وقرأ الحسن ومجاهد ينشرون بفتح الياء على أنه من نشر وهو وأنشر بمعنى وقد يجيء نشر لازما يقال أنشر الله تعالى الموتى فنشروا وقوله تعالى : لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا إبطال لتعدد الآله وضمير فيهما للسماء والأرض والمراد بهما العالم كله علويه وسفليه والمراد بالكون فيهما التمكن للبالغ من التصرف والتدبير لا التمكن والإستقرار فيهما كما توهمه الفاضل الكلنبوي والظرف على هذا متعلق بكان وقال الطيبي : إنه ظرف لآلهة على حد قوله تعالى : وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وقوله سبحانه : وهو الله في السماوات وفي الأرض وجعل تعلق الظرف بما ذكر ههنا باعتبار تضمنه معنى الخالقية والمؤثرية .
وأنت تعلم أن الظاهر ما ذكر أولا و إلا لمغايرة ما بعدها لما قبلها فهي بمنزلة غير وفي المغنى أنها تكون صفة بمنزلة غير فيوصف بها وبتاليها جمع منكر أو شبهه ومثل للأول بهذه الآية وقد صرح غير واحد من المفسرين أن المعنى لو كان فيهما آلهة غير الله وجعل ذلك الخفاجي إشارة إلى أن إلا هنا اسم بمعنى غير صفة لما قبلها وظهر إعرابها فيما بعدها لكونها على صورة الحرف كما في أل الموصولة في اسم الفاعل مثلا .
وأنكر الفاضل الشمني كونها بمنزلة غير في الإسمية لما في حواشي العلامة الثاني عند قوله تعالى : لا فارض من أنه لا قائل بإسمية إلا التي بمنزلة غير ثم ذكر أن المراد بكونها بمنزلة غير أنها بمنزلتها في مغايرة ما بعدها لما قبلها ذاتا أو صفة ففي شرح الكافية للرض أصل غير أن تكون صفة مفيدة لمغايرة مجرورها لموصوفها إما بالذات نحو مررت برجل عير زيد وإما بالصفة نحو دخلت بوجه غير الذي خرجت به وأصل إلا التي هي أم أدوات الإستثناء مغايرة ما بعدها لما قبلها نفيا أو إثباتا فلما اجتمع ما بعد إلا وما بعد فير في معنى المغايرة حملت إلا على غير في الصفة فصار ما بعد إلا مغايرا لما قبلها ذاتا أو صفة من غير اعتبار مغايرته له نفيا أو إثباتا وحملت غير على إلا في الإستثناء فصار ما بعدها مغايرا لما قبلها مفيا أو إثباتا من غير مغايرته له ذاتا أو صفة إلا أن حمل غير على إلا أكثر من حمل إلا على غير لأن غير اسم والتصرف في الأسماء أكثر منه في الحروف فلذلك تقع غير في جميع مواقع إلا انتهى .
وأنت تعلم أن المتبادر كون إلا حين أفادتها معنى غير اسما وفي بقائها على الحرفية مع كونها وحدها أو مع ما بعدها بجعلهما كالشيء الواحد صفة لما قبلها نظر ظاهر وهو في كونها وحدها كذلك أظهر ولعل الخفاجي لم يقل ما قال إلا وهو مطلع على قائل بإسميتها ويحتمل أنه اضطره إلى القول بذلك ما يرد على القول ببقائها على الحرفية ولعمري أنه أصاب المحزوان قال العلامة ما قال وكلام الرضي ليس نصا في أحد الأمرين كما لا يخفى على المنصف ولا يصح أن تكون للإستثناء من جهة العربية عند الجمهور لأن آلهة جمع منكر في الإثبات ومذهب الأكثرين كما صرح به في التلويح أنه لا استغراق له فلا يدخل فيه ما بعدها حتى يحتاج لإخراجه بها وهم يوجبون دخول المستثنى في المستثنى منه في الإستثناء المتصل ولا يكتفون بجواز الدخول كما ذهب إليه المبرد وبعض الأصوليين فلا يجوز عندهم قام رجال إلا زيدا على كون الإستثناء متصلا وكذا على كونه منفطعا بناء على أنه لابد فيه من الجزم بعد الدخول وهو مفقود جزما ومن أجاز الإستثناء في مثل هذا التركيب كالمبرد جعل الرفع في الاسم الجليل على البدلية واعترض بعدم تقدم النفي وأجيب بأن لو للشرط وهو كالنفي وعنه أنه أجاب بأنها تدل على الإمتناع وامتناع الشيء انتفاؤه وزعم أن التفريغ بعدها جائز وأن نحو لو كان