للعار إليه إذ التعرض للجار قبل العلم ربما يتسامح فيه وأما بعد العلم والمناصبة بحمايته الذنب عنه فذاك أعظم العار عبر عليه السلام عما يعتريه من جهتهم بعد النهي المذكور بسبب لجاجهم ومجاهرتهم بمخالفته بالخزي وأمرهم بتقوى الله تعالى في ذلك وجوز أن يكون ذلك في الخزاية وهي الحياء أي لا تجعلوني أستحيي من الناس بتعرضكم بالسوء وأستظهر بعضهم الأول وإنما يصرح عليه السلام بالنهي عن نفس تلك الفاحشة قيل : لأنه كان يعرف أنه لا يفيدهم ذلك وقيل : رعاية لمزيد الأدب مع ضيفه حيث لم يصرح بما يثقل على سمعهم وتنفر عنه طباعهم ويرى الحر الموت ألذ طمعا منه وقال بعض الأجلة : المراد باتقوا الله أمرهم بتقواه سبحانه عن ارتكاب الفاحشة وتعقب بأنه لا يساعد ذلك توسيطه بين النهيين المتعلقين بنفسه عليه السلام وكذلك قوله تعالى : قالوا أو لم ننهك عن العالمين .
70 .
- أي عن إجارة أحد منهم وحيلولتك بيننا وبينه أو عن ضيافة أحد منهم والهمزة للإنكار والواو على ما قال غير واحد للعطف على مقدر أي ألم نتقدم إليك ولم ننهك عن ذلك فإنهم كانوا يتعرضون لكل أحد من الغرباء بالسوء وكان عليه السلام ينهاهم عن ذلك بقدر وسعه ويحول بينهم وبين من يعرضون له وكانوا قد نهوه عن تعاطي مثل ذلك فكأنهم قالوا : ما ذكرت من الفضيحة والخزي إنما جاءك من قبلك لا من قبلنا إذ لو لا تعرضك لما تتصدى له لما اعتراك ولما رآهم لا يقلعون عما هم عليه قال هؤلاء بناتي يعني نساء القوم أو بناته حقيقة وقد تقدم الكلام في ذلك واسم الإشارة مبتدأ و بناتي خبره وفي الكلام حذف أي فتزوجوهن وجوز أن يكون بناتي بدلا أو بيانا والخبر محذوف أي أطهر لكم كما في الآية الأخرى وأن يكون هؤلاء في موضع نصب بفعل محذوف أي تزوجوا بناتي والمتبادر الأول .
إن كنتم فاعلين .
71 .
- شك في قبولهم لقوله فكأنه قال : إن فعلتم ما أقول لكم وما أظنكم تفعلون وقيل : إن كنتم تريدون قضاء الشهور فيما أحل الله تعالى دون ما حرم والوجه الأول كما في الكشف أوجه وفي الحواشي الشهابية أنه أنسب بالشك ويفهم صنيع بعضهم ترجيح الثاني قيل لتبادره من الفعل وعلى الوجهين المفعول مقدر وجوز تنزيل الوصف منزلة اللازم وجواب الشرط محذوف أي فهو خير لكم أو فاقضوا ذلك لعمرك قسم من الله تعالى بعمر نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم ما عليه جمهور المفسرين .
وأخرج البيهقي في الدلائل وأبو نعيم وابن مردوية وغيرهم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : ما خلق الله تعالى وما ذرأ وما برأ نفسا أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلّم وما سمعت الله سبحانه أقسم بحياة أحد غيره قال تعالى : لعمرك الخ وقيل : هو قسم من الملائكة عليهم السلام بعمر لوط عليه السلام وهو مع مخالفته للمأثور محتاج لتقدير القول أي قالت الملائكة للوط عليهم السلام : لعمرك الخ وهو خلاف الأصل وإن كان سياق القصة شاهدا له وقرينة عليه فلا يرد ما قاله صاحب الفرائد من أنه تقدير من غير ضرورة ولو ارتكب مثله لأمكن إخراج كل نص عن معناه بتقدير شيء فيرتفع الوثوق بمعاني النص وأيا ما كان فعمرك مبتدأ محذوف الخبر وجوبا أي قسمي أو يميني أو نحو ذلك والعمر بالفتح والضم البقاء والحياة إلا أنهم التزموا الفتح في القسم لكثرة دوره فناسب التخفيف وإذا دخلته اللام التزم فيه الفتح وحذف الخبر في القسم وبدون اللام يجوز فيه النصب والرفع وهو صريح وهو مصدر مضاف للفاعل أو المفعول وسمع فيه دخول الباء وذكر الخبر