة ويحيى بن وثاب والأعمش