روحانية لاتتجلى الا في مقام الشكر وهكذا القول في جميع المراتب اه وتعقبه أبو حيان بأنه كلام فاسق لاتفهمه العرب ولا جاءت به الانبياء عليهم السلام فهو مطروح لايلتفت اليه المسلمون وأنت تعلم أن مثل هذا كلام كثير من الصوفية والذين ينقضون عهد الله أريد بهم من يقابل الاولين ويعاندهم بالاتصاف بنقائض أوصافهم من بعد ميثاقه الاعتراف به قيل : المراد بالعهد قوله سبحانه : ألست بربكم وبالميثاق ماهو اسم آلة أعني ما يوثق به الشيء واريد به الاعتراف بقول : بلى وقد يسمى العهد من الطرفين ميثاقا لتوثيقه بين المتعاهدين وفسر الامام عهد الله تعالى بما ألزمه عباده بواسطة الدلائل العقلية لأن ذلك أوكد كل عهد وكل إيمان اذ الأيمان إنما تفيد التوكيد بواسطة الدلائل الدالة على انها توجب الوفاء بمقتضاها ثم قال : والمراد من نقضها أن لاينظر المرء فيها فلا يمكنه حينئذ العمل بموجبها أو بأن ينظر ويعلم صحتها ثم يعاند فلا يعمل بعلمه أو بأن ينظر في الشبه فلا يعتقد الحق والمراد بقوله سبحانه من بعد ميثاقه من بعد أن أوثق اليه تلك الادلة وأحكامها لأنه لاشيء أقوى مما دل الله تعالى على وجوبه في أنه ينفع فعله ويضر تركه .
وأورد أنه إذا كان العهد لايكون الا بالميثاق فما فائدة من بعد ميثاقه وأجاب بأنه لايمتنع أن يكون المراد مفارقة من تمكن من معرفته بالحلف لمن لم يتمكن أولا يمتنع أن يكون المراد الأدلة المؤكدة لأنه يقال : قد تؤكد اليك بدلائل أخرى سواء كانت عقلية أو سمعية اه ولا يخفى انه إذا أريد بالعهد ذلك القول وبالميثاق الاعتراف به لم يختج إلى القيل والقال وحمل بعضهم العهد هنا على سائر ما وصى الله تعالى به عباده كالعهد فيما سبق والميثاق على الاقرار والقبول والآية كما روى عن مقاتل نزلت في أهل الكتاب ويقطعون ماأمر الله به أن يوصل من الايمان بجميع الانبياء عليهم السلام المجتمعين على الحق حيث يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض ومن حقوق الارحام وموالاة المؤمنين وغير ذلك وإنما لم يتعرض كما قال بعض المحققين لنفي الخشية والخوف عنهم صريحا لدلالة النقض والقطع على ذلك وأما عدم التعرض لنفي الصبر المذكور فلأنه إنما اعتبر تحققه في ضمن الحسنات المعدودة ليقعن معتدا بهن فلا وجه لنفيه عمن بينه وبين الحسنات بعد المشرقين لاسيما بعد تقييده بكونه ابتغاء وجهه تعالى كما لاوجه لنفي الصلاة والانفاق بناء على أن المراد منه اعطاء الزكاة ممن لايحوم حول الايمان بالله تعالى فضلا عن فروع الشرائع وإن أريد بالانفاق مايشمل ذلك وغيره فنفيه مندرج تحت قطع ما أمر الله تعالى بوصله بل قد يقال باندراج نفي الصلاة أيضا تحت ذلك وأما درء السيئة بالحسنة فانتفاؤه عنهم ظاهر مما سبق ولحق فان من يجازي احسانه D بنقض عهده سبحانه ومخالفة الامر ويباشر الفساد حسبما يحكيه قوله D : ويفسدون في الأرض بالظلم لأنفسهم وغيرهم وتهييج الفتن بمخالفة دعوة الحق واثارة الحرب على المسلمين كيف يتصور منه الدرء المذكور على أنه قيل : إن ذلك يشعر بأن له دخلا في الافضاء إلى العقوبة التي ينبىء عنها قوله سبحانه : أولئك الخ أي أولئك الموصوفون بتلك القبائح لهم بسبب ذلك اللعنة أي الابعاد من رحمة الله تعالى ولهم مع ذلك سوء الدار .
52 .
- أي سوء عاقبة الدار والمراد بها الدنيا وسوء عاقبتها عذاب جهنم أو جهنم نفسها ولم يقل : سوء عاقبة الدار تفاديا أن يجعلها عاقبة حيث جعل العاقبة المطلقة هي الجنة وجوز أن يراد بالدار جهنم وبسوئها عذابها والأول