أو أهداه لغني ضمنه وفي الهداية يستحب له أن يأكل من هدى التطوع والمتعة والقرآن وكذا يستحب أن يتصدق على الوجه الذي عرف في الضحايا وهو قول بنحو ما يقتضيه كلام ابن عطية في كلا الأمرين وأباح مالك الأكل من الهدى الواجب الأجزاء الصدي والأذى والنذر وأباحه أحمد إلا من جزاء الصيد والنذر وعند الحسن الأكل من جميع ذلك مباح وتحقيق ذلك في كتب الفقه كذلك أي مثل ذلك التسخير البديع المفهوم من قوله تعالى صواف سخرناها لكم مع كمال عظمها ونهاية قوتها فلا تستعصي عليكم حتى إنكم تأخذونها منقادة فتعقلونها وتحبسونها صافة قوائمها ثم تطعنون في لباتها ولو لا تسخير الله تعالى لم تطق ولم تكن بأعجز من بعض الوحوش التي هي أصغر منها جرما وأقل قوة وكفى ما يتأبد من الأبد شاهدا وعبرة .
وقال ابن عطية : كما أمرناكم فيها بهذا كله سخرناها لكم ولا يخفى بعده لعلكم تشكرون .
36 .
- أي لتشكروا أنعامنا عليكم بالتقرب والإخلاص لن ينال الله لحومها ولا دماؤها أي لن يصيب وضا الله تعالى اللحوم المتصدق بها ولا الدماء المهراقة بالنحر من حيث أنها لحوم ودماء ولكن يناله التقوى منكم ولكن يصيبه ما يصحب ذلك من تقوي قلوبكم التي تدعوكم إلى تعظيمه تعالى والتقرب له سبحانه والإخلاص له D .
وقال مجاهد : أراد المسلمون أن يفعلوا فعل المشركين من الذبح وتشريح اللحم ونصبه حول الكعبة ونضحها بالدماء تعظيما لها وتقربا إليه تعالى فنزلت هذه الآية وروي نحوه عن ابن عباس وغيره وقرأ يعقوب وجماعة لن تنال ولكن تناله بالتاء وقرأ أبو جعفر الأول بالتاء والثاني بالياء آخر الحروف وعن يحيى ابن يعمر والجحدري أنهما قرأا بعكس ذلك وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما لن ينال ولكن يناله بالبناء لما يسم فاعله في الموضعين ولحومها ولا دماءها بالنصب كذلك سخرها لكم كرره سبحانه تذكيرا للنعمة وتعليلا له بقوله تعالى : لتكبروا الله أي لتعرفوا عظمته تعالى باقتداره على ما لا يقدر عليه غيره D فتوحدوه بالكبرياء وقيل : أي لتقولوا الله أكبر عند الإحلال أو الذبح على ما هداكم أي على هدايته وإرشاده إياكم إلى طريق تسخيرها وكيفية التقرب بها فما مصدرية وجوز أن تكون موصوفة وأن تكون موصولة والعائد محذوف ولا بد أن يعتبر منصوبا عند من يشترط في حذف العائد المجرور أن يكون مجرورا بمثل ما جر به الموصول لفظا ومعنى ومتعلقا و على متعلقة بتكروا لتضمنه معنى الشكر أو الحمد كأنه قيل : لتكبروه تعالى شاكرين أو حامدين على ما هداكم وقال بعضهم : على بمعنى اللام التعليلية ولا حاجة إلى اعتبار التضمين ويؤيد ذلك قول الداعي على الصفا : الله أكبر على ما هدانا والحمد لله تعالى على ما أولانا ولا يخفى أن لعدم اعتبار التضمين هنا وجها ليس فيما نحن فيه فافهم وبشر المحسنين .
37 .
- أي المخلصين في كل ما يأتون ويذرون في أمور دينهم وعن ابن عباس هم الموحدوه .
ومن باب الإشارة في الآيات يا أيها الناس اتقوا ربكم بالإعراض عن السوى وطلب الجزاء إن زلزلة الساعة وهي مبادي القيامة الكبرى يوم ترونها تذهل كل مرضعة وهي مواد الأشياء فإن لكل مادة ملكوتية ترضع رضيعها من الملك وتربيه في مهد الإستعداد وتضع كل ذات حمل وهي الهيولات