المعروف في عرف اللغة والإستعمال في عرف اللغة والإستعمال دخول الباء على الكثير الغير الطاريء وإن صدق بحسب الوضع على كل من المتداخلين أنه مختلط ومختلط به إلا أنه اختير ما في النظم الكريم للمبالغة في كثرة الماء حتى كأنه الاصل الكثير ففي الكلام قلب مقبول فأصبح ذلك النبات الملتف إثر بهجته ونضارته هشيما أي يابسا متفتتا وهو فعيل بمعنى مفعول وقيل جمع هشيمه وأصبح بمعنى صار فلا يفيد تقييد الخبر بالصباح كما في قوله ... أصبحت لا أحمل السلاح ولا ... أملك رأس البعير إن نفرا ... .
وقيل هي على ظاهرها مفيدة لتقييد الخبر بذلك لأن الآفات السماوية أكثر ما تطرق ليلا وتعقب بأنه ليس في الآية ما يدل على أن اتصافه بكونه هشيما لآفة سماوية بل المراد بيان ما يؤول إليه بعد النضارة من اليبس والتفت كقوله تعالى والذي أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى تذروه الرياح أي تفرقه كما قال أبو عبيدة وقال الأخفش ترفعه وقال ابن كيسان تجيء به وتذهب وقرأ ابن مسعود تذريه من اذرى رباعيا وهو لغة في ذرى وقرأ زيد بن علي والحسن والنخعي والأعمش وطلحة وابن ابي ليلى وابن محيصن وخلف وابن عيسى وابن جرير تذروه الريح بالإفراد وليس المشبه به نفس الماء بل هو الهيئة المنتزعة من الجملة وهي حال النبات المنبت بالماء يكون أخضر مهتزا ثم يصير يابسا تطيره الرياح حتى كأنه لم يكن وعبر بالفاء في الآية للإشعار بسرعة زواله وصيرورته بتلك الصفة فليست فصيحية وقيل هي فصيحية والتقدير فزها ومكث مدة فأصبح هشيما وكان الله على كل شيء من الأشياء التي من جملتها الإنشاء والإفناء مقتدرا45 كامل القدرة المال والبنون زينة الحياة الدنيا بيان لشأن ما كانوا يفتخرون به من محسنات الحياة الدنيا كما افتخر الأخ الكافر بما افتخر به من ذلك إثر بيان شأن نفسها بما مر من المثل وتقديم المال على البنين مع كونهم أعز منه عند أكثر الناس لعراقته فيما نيط به من الزينة والامداد وغير ذلك .
وعمومه بالنسبة إلى الإفراد والأوقات فإنه زينة وممد لكل أحد من الآباء والبنين في كل وقت وحين وأما البنون فزينتهم وإمدادهم إنما يكون بالنسبة إلى من بلغ الأبوة ولان المال مناط لبقاء النفس والبنون لبقاء النوع ولأن الحاجة إليه أمس من الحاجة إليهم ولأنه أقدم منهم في الوجود ولأنه زينة بدونهم من غير عكس فإن من له بنون بلا مال فهو في اضيق حال ونكال كذا في إرشاد العقل السليم والزينة مصدر وأطلق على ما يتزين به للمبالغة ولذلك أخبر به عن أمرين وإضافتها إلى الحياة الدنيا اختصاصه وجوز أن تكون على معنى في والمعنى أن ما يفتخرون به من المال والبنين شيء يتزين به في الحياة الدنيا وقد علم شأنها في سرعة الزوال وقرب الإضمحلال فما الظن بما هو من أوصافها التي شأنها أن تزول قبل زوالها وذكر أن هذا إشارة إلى ما يرد افتخارهم بالمال والبنين كأنه قيل المال والبنون وزينة الحياة الدنيا وكل ما كان زينة الحياة الدنيا فهو سريع الزوال ينتج المال والبنون سريعا الزوال أما الصغرى فبديهية واما الكبرى فدليلها يعلم مما مر من بيان شأن نفس الحياة الدنيا ثم يقال المال والبنون سريعا الزوال وكل ما كان سريع الزوال