رحلك ثم أنادي عليك بأنك سرقته ليتهيأ لي ردك بعد تسريحك معهم قال : افعل فلما جهزهم بجهازهم ووفى لهم الكيل وزاد كلا منهم على ما روى حمل بعير جعل السقاية هي إناء يشرب به الملك وبه كان يكال الطعام للناس وقيل : كانت تسقى بها الدواب ويكال بها الحبوب وكانت من فضة مرصعة بالجواهر على ما روى عن عكرمة أو بدون ذلك كما روى عن ابن عباس والحسن وعن ابن زيد أنها من ذهب وقيل : من فضة مموهة بالذهب وقيل : كانت إناء مستطيلة تشبه المكوك الفارسي الذي يلتقي طرفاه يستعمله الأعاجم يروى أنه كان للعباس مثله يشرب به في الجاهلية ولعزة الطعام في تلك الأعوام قصر كيله على ذلك والظاهر أن الجاعل هو يوسف عليه السلام نفسه ويظهر من حيث كونه ملكا أنه عليه السلام لم يباشر الجعل بنفسه بل أمر أحدا فجعلها في رحل أخيه بنيامين من حيث يشعر أولايشعر .
وقرئ وجعل بواو وفي ذلك احتمالان الأول أن تكون الواو زائدة على مذهب الكوفيين وما بعدها هو جواب لما والثاني أن تكون عاطفة على محذوف وهو الجواب أي فلما جهزهم أمهلهم حتى انطلقوا وجعل ثم أذن مؤذن نادى مسمع كما في مجمع البيان وفي الكشاف وغيره نادى مناد .
وأورد عليه أن النحاة قالوا : لايقال قام قائم لأنه لافائدة فيه وأجيب بأنهم أرادوا أن ذلك المنادي من شأنه الاعلام بما نادى به بمعنى أنه موصوف بصفة مقدرة تتم بها الفائدة أي أذن رجل معين للأذان أيتها العير إنكم لسارقون .
7 .
- وقد يقال : قياس مافي النظم الجليل على المثال المذكور ليس في محله وكثيرا ما تتم الفائدة بما ليس من أجزاء الجملة ومنه صلى الله تعالى عليه وسلم : لايزني الزاني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر وهو مؤمن والعير الإبل التي عليها الأحمال سميت بذلك لأنها تعير أي تذهب وتجيء وهو اسم جمع لذلك لا واحد له والمراد هنا أصحاب العير كما في قوله صلى الله تعالى عليه وسلم : ياخيل الله اركبي وذلك أما من باب المجاز أو الاضمار الا أنه نظر الى المعنى 1 في الآية ولم ينظر اليه في الحديث صلى الله عليه وسلّم وقيل : العير قافلة الحمير ثم توسع 3 فيها حتى قيلت لكل قافلة كأنها جمع عير بفتح العين وسكون الياء وهو الحمار وأصلها عير بضم العين والياء استثقلت الضمة على الياء فحذفت ثم كسرت العين لثقل الياء بعد الضمة كما فعل في بيض جمع أبيض وغيد جمع أغيد وحمل العير هنا على قافلة الابل هو المروي عن الأكثرين وعن مجاهد أنها كانت قافلة حمير والخطاب بانكم لسارقون أن كان بأمر يوسف عليه السلام فلعله أريد بالسرقة أخذهم له من أبيه على وجه الخيانة كالسراق ودخول بنيامين فيه بطريق التغليب أو أريد سرقة 4 السقاية ولا يضر لزوم الكذب لأنه اذا تضمن مصلحة رخص فيه واما كونه برضا أخيه فلا يدفع ارتكاب الكذب وانما يدفع تأذى الأخ منه أو يكون المعنى على الاستفهام أي أئنكم لسارقون ولا يخفى مافيه من البعد والا فهو من قبل المؤذن بناء على زعمه قيل والاول هو الأظهر الأوفق للسياق وفي البحر الذي يظهر أن هذا التحيل ورمى البراء بالسرقة وادخال الهم على يعقوب عليه