قال أي فرعون للسحرة آمنتم له أي لموسى كما هو الظاهر والأيمان في الأصل متعد بنفسه ثم شاع متعدية بالباء لما فيه من التصديق حتى صار حقيقة وإنما عدى هنا باللام لتضمينه معنى الأنقياد وهو يعدى بها يقال انقاد له لا الأتباع كما قيل : لأنه متعد بنفسه يقال : اتبعه ولا يقال : اتبع له وفي البحر إن آمن يوصل بالباء إذا كان متعلقه الله عز اسمه وباللام إن كان متعلقه غيره تعالى في الأكثر نحو يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين فما آمن لموسى الخ لن نؤمن لك وما انت بمؤمن لنا فاءمن له لوط وجوز أن تكون اللام تعليلية والتقدير إمنتم بالله تعالى لأجل موسى وما شاهدتم منه واختاره بعضهم ولا تفكيك فيه كما توهم وقيل : يحتمل أن يكون ضمير له للرب D وفي الآية حينئذ تفكيك ظاهر .
وقرأ الأكثر أ آمنتم على الاستفهام التوبيخى والتوبيخ هو المراد من الجملة على القراءة الأولى أيضا لا فائدة الخبر أو لازمها قبل أن إذن لكم أي من غير إذني لكم في الأيمان كما في قوله تعالى : لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي لا أن إذنه لهم في ذلك واقع بعد أو متوقع وفرق الطبرسى بين الاذن والأمر بأن الأمر يدل على إرادة الآمر الفعل المامور به وليس في الاذن ذلك إنه يعني موسى عليه السلام لكبيركم لعظيمكم في فنكم واعلمكم به واستاذكم الذي علمكم السحر كأن اللعين وبخهم اولا على إيمانهم له عليه السلام من غير إذنه لهم ليرى قومه أن إيمانهم غير معتد به حيث كان بغير إذنه ثم استشعر أن يقولوا : أي حاجة إلى الإذن بعد أن صنعنا ما صنعنا وصدر منه عليه السلام ما صدر قاجاب عن ذلك بقوله : إنه الخ أي ذلك غير معتد به أيضا لأنه استاذكم في السحر فتواطاتم معه على ما اوقع أو علمكم شيئا دون شئ فلذلك غلبكم فالجملة تعليل لمحذوف وقيل : هي تعليل للمذكور قبل وبالجملة قال ذلك لما اعتراه من الخوف من اقتداء الناس بالسحرة في الأيمان لموسى عليه السلام ثم اقبل عليهم بالوعيد المؤكد حيث قال : فلاقطعن أي إذا كان الأمر كذلك فاقسم لاقطعن ايديكم وارجلكم من خلاف أي اليد اليمنى والرجل اليسرى وعليه عامة المفسرين وهو تخصيص من خارج وإلا فيحتمل أن يراد غير ذلك و من ابتدائية .
وقال الطبرسي : بمعنى عن أو على وليس بشئ والمراد من الخلاف الجانب المخالف أو الجهة المخالفة والجار والمجرور حسبما يظهر متعلق باقطعن وقيل : متعلق بمحذوف وقع صفة مصدر محذوف أي تقطيع مبتدأ من جانب مخالف أو من جهة مخالفة وايتدأ التقطيع من ذلك ظاهر ويجوز أن يبقى الخلاف على حقيقته اعني المخالفة وجعله مبتدأ على التجاوز فانه عارض ما هو مبدأ حقيقة وجعل بعضهم الجار والمجرور في حيز النصب على الحالية والمراد لأقطعنها مختلفات فتامل وتعيين هذه الكيفية قيل للايذان بتحقيق الأمر وإيقاعه لا محالة بتعيين كيفيته المعهودة في باب السياسة ولعل اختيارها فيها دون القطع من وفاق لأن فيه إهلاكا وتفويتا للمنفعة وزعم بعضهم انها افظع ولاصلبنكم في جذوع النخل أي عليها وإيثار كلمة في للدلالة على إبقائهم عليها زمانا مديدا تشبيها لاستمرارهم عليها باستقرار الظرف في المظروف المشتمل عليه وعلى ذلك قوله : وهم صلبوا العبدي في جذع نخلة فلا عطست شيبان إلا باجدعا