أنهأنه ليس في البيت فقتلوه وصلبوه وظنوا أنه عيسى وقال وهب : أسروه ونصبوا خشبة ليصلبواه فأظلمت الارض فارسل الله الملائكة فحالوا بينه وبينهم فاخذوا رجلا يقال له يهودا وهو الذي دلهم على عيسى وذلك أن عيسى جمع الحواريين تلك الليلة وأوصاهم ثم قال ليكفرن بي أحدكم قبل أن يصيح الديك فيبيعني بدراهم يسيرة فخرجوا وتفرقوا وكانت اليهود تطلبه فأتى أحد الحواريين إليهم وقال : ما تجعلون لي إن دللتكم عليه فجعلوا له ثلاثين درهما فأخذها ودلهم عليه فألقى الله تعالى عليه شبه عيسى عليه السلام فادخل البيت ورفع وقال : أنا الذي دللتكم عليه فلم يلتفتوا إلى قوله وصلبوه وهم يظنون أنه عيسى فلما صلب شبه عيسى وأني على ذلك سبعة أيام قال الله تعالى لعيسى : اهبط على مريم ثم لتجمع لك الحواريين وبثهم في الارض دعاة فهبط عليها واشتعل الجبل نورا فجمعت له الحواريين فبثهم في الارض دعاة ثم رفعه الله سبحانه وتلك الليلة هي الليلة التي تدخن فيها النصارى فلما اصبح الحواريون قصد كل منهم بلدة من أرسله عيسى اليهم .
وروى عن غير واحد أن اليهود لما عزموا على قتله عليه السلام اجتمع الحواريون في غرفة فدخل عليهم المسيح من مشكاة الغرفة فأخبر بهم إبليس جمع اليهود فركب منهم أربعة آلاف رجل فأهخذوا باب الغرفة فقال المسيح للحواريين ايكم يخرج ويقتل ويكون معي في الجنة فقال واحد منهم : أنا يانبي الله فألقى عليه مدرعه من صوف وعمامة من صوف وناوله عكازه وألقى عليه شبه عيسى عليه السلام فخرج على اليهود فقتلوه وصلبوه وأما عيسى عليه السلام فكساه الله النور وقطع عنه شهوة المطعم والمشرب ورفعه اليه ثم إن أصحابه لما رأوا ذلك تفرقوا ثلاث فرق فقالت فرقة : كان الله تعالى فينا فصعد إلى السماء وقالت فرقة أخرى : كان فينا ابن الله D رفعه الله سبحانه اليه وقالت فرقة أخرى منهم : كان فينا عبدالله ورسوله ما شاء الله ثم رفعه اليه وهؤلاء هم المسلمون فتظاهرت عليهم الفرقتان الكافرتان فقتلوهم فلم يزل الاسلام مندرس الآثار إلى أن بعث الله تعالى محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم وروى عن ابن إسحق أن اليهود عذبوا الحواريين بعد رفع عيسى عليه السلام ولقوا منهم الجهد فبلغ ذلك ملك الروم وكان ملك اليهود من رعيته واسمه داود بن نوذا فقيل له : إن رجلا من بني إسرائيل ممن تحت أمرك كان يخبرهم أنه رسول الله تعالى وأدراهم إحياء الموتى وإبراء الاكمة والأبرص فعل وفعل فقال : لو علمت ذلك ما خليت بينهم وبينه ثم بعث إلى الحواريين فانتزعهم من أيديهم وسألهم عن عيسى عليه السلام فأخبروه فبايعهم على دينهم وانزل المصلوب فغيبة وأخذ الخشية فأكرمها ثم غزا بني إسرائيل فقتل منهم خلقا عظيما ومنه ظهر أصل النصرانية في الروم ثم جاء بعده ملك آخر يقال له طيطوس وغزا بيت المقدس بعد رفع عيسى عليعالسلام بنحو من اربعين سنة فقتل وسبى ولم يترك في بيت المقدس حجرا على حجر فخرج عند ذلك قريظة والنضير إلى الحجاز .
هذا واصل المكر قيل : الشر ومنه مكر الليل إذا اظلم وقيل : الالتفات ومنه المكور لضرب من الشجر ذي التفات واحده مكر والممكرة من النساء للملتفة الخلق مطريته وفسره البعض بصرف الغير عما يقصده بحيلة وآخرون باختداع الشخص لايقاعه في الضرر وفرقوا بينه وبين الحيلة بأنها قد تكون لاظهار ما يسر من الفعل من غير قصد إلى الاضرار والمكر حيلة على الشخص توقعه في مثل الوهق وقالوا : لا يطلق على الله تعالى إلا بطريق المشاكلة لأنه منزه عن معناه وغير محتاج إلى حيلة فلا يقال ابتداءا مكر الله سبحانه وإلى ذلك ذهب العضد وجماعة وخالفهم الأبهري وغيره فجوزوا الاطلاق بلا مشاكلة مستدلين بقوله تعالى :