الحسن ودليل الإستطراد ولكل وجهة نعم إن قيل : بمجرد الجواز فلا بأس به إذ هو محتمل ولعله الظاهر بالنظر الجليل وقيل : الضمير للعلم المذكور بقوله تعالى : من بعد ما جاءك من العلم أو القرآن بإدعاء حضوره في الأذهان أو للتحويل لدلالة مضمون الكلام السابق عليه وفيه أن التشبيه يأبى ذلك لأن المناسب تشبيه الشيء بما هو من جنسه فكان الواجب في نظر البلاغة حينئذ كما يعرفون التوراة أو الصخرة وأن التخصيص ب أهل الكتاب يقتضي أن تكون هذه المعرفة مستفادة من الكتاب وقد أخبر سبحانه عن ذكر نعته صلى الله تعالى عليه وسلم في التوراة والإنجيل بخلاف المذكورات فإنها غير مذكور فيه ذكرها فيهما والكاف في محل نصب على أنها صفة لمصدر محدوف أي يعرفونه بالأوصاف المذكورة في الكتاب بأنه النبي الموعود بحيث لا يلتبس عليهم عرفانا مثل عرفانهم أبناءهم بحيث لا تلتبس عليهم أشخاصهم بغيرهم وهو تشبيه للمعرفة العقلية الحاصلة من مطالعة الكتب السماوية بالمعرفة الحسية في أن كلا منهما يتعذر الإشتباه فيه والمراد بالأبناء الذكور لأنهم أكثر مباشرة ومعاشرة للآباء وألصق وأعلق بقلوبهم من البنات فكان ظن إشتباه أشخاصهم أبعد وكان التشبيه بمعرفة الأبناء آكد من التشبيه بالأنفس لأن الإنسان قد يمر عليه قطعة من الزمان لايعرف فيها نفسه كزمن الطفولية بخلاف الأبناء فإنه لا يمر عليه زمان إلا وهو يعرف إبنه وما حكى عن عبدالله بن سلام أنه قال في شأنه صلى الله تعالى عليه وسلم : أنا أعلم به مني بإبني فقال له عمر رضي الله تعالى عنه : لم قال : لإني لست أشك بمحمد أنه نبي فأما ولدي فلعل والدته خانت فقبل عمر رضي الله تعالى عنه رأسه فمعناه أني لست أشك في نبوته E بوجه وأما ولدي فأشك في نبوته وإن لم أشك بشخصه وهو المشبه به في الآية فلا يتوهم منه أنمعرفة الأبناءلا تستحق أن يشبه بها لأنها دون المشبه للإحتمال ولا يحتاج إلى القول بأنه يكفي في وجه الشبه كونه أشهر في المشبه بهوإن لم يكن أقوىومعرفة الأبناءأشهر من غيرها ولا إلى تكلف أن المشبه به في الآية إضافةالأبناءإليهم مطلقا سواء كانت حقة أو لا وما ذكره إبن سلام كونه إبنا له في الواقع وإن فريقا منهم وهم الذين لم يسلموا .
ليكتمون الحق الذي يعرفونه وهم يعلمون 641 جملة حالية و يعلمون إما منزلة منزلة اللازم ففيه تنبيه على كمال شناعة كتمان الحق وأنه لا يليق بأهل العلم أو المفعول محذوف أي يعلمونه فيكون حالا مؤكدة لأن لفظ يكتمون الحق يدل على علمه إذا لكتم إخفاء ما يعلم أو يعلمون عقاب الكتمان أو أنهم يكتمون فتكون مبينة وهذه الجملة عطف على ما تقدم من عطف الخاص على العام وفائدته تخصيص من عاند وكتم بالذم وإستثناء من آمن وأظهر علمه عن حكم الكتمان الحق من ربك إستئناف كلام قصد به رد الكاتمين وتحقيق أمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ولذا فصل و الحق إما مبتدأ خبره الجار واللام إما للعهد إشارة إلى ما جاء به النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ولذا ذكر بلفظ المظهر أو الحق الذي كتمه هؤلاء ووضع فيه المظهر موضع المضمر تقريرا لحقيته وتثبيتا لها أو للجنس وهو يفيد قصر جنس الحق على ما ثبت من الله أي أن الحق ذلك كالذي أنت عليه لا غيره كالذي عليه أهل الكتاب وإما خبر مبتدأ محذوف أي هو الحق أو هذا الحق و من ربك خبر بعد خبر أو حال مؤكدة واللام حينئذ للجنس كما في ذلك الكتاب ومعناه أن ما يكتمونه هو الحقلا ما يدعونه ويزعمونه ولا معنى حينئذ للعهد لأدائه إلى التكرار فيحتاج