صرح الزجاج بأن الاظهار هنا أحسن من الأضمار وعلله ببعض ماذكر وانشد : لاأرى الموت يسبق الموت شيء .
نغص الموت ذا الغنى والفقيرا وبذلك يندفع ما في البحر اعتراضا على هذا الجعل من أن وضع الظاهر موضع الضمير للربط إنما يفصح إذا كان المقام مقام تعظيم كما قال سيبويه فلا ينبغي حمل النظم الجليل على ذلك وأن يكون جزاؤه خبر مبتدأ محذوف تقديره المسؤول عنه جزاؤه فهو حكاية قول السائل ويكون من وجد الخ بيانا وشروعا في الفتوى وهذا علىما قيل كما يقول من يستفتي في جزاء صيد المحرم : جزاء صيد المحرم ثم يقول : ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم فان قول المفتي : جزاء صيد الحرم بتقدير مااستفتيت فيه أو سألت عنه ذلك وما بعده بيان للحكم وشرح للجواب وليس التقدير ماأذكره جزاء صيد الحرم لأن مقام الجواب والسؤال ناب عنه نعم إذا ابتدأ العالم بإلقاء مسألة فهنالك يناسب هذا التقدير .
وتعقب ذلك أبو حيان بأنه ليس في الاخبار عن المسؤول عنه بذلك كثير فائدة إذ قد علم أن المسؤول عنه ذلك من قولهم : فما جزاؤه وكذا يقال في المثال وأجيب بأنه يمكن أن يقال : إن فائدة ذلك إعلام المفتي المستفتي أنه قد أحاط خبره بسؤاله ليأخذ فتواه بالقبول ولا يتوقف في ذلك لظن الغفلة فيها عن تحقيق المسؤول وهي فائدة جليلة .
وزعم بعضهم أن الجملة من الخبر والمبتدأ المحذوف على معنى الاستفهام الانكاري كأن المسؤول ينكر أن يكون المسؤول عنه ذلك لظهور جوابه ثم يعود فيجيب وهو كما ترى كذلك أي مثل ذلك الجزاء الأوفى نجزي الظالمين .
57 .
- بالسرقة والظاهر أن هذا من تتمة كلام الاخوة فهو تأكيد للحكم المذكور غب تأكيد وبيان لقبح السرقة وقد فعلوا ذلك ثقة بكمال براءتهم عنها وهم عما فعل بهم غافلون وقيل : هو من كلام أصحاب يوسف عليه السلام وقيل : كلامه نفسه أي مثل الجزاء الذي ذكرتموه نجزي السارقين .
فبدأ قيل المؤذن ورجح بقرب سبق ذكره وقيل : يوسف عليه السلام فقد روى أن إخوته لما قالوا ما قالوا قال لهم أصحابه : لابد من تفتيش رحالكم فردوهم بعد أن ساروا منزلا أو بعد أن خرجوا من العمارة اليه عليه السلام فبدأ بأوعيتهم أي بتفتيش أوعية الاخوة العشرة ورجح ذلك بمقاولة يوسف عليه السلام فانها تقتضي ظاهرا وقوع ماذكر بعد ردهم اليه ولا يخفى أن الظاهر أن إسناد التفتيش اليه عليه السلام مجازي والمفتش حقيقة أصحابه بأمره بذلك قبل تفتيش وعاء أخيه بنيامين لنفي التهمة .
روى أنه لما بلغت النوبة إلى وعائه قال : ماأظن هذا أخذ شيئا فقالوا : والله لا تتركه حتى تنظر في رحله فانه أطيب لنفسك وأنفسنا ففعل ثم استخرجها أي السقاية أو الصواع لأنه كما علمت مما يؤنث ويذكر عند الحفاظ وقيل : الضمير للسرقة المفهومة من الكلام أي ثم استخرج السرقة من وعاء أخيه لم يقل منه على رجع الضمير إلى الوعاء أو من وعائه على رجعه إلى أخيه قصدا إلى زيادة كشف وبيان والوعاء الظرف الذي يحفظ فيه الشيء وكأن المراد به هنا ما يشمل الرحل وغيره لأنه الأنسب بمقام التفتيش ولذا لم يعبر بالرحال على ماقيل وعليه يكون عليه السلام قد فتش كل ما يمكن أن يحفظ الصواع فيه مما كان معهم