أو الموافقة فيما يعد في العرف موافقة ولو لم تكن في المعظم وليست هذه الدعوى من البطلان بحيث لا تخفى على أحد فرد الله تعالى عليهم بقوله سبحانه : وما أنزلت التوراة والانجيل إلا من بعده أي وليسا مشتملين على ذلك وهو من الحري بالذكر لو كان ثم أشار سبحانه إلى ما هم عليه من الحماقة على وجه أتم ثم صرح سبحانه بما اشار أولا فقال : ما كان إبراهيم يهوديا أي من الطائفة اليهودية المخالفة لما جاء به موسى عليه السلام في نفس الامر ولا نصرانيا أي من الطائفة النصرانية المخالفة لما جاء به عيسى عليه السلام كذلك ولكن كان حنيفا مسلما أي على دين الاسلام الذي ليس عند الله مرضي سواه وهو دين جميع الانبياء صلوات الله تعالى وسلامه عليهم وفي ذلك إشارة إلى أن اولئك اليهود والنصارى ليسوا من الدين في شئ لمخالفتهم في نفس الأمر لما عليه النبيان بل الانبياء ثم أشار إلى سبب ذلك بما عرض به من قوله سبحانه : وما كان من المشركين فعلى هذا يكون المسلم : كما قال الجصاص وأشرنا إليه فيما مر مرارا المؤمن ولو من غير هده الامة خلافا للسيوطي في زعمه أن الاسلام مخصوص بهذه الامة هذا ما عندي في هذا المقام فتدبر فلمسلك الذهن اتساع .
سن أولى الناس بإبراهيم أولى أفعل تفضيل من وليه وليا وألفه منقلبة عن ياء لأن فاءه واو فلا تكون لامه واوا إذا ليس في الكلام ما فاؤه ولامه واوان إلا واو وأصل معناه أقرب ومنه ما في الحديث لأولى رجل ذكر ويكون بمعنى أحق كما تقول : العالم بالتقديم وهو المراد هنا أي أقرب الناس وأخصهم بإبراهيم للذين اتبعوه أي كانوا على شريعته في زمانه أو اتبعوه مطلقا فالعطف في قوله سبحانه : وهذا النبي من عطف الخاص على العام وهو معطوف على الموصول قبله الذي خبر إن وقرئ بالنصب عطفا على الضمير المفعول والتقدير للذين اتبعوا إبراهيم واتبعوا هذا النبي وقرئ بالجر عطفا على إبراهيم أي إن أولى الناس بإبراهيم وهذا النبي للذين اتبعوه واعترض بأنه كان ينبغي أن يثني ضمير اتبعوه ويقال : اتبعوهما وأجيب بأنه من باب والله ورسوله أحق أن يرضوه إلا أن فيه على ما قيل الفصل بين العامل والمعمول بأجنبي وقوله تعالى : والذين إمنوا إن كان عطفا على الذين اتبعوه يكون فيه ذلك أيضا وإن كان عطفا على هذا النبي فلا فائدة فيه إلا أن يدعى أنها للتنويه بدكرهم وأما التزام أنه من عطف الصفات بعضها على بعض حينئذ فهو كما ترى ثم إن كون المتبعين لابراهيم عليه السلام في زمانه أولى الناس به ظاهر وكون نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم أولاهم به الموافقة شريعته للشريعة الابراهيمية أكثر من موافقة شرائع سائر المرسلين لها وكون المؤمنين من هذه الامة كذلك لتبعيتهم فيما جاء به ومنه الموافق والله ولي المؤمنين .
86 .
- ينصرهم ويجازيهم بالحسنى كما هو شأن الولي ولم يقل وليهم تنبيها على الوصف الذي يكون الله تعالى به وليا لعباده وهو الايمان بناءا على أن التعليق بالمشتق يقتضي عليه مبدأ الاشتقاق .
ومن ذلك يعلم ثبوت الحكم للنبي بدلالة النص قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال رؤساء اليهودى : الله يا محمد لقد علمت أنا أولى بدين إبراهيم منك ومن غيرك وأنه كان يهوديا وما بك إلا الحسد فأنزل الله تعالى