معنى المتقين للترغيب والترهيب ومزيد تصوير مقامات الأولياء ومراتبهم ليكون حثا لهم على الإنخراط في سلكهم ولابد من ذكر التائبين وإستغفارهم وعدم الإصرار ليكون لطفا لهؤلاء وجميع الفوائد التي ذكرت في قوله سبحانه وتعالى : ومن يغفر الذنوب إلا الله تدخل في المعنى فعلم من هذا أن دلالة ولم يصروا على ما فعلوا مهجورة لأن مقام التحريض والحث أخرج المصرين والحاصل أن شرط دلالة المفهوم هنا منتف فلا يصح الإحتجاج بذلك للمعتزلة أصلا قد خلت أي مضت من قبلكم سنن أي وقائع في الأمم المكذبة أجراها الله تعالى حسب عادته وقال المفضل : إن المراد بها الأمم وقد جاءت السنة بمعنى الأمة في كلامهم ومنه قوله : ما عاين الناس من فضل كفضلكم ولا رأوا مثلكم في سالف السنن وقال عطاء : المراد بها الشرائع والأديان فالمعنى قد مضت من قبلكم سنن وأديان نسخت ولا يخفى أن الأول أنسب بالمقام لأن هذا إما مساق لحمل المكلفين أو آكلي الربا على فعل الطاعة أو على التوبة من المعصية أو على كليهما بنوع غير ما سبقكما قيل وإما عود إلى تفصيل بقية القصة بعد تمهيد مبادي الرشد والصلاح وترتيب مقدمات الفوز والفلاح على رأي وذكر مضى الأديان ليس له كثير إرتباط بذلك وإن زعم بعضهم أن فيه تثبيتا للمؤمنين على دين النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لئلا يهنوا بقول اليهود أن دين موسى عليه السلام لا ينسخ ولا يجوز النسخ على الله تعالى لأنه بداء وتحريضا لليهود وحثا على قبول دين الإسلارم وإنذارا لهم من أن يقع عليهم مثل ما وقع على المكذبين وتقوية لقلوب المؤمنين بأنه سينصرهم على المكذبين نعم إطلاق السنة عل ىالشريعة أقرب من إطلاقها على الوقعة لأنها في الأصل الطريقة والعادة ومنه قولهم : سنة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم والجار والمجرور إما متعلق بخلت أو بمحذوف وقع حالا من سنن أي سنن كائنة من قبلكم فسيروا في الأرض أي بأقدامكم أو بأفهامكم فأنظروا أي تأملوا .
كيف كان عاقبة المكذبين 731 أي آخر أمرهم الذي أدى إليه تكذيبهم لأنبيائهم والفاء للإيذان بسببية الخلو للسير والنظر أو الأمر بهما وقيل : المعنى على الشرط أي إن شككتم فسيروا إلخ والخطاب على كل تقدير مساق للمؤمنين وقال النقاش : للكفاروفيه بعدو كيف خبر مقدملكانمعلق لفعل النظر والجملة في محل النصب بعد نزع الخافض لأن الأصل إستعماله بالجار وتجريد الفعل عن تاء التأنيث لأن المرفوع مجازي التأنيث هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين 831 ألإشارة إما إلى القرآن وهو المروى عن الحسن وقتادةوخدش بأنه بعيد عن السياق وإما إلى ما لخص من أمر الكفار والمتقين والتائبين وقوله سبحانه : قد خلت الآية إعتراض للحث على الإيمان والتقوى والتوبةكما قيلووجه الإعتراض لدفع الإعتراض بأن المعترضة مؤكدة للمعترض فيه وهنا ليس كذلك بأن تلك الآيات واردة على سبيل الترغيب والترهيب لآكلي الربا وهذه الآية دلت على الترهيب ومعناه راجع إلى الترغيب بحسب التضاد كما أن بعض الآيات الواردة في الرحمن للوعيد تعد من الآلاء بحسب الزجر عن المعاصي فيتأتى التوكيد دون نقص وأعترض عليه بأنه تعسف وإما إلى ما سلف من قوله سبحانه : قد خلت إلخ وهو المروى عن أبي إسحاق وأختاره الطبري والبلخي وكثير من المتأخرينوألفي الناس للعهد والمراد بهم المكذبون والظرف إما متعلق ببيان أو بمحذوف