أنهم يريدون أن ينبئوا عالم السر والخفيات بما لايعلمه وهذا محال على محال وفي جعله اتخاذهم شركاء ومجادلتهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم نكتة سرية بل نكت سرية ثم أضرب عن ذلك وقيل : قد بين الشمس لذي عينين وما تلك التسمية الا بظاهر من القول من غير أن يكون تحته طائل وماهو الا مجرد صوت فارغ حق لمن تأمل فيه حق التأمل أن يعترف بأنه كلام مصون عن التعمل صادر عن خالق القوى والقدر تتضاءل عن بلوغ طرف من أسراره افهام البشر .
وقد ذيل الزمخشري كلامه بقوله فتبارك الله أحسن الخالقين وهي كما في الانتصاف كلمة حق أريد بها باطل يدندن بها من هو عن حلية الانصاف عاطل هذا بل زين للذين كفروا اضراب عن الاحتجاج عليهم ووضع الموصول موضع المضمر ذما لهم وتسجيلا عليهم بالكفر كأنه قيل : دع هذا فانه لا فائدة فيه لأنهم زين لهم مكرهم كيدهم للاستلام بشركهم أو تمويههم الاباطيل فتكلفوا ايقاعها في الخيال من غير حقيقة ثم بعد ذلك ظنوها شيئا لتماديهم في الضلال وعلى هذا المراد مكرهم بأنفسهم وعلى الأول مكرهم بغيرهم وإضافة مكر إلى ضميرهم من إضافة المصدر إلى الفاعل وجوز على الثاني أن يكون مضافا إلى المفعول وفيه بعد .
وقرأ مجاهد بل زين على البناء لفاعل و مكرهم بالنصب وصدوا عن السبيل أي سبيل الحق فتعريفه للعهد أو ماعداه كأنه غير سبيل وفاعل الصد أما مكرهم ونحوه أو الله تعالى بختمه على قلوبهم أو الشيطان باغوائه لهم والاحتمالان الاخيران جاريان في فاعل التزيين وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وصدوا على البناء للفاعل وهو كالاول من صده صدا فالمفعول محذوف أي صدوا الناس عن الايمان ويجوز أن يكون من صد صدودا فلا مفعول وقرأ ابن وثاب وصدوا بكسر الصاد وقال بعضهم : إنه قرأ كذلك في المؤمن والكسر هنا لابن يعمر والفعل على ذلك مجهول نقلت فيه حركة العين إلى الفاء اجراء له مجرى الاجوف وقرأ ابن أبي اسحق وصد بالتنوين عطفا على مكرهم ومن يضلل الله أي يخلق فيه الضلال لسوء استعداده فماله من هاد .
33 .
- يوفقه للهدى ويوصله إلى مافيه نجاته لهم عذاب شاق في الحياة الدنيا بالقتل والاسر وسائر مايصيبهم من المصائب فانها إنما تصيبهم عقوبة من الله تعالى على كفرهم وأما وقوع مثل ذلك للمؤمن فعلى طريق الثواب ورفع الدرجات ولعذاب الآخرة أشق من ذلك لشدته ودوامه ومالهم من الله أي عذابه سبحانه من واق .
433 - من حافظ يعصمهم من ذلك فمن الاولى صلة واق والثانية مزيدة للتأكيد ولايضر تقديم معمول المجرور عليه لأن الزائد لاحكم له .
وجوز أن تكون من الاولى ظرفا مستقرا وقع حالا من واق وصلته محذوفة والمعنى مالهم واق وحافظ من عذاب الله تعالى حال كون ذلك الواقي من جهته تعالى ورحمته و من على هذا للتبيين وجوز أيضا أن تكون لغوا متعلقة بما في الظرف أعني لهم من معنى الفعل وهي للابتداء والمعنى ماحصل لهم من رحمة الله تعالى واق من العذاب مثل الجنة أي نعتها وصفتها كما أخرجه ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة فهو على مافي البحر من مثلت الشيء إذا وصفته وقربته للفهم ومنه وله المثل الأعلى أي الصفة العليا وأنكر أبو علي ذلك وقال : إن تفسير المثل بالصفة غير مستقيم لغة ولم يوجد فيها وإنما معناه الشبيه .
وقال بعض المحققين : إنه يستعمل في ثلاثة معان : فيستعمل بمعنى التشبيه في أصل اللغة وبمعنى القول