بمعنى جعل واتخذ أو لتضمينه معناه وكلمة أول مفعوليه قد أخر عن ثانيهما أعني مثلا لئلا يبعد عن صفته التي هي كشجرة قيل : ولا يرد على هذا بأن المعنى أنه تعالى ضرب لكلمة طيبة مثلا لا كلمة طيبة مثلا لأن المثل عليه بمعنى الممثل به والتقدير ذات مثل أولها مثلا وقريء كلمة بالرفع على الابتداء لكونها نكرة موصوفة والخبر كشجرة ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف و كشجرة صفة أخرى أصلها ثابت أي ضارب بعروقه في الأرض وقرأ أنس بن مالك كشجرة طيبة ثابت أصلها وقراءة الجماعة على الأصل وذكروا أنها أقوى معنى .
قال ابن جني : لأنك إذا قلت ثابت أصلها فقد أجريت الصفة على شجرة وليس الثبات لها إنما هو للأصل والصفة إذا كانت في المعنى لما هو من سبب الموصوف قد تجري عليه لكنها أخص بما هي له لفظا ومعنى فالاحسن تقديم الأصل عناية به ومن ثم قالوا : زيد ضربته فقدموا المفعول عناية به حيث أن الغرض ليس ذكر الفاعل وإنما هو ذكر المفعول ثم لم يقنعوا بذلك حيث أزالوه عن لفظ الفضلة وجعلوه رب الجملة لفظا فرفعوه بالابتداء وصار ضربته ذيلا له وفضلة ملحقة به وكذلك قولك : مررت برجل أبوه قائم أقوى معنى من قولك : مررت برجل قائم أبوه لأن المخبر عنه بالقيام إنما هو الأب لا الرجل مع مافي التقديم هنا من حسن التقابل والتقسيم إلا أن لقراءة أنس وجها حسنا وهو أن ثابت اصلها صفة الشجرة وأصل الصفة أن تكون اسما مفردا لأن الجملة إذا وقعت صفة حكم على موضعها باعراب المفرد وذلك لم يبلغ مبلغ الجملة بخلاف أصلها ثابت فانه جملة قطعا وقال بعضهم : إنها أبلغ ولم يذكر وجه ذلك فزعم من زعم أنه ماأشير اليه من وجه الحسن وهو بمعزل عن الصواب .
وقال ابن تمجيد : هو أنه كوصف الشيء مرتين مرة صوره ومرة معنى مع مافيه من الاجمال والتفصيل كما في ألم نشرح لك صدرك فانه لما قيل : كشجرة طيبة ثابت تبادر الذهن من جعل ثابت صفة لشجرة صورة أن شيئا من الشجرة متصف بالثبات ثم لما قيل : أصلها علم صريحا أن الثبات صفة أصل الشجرة وقيل : كونها أكثر مبالغة لجعل الشجرة بثبات أصولها ثابتة بجميع أغصانها فتدبر وفروعها أي أعلاها من قولهم : فرع الجبل اذا علاه وسمى الاعلى فرعا لتفرعه على الاصل ولهذا أفرد والا فكل شجرة لها فروع وأغصان ويجوز أن يراد به الفروع لأنه مضاف والاضافة حيث لاعهد ترد للاستغراق أو لأنه مصدر بحسب الاصل واضافته على مااشتهر تفيد العموم فكأنه قيل : وفروعها في السماء .
42 .
- أي في جهة العلو تؤتى أكلها تعطي ثمرها كل حين وقت أقته الله تعالى لإثمارها بأذن ربها بارادة خالقها جل شأنه والمراد بالكلمة الطيبة شهادة أن لا اله الا الله على ما أخرجه البيهقى وغيره عن ابن عباس وعن الاصم أنها القرآن وعن ابن بحر دعوة الاسلام وقيل : التسبيح والتنزيه وقيل : الثناء على الله تعالى مطلقا وقيل : كل كلمة حسنة وقيل : جميع الطاعات وقيل : المؤمن نفسه واخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس وهو خلاف الظاهر وكأن اطلاق الكلمة عليه نظير إطلاقها على عيسى عليه السلام والمراد بالشجرة المشبه بها النخلة عند الاكثرين وروى ذلك عن ابن عباس وابن مسعود ومجاهد وعكرمة والضحاك وابن زيد واخرج عبد الرزاق والترمذي وغيرهما عن شعيب بن الحبحاب قال : كنا عند أنس فأتينا بطبق