- الحديث السابع : قال عليه السلام في حديث أبي : فإن جاء صاحبها فادفعها إليه وإلا فانتفع بها وكان من المياسير .
قلت : حديث أبي في " الصحيحين " ( 1 ) وفيه : احفظ عددها ووعائها ووكاءها فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها الحديث وقوله : وكان من المياسير ليس من متن الحديث وإنما هو من كلام المصنف وفي " الصحيحين " ( 2 ) ما يرده أخرجا عن أبي طلحة قلت : يا رسول الله إن الله تعالى يقول : { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } وإن أحب أموالي إلي بيرحاء فما ترى يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : اجعلها في فقراء قرابتك فجعلها أبو طلحة في أبي وحسان انتهى . فهذا صريح بأن أبيا كان فقيرا لكن يحتمل أنه أيسر بعد ذلك وقضايا الأحوال متى تطرق إليها الاحتمال سقط منها الاستدلال قال الترمذي ( 3 ) عقيب حديث أبي : والعمل عليه عند أهل العلم وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق قالوا : لصاحب اللقطة أن ينتفع بها إذا كان غنيا ولو كانت اللقطة لا تحل إلا لمن تحل له الصدقة لم تحل لعلي بن أبي طالب وقد أمره عليه السلام بأكل الدينار حين وجده ولم يجد من يعرفه انتهى . وحديث علي هذا الذي أشار إليه أخرجه أبو داود في " سننه " ( 4 ) عن سهل بن سعد أن علي بن أبي طالب دخل على فاطمة وحسن وحسين يبكيان فقال : ما يبكيهما ؟ قالت : الجوع فخرج علي فوجد دينارا بالسوق فجاء فاطمة فأخبرها فقالت : اذهب إلى فلان اليهودي فخذ لنا دقيقا فجاء اليهودي فاشترى به دقيقا فقال اليهودي : أنت ختن هذا الذي يزعم أنه رسول الله ؟ قال : نعم قال : فخذ دينارك والدقيق لك فخرج علي حتى جاء به إلى فاطمة فأخبرها فقالت : اذهب به إلى فلان الجزار فخذ لنا بدرهم لحما فذهب فرهن الدينار بدرهم بلحم فجاء به فعجنت وخبزت وأرسلت إلى أبيها فجاء فقالت : يا رسول الله أذكر لك فإن رأيته حلالا لنا أكلناه من شأنه كذا وكذا فقال : كلوا باسم الله فأكلوا فبيناهم مكانهم إذا غلام ينشد الله والإسلام الدينار فأمر النبي صلى الله عليه وسلّم به فدعي فسأله فقال : سقط مني في السوق فقال النبي صلى الله عليه وسلّم : يا علي اذهب إلى الجزار فقل له : إن رسول الله يقول لك : أرسل إلي بالدينار ودرهمك علي فأرسل به فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلّم إليه انتهى . قال المنذري : واستشكل هذا الحديث من جهة أن عليا أنفق الدينار قبل تعريفه قال : وأحاديث التعريف أكثر وأصح إسنادا ولعل تأويله أن التعريف ليس له صيغة يستدل بها فمراجعته لرسول الله صلى الله عليه وسلّم على ملأ الخلق إعلان به فهذا يؤيد الاكتفاء بالتعريف مرة واحدة انتهى . قلت : رواه عبد الرزاق في " مصنفه " وفيه أنه عرفه ثلاثة أيام فقال : أخبرنا ابن جريج عن أبي بكر بن عبد الله أن شريك بن عبد الله بن أبي نمر أخبره عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن علي بن أبي طالب وجد دينارا في السوق فأتى النبي صلى الله عليه مسلم فقال : عرفه ثلاثة أيام قال : فباعه علي فابتاع منه بثلاثة دراهم شعيرا وبثلاثة دراهم تمرا وقضى ثلاثة دراهم وابتاع بدرهم لحما وبدرهم زيتا وكان الدينار بأحد عشر درهما فلما كان بعد ذلك جاء صاحبه فعرفه فقال له علي : قد أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأكلته فانطلق صاحب الدينار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فذكر ذلك له فقال لعلي : رده إليه فقال : قد أكلته فقال النبي صلى الله عليه وسلّم للرجل : إذا جاءنا شيء أديناه إليك انتهى . وكذلك رواه إسحاق بن راهويه وأبو يعلى الموصلي والبزار في " مسانيدهم " قال البزار : وأبو بكر هذا هو عندي أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة وهو لين الحديث انتهى . ذكره عبد الحق في " أحكامه " من جهة عبد الرزاق ثم قال : وأبو بكر بن أبي سبرة متروك الحديث انتهى .
_________ .
( 1 ) عند البخاري بهذا اللفظ في " اللقطة - هل يأخذ اللقطة ولا يدعها تضيع " ص 329 - ج 1 .
( 2 ) عند البخاري بهذا اللفظ في " الوصايا - باب إذا وقف وأوصى لأقاربه " ص 385 - ج 1 ، وعند مسلم في " الزكاة - باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين " ص 323 .
( 3 ) عند الترمذي في " اللقطة " ص 177 - ج 1 .
( 4 ) عند أبي داود في " اللقطة " ص 240 - ج 1