أولا أولى إلا أنه لو كان مرادهم لكان الظاهر أن يقولوا : إن في قوله تعالى ذلك بأن الله هو الحق إلى قوله سبحانه و أن الله يبعث من في القبور خمس نتائج دون أن يقولوا : إن في أول سورة الحج إلى آخره ويناسب هذا القول ما ذكر ثانيا إلا أنه يرد عليه أن المتبادر من كلامهم كون كل من النتائج مذكورا صريحا ولا شك أن التقوى واجبة عليكم ليس مذكورا كذلك وإنما المذكور ما يدل عليه في الجملة وهو أيضا ليس بقضية كما لا يخفى وقد تكلف بعض الناس لبيان ذلك غير ما ذكرنا رأينا ترك ذكره أولى فتأمل .
ومن الناس من يجادل في الله بغير علم نزلت على ما روي عن محمد بن كعب في الأخنس بن شريق وعلى ما روي عن ابن عباس في أبي جهل وعلى ما ذهب إليه جمع في النضر كالآية السابقة فإذا اتحد المجادل في الآيتين فالتكرار مبالغة في الذم أو لكون كل من الآيتين مشتملة على زيادة ليست في الأخرى وقال ابن عطية : كررت الآية على جهة التوبيخ فكأنه قيل هذه الأمثال في غاية الوضوح والبيان ومن الناس مع ذلك من يجادل إلى آخره فالواو هنا واو الحال وفي الآية المتقدمة واو العطف عطفت جملة الكلام على ما قبلها على معنى الإخبار لا للتوبيخ انتهى وهو كما ترى وفي الكشف أن الأظهر في النظم والأوفق للمقام كون هذه الآية في المقلدين بفتح اللام وتلك في المقلدين بكسر اللام فالواو للعطف على الآية الأولى والمراد بالعلم العلم الضروري كما أن المراد بالهدى في قوله تعالى ولا هدى الإستدلال والنظر الصحيح الهادي إلى المعرفة ولا كتاب منبر .
8 .
- وحي مظهر للحق أي يجادل في شأنه تعالى شأنه من غير تمسك بمقدمة ضرورية ولا بحجة ولا ببرهان سمعي .
ثاني عطفه حال من ضمير يجادل كالجار والمجرور السابق أي لا و يا لجانبه وهو كناية عن عدم قبوله وهو مراد ابن عباس بقوله متكبرا والضحاك بقوله شامخا بأنفه وابن جريج بقوله معرضا عن الحق .
وقرأ الحسن عطفه بفتح العين أي مانعا لتعطفه ليضل عن سبيل الله متعلق بيجادل علة له فإن غرضه من الجدال الإضلال عن سبيله تعالى وإن لم يعترف بأنه إضلال وجوز أبو البقاء تعلقه بثاني وليس بذاك والمراد بالإضلال إما الإخراج من الهدى إلى الضلال فالمفعول من يجادله من المؤمنين أو الناس جميعا بتغليب المؤمنين على غيرهم وأما التثبيت على الضلال أو الزيادة عليه مجازا فالمفعول هم الكفرة خاصة .
وقرأ مجاهد وأهل مكة وأبو عمرو في رواية ليضل بفتح الياء أي ليضل في نفسه والتعبير بصيغة المضارع مع أنه لم يكن مهتديا لجعل تمكنه من الهدى كالهدى لكونه هدى بالقوة ويجوز أن يراد ليستمر على الضلال أو ليزيد ضلاله وقيل : إن ذلك لجعل ضلاله الأول كلإضلال وأياما كان فاللام للعاقبة له في الدنيا خزي جملة مستأنفة لبيان نتيجة ما سلكه من الطريق وجوز أبو البقاء أن تكون حالا مقدرة أو مقارنة على معنى استحقاق ذلك والأول أظهر أي ثابت له في الدنيا بسبب ما فعله ذلك وهوان والمراد به عند القائلين بأن هذا المجادل النضر أو أبو جهل ما أصابه يوم بدر ومن عمم وهو الأولى حمله على ذم المؤمنين إياه وإفحامهم له عند البحث وعدم إدلائه بحجة أصلا أو على هذا مع ما يناله من النكال كالقتل لكن بالنسبة إلى بعض الأفراد .
ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق .
9 .
- أي النار البالغة في الإحراق والإضافة على ما قيل من إضافة المسبب إلى السبب وفسر الحرق أيضا بطبقة من طباق جهنم وجوز أن تكون الإضافة من أضافة الموصوف إلى