مذهب البراهمة وطلبوا الحجة على جهة التعجيز أي بعثكم محال وإلا فأتوا بسلطان مبين أي إنكم لاتفعلون ذلك أبدا وهو خلاف الظاهر وهذا الطلب كان بعد اتيانهم عليهم السلام لهم من الآيات الظاهرة والبينات الباهرة ماتخر له الجبال الصم أقدمهم عليه العناد والمكابرة قالت لهم رسلهم مجاراة لأول مقالتهم : إن نحن إلا بشر مثلكم كما تقولون وهذا كالقول بالموجب لأن فيه اطماعا في الموافقة ثم كر الى جانبهم بالابطال بقولهم عليهم السلام : ولكن الله يمن على من يشاء من عباده أي انما اختصنا الله تعالى بالرسالة بفضل منه سبحانه وامتنان والبشرية غير مانعة لمشيئته جل وعلا وفيه دليل على أن الرسالة عطائية وأن ترجيح بعض الجائزات على بعض بمشيئته تعالى ولا يخفى مافي العدول عن ولكن الله من علينا الى مافي النظم الجليل من التواضع منهم عليهم السلام وقيل : المعنى مانحن من الملائكة بل نحن بشر مثلكم في الصورة أو في الدخول تحت الجنس ولكن الله تعالى يمن على من يشاء بالفضائل والكمالات والاستعدادات التي يدور عليها فلك الاصطفاء للرسالة وفي هذا ذهاب الى قول بعض حكماء الاسلام : ان الانسان لو لم يكن في نفسه وبدنه مخصوصا بخواص شريفة علوية قدسية فانه يمتنع عقلا حصول صفة النبوة فيه وأجابوا عن عدم ذكر المرسلين عليهم السلام فضائلهم النفسانية والبدنية بأنه من باب التواضع كاختيار العموم والحق منع الامتناع العقلي وان كانوا عليهم السلام جميعا لهم مزايا وخواص مرجحة لهم على غيرهم وإنما قيل لهم كما قيل : لاختصاص الكلام بهم حيث أريد الزامهم بخلاف ماسلف من انكار وقوع الشك فيه تعالى فانه عام وان اختص بهم مايعقبه وما كان لنا أي ما صح وما استقام أن نأتيكم بسلطان أي بحجة ما من الحجج فضلا عن السلطان المبين الذي اقترحتموه بشيء من الأشياء وسبب من الأسباب الا باذن الله فانه أمر يتعلق بمشيئته تعالى ان شاء كان والا فلا وعلى الله وحده دون ماعداه مطلقا فليتوكل المؤمنون .
11 .
- في الصبر على معاندتكم ومعاداتكم عمموا الأمر للاشعار بما يوجب التوكل من الايمان وقصدوا به أنفسهم قصدوا أوليا ويدل على ذلك قولهم : وما لنا ألا نتوكل على الله ومحل الخلاف في دخول المتكلم في عموم كلامه حيث لم يعلم دخوله فيه بالطريق الأولى أو تقم عليه قرينه كما هنا واحتمال أن يراد بالمؤمنين أنفسهم و مالنا التفات لا التفات اليه والجمع بين الواو والفاء تقدم الكلام فيه 1 و ما استفهامية للسؤال عن السبب والعذر و أن على تقدير حرف الجر أي أي عذر لنا في عدم التوكل عليه تعالى والاظهار لاظهار النشاط بالتوكل عليه جل وعلا والاستلذاذ باسمه تعالى وتعليل التوكل وقد هدانا أي والحال أنه سبحانه قد فعل بنا مايوجب ذلك ويستدعيه حيث هدانا سبلنا أي أرشد كلا منا سبيله ومنهاجه الذي شرع له وأوجب عليه سلوكه في الدين .
وقرأ أبو عمرو سبلنا بسكون الباء وحيث كانت أذية الكفار مما يوجب القلق والاضطراب القادح في