فلام للغيب للتقوية والمراد حافظين الغيب واسئل القرية التي كنا فيها يعنون كما روى عن ابن عباس وقتادة والحسن مصر وقيل : قرية بقربها لحقهم المنادى بها والأول ظاهر على القول بأن المفتش لهم يوسف عليه السلام والثاني الظاهر على القول بأنه المؤذن وسؤال القرية عبارة عن سؤال أهلها إما مجازا في القرية لاطلاقها عليها بعلاقة الحالية والمحلية أو في النسبة أو يقدر فيه مضاف وهو مجاز أيضا عند سيبويه وجماعة وفي المحصول وغيره أن الاضمار والمجاز متباينان ليس أحدهما قسما من الآخر والأكثرون على المقابلة بينهما وأياما كان فالمسؤل عنه محذوف للعلم به وحاصل المعنى أرسل من تثق به إلى أهل القرية واسألهم عن القصة والعير التي أقبلنا فيها أي أصحابها الذين توجهنا فيهم وكنا معهم فان القصة معروفة فيما بينهم وكانوا قوما من كنعان من جيران يعقوب عليه السلام وقيل : من أهل صنعاء والكلام هنا في التجوز والاضمار كالكلام سابقا .
وقيل : لاتجوز ولا اضمار في الموضعين والمقصود احالة تحقيق الحال والاطلاع على كنه القصة على السؤال من الجمادات والبهائم أنفسها بناء على أنه عليهم السلام نبي فلا يبعد أن تنطق وتخبره بذلك على خرق العادة وتعقب بأنه مما لاينبغي أن يكون مرادا ولا يقتضيه المقام لأنه ليس بصدد اظهار المعجزة وقال بعض الأجلة : الأولى ابقاء القرية والعبر على ظاهرهما وعدم اضمار مضاف اليهما ويكون الكلام مبنيا على دعوى ظهور الامر بحيث أن الجمادات والبهائم قد علمت به وقد شاع مثل ذلك في الكلام قديما وحديثا ومنه قول ابن الدمينة : سل القاعة الوعسا من الاجرع الذي به البان هل حييت اطلال دارك وقوله : سلوا مضجعي عني وعنها فاننا رضينا بما يخبرن عنا المضاجع وقوله : واسأل نجوم الليل هل زار الكرى جفني وكيف يزور من لم يعرف ولا يخفى أن مثل هذا لايخلو عن ارتكاب مجاز نعم هو معنى لطيف بيد أن الجمهور على خلافه وأكثرهم على اعتبار مجاز الحذف وإنا لصادقون .
28 .
- فيما أخبرناك به وليس المراد اثبات صدقهم بما ذكر حتى يكون مصادرة بل تأكيد صدقهم بما يفيد ذلك من الاسمية وإن واللام وهو مراد من قال : إنه تأكيد في محل القسم ويحتمل على ماقيل أن يريد أن هنا قسما مقدرا وقيل : المراد الاثبات ولا مصادرة على معنى أنا قوم عادتنا الصدق فلا يكون ماأخبرناك به كذبا ولا نظنك في مرية من عدم قبوله قال أي أبوهم عليه السلام وهو استئناف مبني على سؤال نشأ مما سبق فكأنه قيل : فماذا كان عند قول ذلك القائل للأخوة ما قال فقيل : قال أبوهم عندما رجعوا اليه فقالوا له ما قالوا : بل سولت لكم أنفسكم أمرا وانما حذف للايذان بأن مسارعتهم الى قبول كلام ذلك القائل ورجوعهم به الى أبيهم أمر مسلم غني عن البيان وانما المحتاج اليه جوابه يروى أنهم لما عزموا على الرجوع الى أبيهم قال لهم يوسف عليه السلام : اذا أتيتم أباكم فاقرؤا عليه السلام وقولوا له : ان ملك مصر يدعو لك ان لاتموت حتى ترى ولدك يوسف ليعلم أن في أرض مصر صديقين مثله فساروا حتى وصلوا اليه فأخبروه بجميع ما كان فبكى وقال ما قال وبل للأضراب