إلا واحدة فقال صلى الله تعالى عليه وسلم : والله ما أردت إلا واحدة فقال ركانة : والله ما أردت إلا واحدة قال : هو ما أردت فردها عليه وهذا لا يصلح دليلا لتلك الدعوى لأن الطلاق فيه كناية ونية العدد فيها معتبرة وقد يستدل به على صحة وتنوع الثلاث بلفظ واحد لأنه دل على أنه لو أراد ما زاد على الواحدة وقع وإلا لم يكن للإستحلاف فائدة والقياس على شهادات اللعان ورمى الجمرات قياس في غير محله ألا ترى أنه لا يمكن الإكتفاء ببعض ذلك بوجه ويمكن الإكتفاء ببعض وحدات الثلاث في الطلاق وتحصل به البينونة بإنقضاء العدة ويتم الغرض إجماعا ولعظم أمر اللعان لم يكتف فيه إلا بالإتيان بالشهادات واحدة مؤكدات بالإيمان مقرونة خامستها باللعن في جانب الرجل لو كان كاذبا وفي جانبها بالغضب لو كان صادقا فلعل الرجوع أو الإقرار يقع في البين فيحصل الستر أو يقام الحد ويكفر الذنب وأيضا الشهادات الأربع من الرجل منزلة منزلة الشهود الأربعة المطلوبة في رمي المحصنات مع زيادة كما يشير إليه قوله تعالى : والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فأجلدوهم مع قوله سبحانه بعده : والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات إلخ فكما أنشهادة الشهودمتعددة لا يكفي فيها اللفظ الواحد كذلك المنزل منزلتها ورمى الجمرات وتسبيعها أمر تعبدي وسره خفي فيحتاط له ويتبع المأثور فيه حذو القذة بالقذة وباب الطلاق ليس كهذين البابين على أن من الإحتياط فيه أن نوقعه ثلاثا بلفظ واحد ومجلس واحد ولا نلغي فيه لفظ الثلاث التي لم يقصد بها إلا إيقاعه على أتم وجه وأكمله وما ذكر في مسألة الحلف على أن لا يصلين ألف مرة من أنه لا يبر ما لم يأت بآحاد الألف فأمر إقتضاه القصد والعرف وذلك وراء ما نحن فيه كما لا يخفى ولهذا ورد عن أهل البيت ما يؤيد مذهب أهل السنة فقد أخرج البيهقي عن بسام الصيرفي قال : سمعت جعفر بن محمد يقول من طلق أمرأته ثلاثا بجهالة أو علم فقد برئت وعن مسلمة بن جعفر الأحمس قال : قلت لجعفر بن محمد رضي الله تعالى عنهما يزعمون أن من طلق ثلاثا بجهالة رد إلى السنة يجعلونه واحدة يروونها عنكم قال : معاذ الله ما هذا من قولنا من طلق ثلاثا فهو كما قال وقد سمعت ما رويناه عن الحسن وما أخذ به الإمامية يروونه عن علي كرم الله تعالى وجهه مما لا ثبت له والأمر على خلافه وقد أفتراه على علي كرم الله تعالى وجهه شيخ بالكوفة وقد أقر بالإفتراء لدى الأعمش C تعالى فيلحفظ ما تلوناه فإني لا أظنك تجده مسطورا في كتاب .
و يحل لكم أن تأخذوا في مقابلة الطلاق مما آتيتموهن أي من الصدقات فإن ذلك مناف للإحسان ومثلها في الحكم سائر أموالهن إلا أن التخصيص إما لرعاية العادة أو للتنبيه عل أن عدم حل الأخذ مما عدا ذلك من باب الأولى والجار والمجرور يحتمل أن يكون متعلقا بما عنده أو حالا من شيئا لأنه لو أخر عنه كان صفة له والتنوين للتحقير والخطاب مع الحكام وإسناد الأخذ والإيتاء إليهم لأنهم الآمرون بهما عند الترافع وقيل : إنه خطاب للأزواج ويرد عليه أن فيه تشويشا للنظم الكريم لأن قوله تعالى : إلآ أن يخافا أي الزوجان كلاهما أو أحدهما ألأ يقيما حدود الله بترك إقامة مواجب الزوجية غير منتظم معه لأن المعبر عنه في الخطاب الأزواج فقط وفي الغيبة الأزواج والزوجات ولا يمكن حمله على الإلتفات إذ من شرطه أن يكون المعبر عنه في الطريقين واحدا وأين هذا الشرط نعم لهذا القيل وجه صحة لكنها لا تسمن ولا تغني وهو أن الإستثناء لما كان بعد مضي جملة الخطاب من أعم الأحوال أو الأوقات