39801 - عن علي قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم الفجر ذات يوم بغلس وكان يغلس ويسفر ويقول : ما بين هذين وقت لكيلا يختلف المؤمنون فصلى بنا ذات يوم بغلس فلما قضى الصلاة التفت إلينا وكأن وجهه ورقة مصحف فقال : أفيكم من رأى الليلة شيئا ؟ قلنا : لا يا رسول الله قال : ولكني رأيت ملكين أتياني الليلة فأخذا بضبعي فانطلقا بي إلى السماء الدنيا فمررت بملك وأمامه آدمي وبيده صخرة فيضرب بها هامة الآدمي فيقع دماغه جانبا وتقع الصخرة جانبا قلت : ما هذا ؟ قالا لي : امضه فمضيت فإذا بملك وأمامه آدمي وبيد الملك كلوب من حديد فيضعه في شدقه الأيمن فيشقه حتى ينتهي إلى أذنه ثم يأخذ في الأيسر فيلتئم الأيمن قلت : ما هذا ؟ قالا لي : امضه فمضيت فإذا أنا بنهر من دم يمور كمور المرجل على فيه قوم عراة على حافة النهر ملائكة بأيديهم مدرتان كلما طلع طالع قذفوه بمدرة فتقع في فيه وينتقل إلى أسفل ذلك النهر قلت : ما هذا ؟ قالا لي : امضه فمضيت فإذا أنا ببيت أسفله أضيق من أعلاه فيه قوم عراة توقد من تحتهم النار فأمسكت على أنفي من نتن ما أجد من ريحهم . قلت : من هؤلاء ؟ قالا لي : امضه فإذا أنا بتل أسود عليه قوم مخبلين تنفخ النار في أدبارهم فتخرج من أفواههم ومناخرهم وآذانهم .
وأعينهم قلت : ما هذا ؟ قالا لي : امضه فمضيت فإذا أنا بنار مطبقة موكل بها ملك لا يخرج منها شيء إلا اتبعه حتى يعيده فيها قلت : ما هذا ؟ قالا لي : امضه فمضيت فإذا أنا بروضة وإذا فيها شيخ جميل لا أجمل منه وإذا حوله الولدان وإذا شجرة ورقها كآذان الفيلة فصعدت ما شاء الله من تلك الشجرة وإذا أنا بمنازل لا أحسن منها من زمردة جوفاء وزبرجدة خضراء وياقوتة حمراء وفيه قدحان وأباريق تطرد .
قلت : ما هذا ؟ قالا لي : انزل فنزلت فضربت بيدي إلى إناء منها فغرفت ثم شربت فإذا أحلى من العسل وأشد بياضا من اللبن وألين من الزبد فقالا لي : أما صاحب الصخرة التي رأيت يضرب بها هامة الآدمي فيقع دماغه جانبا وتقع الصخرة في جانب فأولئك الذين كانوا ينامون عن صلاة العشاء الآخرة ويصلون الصلوات لغير مواقيتها يضربون بها حتى يصيروا إلى النار وأما صاحب الكلوب الذي رأيت ملكا موكلا بيده كلوب من حديد يشق شدقه الأيمن حتى ينتهي إلى أذنه ثم يأخذ في الأيسر فيلتئم الأيمن فأولئك الذين كانوا يمشون بين المؤمنين بالنميمة فيفسدون بينهم فهم يعذبون بها حتى يصيروا إلى النار وأما الملائكة التي بأيديهم مدرتان من النار كلما طلع طالع قذفوه بمدرة فتقع في فيه فينتقل إلى أسفل ذلك النهر فأولئك أكلة الربا يعذبون حتى يصيروا إلى النار وأما البيت الذي رأيت أسفله أضيق من أعلاه فيه قوم عراة يتوقد تحتهم النار أمسكت على أنفك من نتن ما تجد من ريحهم فأولئك الزناة وذلك نتن فروجهم يعذبون حتى يصيروا إلى النار وأما التل الأسود الذي رأيت عليه قوما مخبلين تنفخ النار في أدبارهم فتخرج من أفواههم ومناخرهم وأعينهم وآذانهم فأولئك الذين يعملون عمل قوم لوط الفاعل والمفعول به فهم يعذبون حتى يصيروا إلى النار وأما النار المطبقة التي رأيت ملكا موكلا بها كلما خرج منها شيء اتبعه حتى يعيده فيها فتلك جهنم تفرق من بين أهل الجنة وأهل النار .
وأما الروضة التي رأيتها فتلك جنة المأوى وأما الشيخ الذي رأيت ومن حوله من الولدان فهو إبراهيم وهم بنوه وأما الشجرة التي رأيت فطلعت إليها فيها منازل لا منازل أحسن منها من زمردة جوفاء وزبرجدة خضراء وياقوتة حمراء فتلك منازل أهل عليين من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وأما النهر فهو نهرك الذي أعطاك الله الكوثر وهذه منازل لك ولأهل بيتك .
قال : فنوديت من فوقي : يا محمد يا محمد سل تعطه فارتعدت فرائصي ورجف فؤادي واضطرب كل عضو مني ولم أستطع أن أجيب شيئا فأخذ أحد الملكين يده اليمنى فوضعها في يدي وأخذ الآخر يده اليمنى فوضعها بين كتفي فسكن ذلك مني ثم نوديت : يا محمد سل تعطه قلت : اللهم إني أسألك أن تثبت شفاعتي وأن تلحق بي أهل بيتي وأن ألقاك ولا ذنب لي ثم دلي بي ونزلت علي هذه الآية ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر - إلى قوله : صراطا مستقيما ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : فكما أعطيت هذه كذلك أعطانيها إن شاء الله تعالى .
( كر )