وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وأبو بكر ويعقوب بضمها من مات يموت كقال يقول .
قبل هذا الوقت الذي لقيت فيه ما لقيت أو قبل هذا الأمر وإنما قالته عليها السلام مع أنها كانت تعلم ما جرى بينها وبين جبريل عليه السلام من الوعد الكريم استحياء من الناس وخوفا من لائمتهم أو حذرا من وقوع الناس في المعصية بما يتكلمون فيها وروي أنها سمعت نداء أخرج يا من يعبد من دون الله تعالى فحزنت لذلك وتمنت الموت وتمني الموت لنحو ذلك مما لا كراهة فيه نعم يكره تمنيه لضرر نزل به من مرض أو فاقة أو محنة من عدو أو نحو ذلك من مشاق الدنيا ففي صحيح مسلم وغيره قال : لا يتمنين أحدكم الموت لضرر نزل فإن كان لابد متمنيا فليقل اللهم أحييني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ومن ظن أن تمنيها عليها السلام ذلك كان لشدة الوجع فقد أساء الظن والعياذ بالله تعالى .
وكنت نمسيا منسيا أي شيئا تافها شأنه أن ينسى ولا يعتد به أصلا كخرقة الطمث .
وقرأ الأكثرون نسيا بالكسر قال الفراء : هما لغتان في ذلك كالوتر والوتر والفتح أحب إلي .
وقال الفارسي : الكسر أعلى اللغتين وقال ابن الأنباري : هو بالكسر اسم لما ينسى كالنقض اسم لما ينقض وبالفتح مصدر نائب عن الاسم وقرأ محمد بن كعب القرظي نسئا بكسر النون والهمزة مكان الياء وهي قراءة نوف الأعرابي وقرأ بكر بن حبيب السهمي ومحمد بن كعب أيضا في رواية نسأ بفتح النون والهمزة على أن ذلك من نسأت اللبن إذا صببت عليه ماء فاستهلك اللبن فيه لقلته فكأنها تمنت أن تكون مثل ذلك اللبن الذي لا يرى ولا يتميز من الماء ونقل ابن عطية عن بكر بن حبيب أنه قرأ نسا بفتح النون والسين من غير همز كعصى منسيا 32 لا يخطر ببال أحد من الناس ووصف النسي بذلك لما أنه حقيقة عرفية فيما يقل الاعتداد به وإن لم ينس وقرأ الأعمش وأبو جعفر في رواية بكسر الميم اتباعا لحركة السين كما قالوا : منتن باتباع حركة الميم لحركة التاء فناداها أي جبريل عليه السلام كما روي عن ابن عباس ونوف .
وقرأ علقمة فخاطبها قال أبو حيان : وينبغي أن يكون المراد به جبريل عليه السلام ليوافق ما روي عنه أولا ومعنى من تحتها من مكان أسفل منها وكان واقفا تحت الأكمة التي صعدتها مسرعة كما سمعت آنفا ونقل في البحر عن الحسن أنه قال : ناداها جبريل عليه السلام وكان في بقعة من الأرض أخفض من البقعة التي كانت عليها وأقسم على ذلك ولعله إنما كان موقفه عليه السلام هناك إجلالا لها وتحاشيا من حضوره بين يديها في تلك الحال والقول بأنه عليه السلام كان تحتها يقبل الولد مما لا ينبغي أن يقال لما فيه من نسبة ما لا يليق بشأن أمين وحي الملك المتعال وقيل : ضمير تحتها للنخلة واستظهر أبو حيان كون المنادى عيسى عليه السلام والضمير لمريم والفاء فصيحة أي فولدت غلاما فأنطقه الله تعالى حين الولادة فناداها المولود من تحتها .
وروي ذلك عن مجاهد ووهب وابن جبير وابن جرير وابن زيد والجبائي ونقله الطبرسي عن الحسن أيضا وقرأ الابنان والأبوان وعاصم والجحدري وابن عباس والحسن في رواية عنهما من بفتح الميم بمعنى الذي فاعل نادى و تحتها ظرف منصوب صلة لمن والمراد به إما عيسى أو جبريل عليهما الصلاة